الرأي

رحل أبو سليمان العالم والأديب

أحمد صالح حلبي
لم تكن الأحرف مقياسا نعبر من خلاله عن محبتنا لشخص ما، ولا الكلمات تعبيرا صادقا عن حزن أصابنا بوفاة عزيز علينا؛ فالتعبير الحقيقي للحزن نراه متمثلا في تلك المحبة التي تركها من غادرنا بذكريات جميلة سكنت القلوب، ونقشت على الصدور حاملة أجمل المواقف، وإن كنا نرثي رحيل الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان - يرحمه الله -، فكلنا سنرحل يوما ما لأنها سنة الحياة، ولا يبقى من الذكرى إلا الأثر الطيب، متمثلا في العمل الذي قدم، والدور الذي أودي، وهذا ما رأيناه متمثلا في العالم والفقيه، والمؤرخ والأديب، والمعلم والعميد، معالي الأستاذ الدكتور عبدالوهاب إبراهيم أبو سليمان -يرحمه الله-، العضو السابق في هيئة كبار العلماء، الذي غيبه الموت يوم أمس الاثنين، فرحل كجسد وبقي علمه وعمله يرويا سيرته العطرة، ويبرزا أثره الطيب الذي زرع في القلوب، وأنامله التي دونت الحروف في العديد من البحوث العلمية والكتب المطبوعة.

والقارئ لسيرة الدكتور أبو سليمان - يرحمه الله - لا يرى فيها شخصية طامعة في منصب، أو باحثة عن مكانة، فقد عرف - يرحمه الله - بابتسامة المشرقة للحياة رغم قساوتها، وتحمله الصعاب والتحديات ليقدم لنا علما ننتفع به، كظم الغيظ وعفا، فأحبه الجميع لقربه منهم، وبعده عن الغرور والكبرياء، عرف بصاحب القلب الكبير المتسع للجميع، والمواقف المؤثرة، والأعمال القيمة.

رحل الدكتور أبو سليمان -يرحمه الله- ليترك لنا قصة معلم أنار الدروب لطلابه ليسعدوا بحياتهم ويفخروا بأعمالهم، ذهب وحيدا تاركا من خلفه قصصا تروى عن أخلاقه وتواضعه، والحب والتقدير الذي لا يموت بالموت العادي.

ورثانا له رثاء لمن سهر الليالي لخدمة الإسلام والمسلمين، فاستحق أن يحصل على جائزة الملك فيصل العالمية في الدراسات الإسلامية عام 2014م/1435هـ.

رحل الدكتور أبو سليمان تاركا إرثا ثمينا من العطاء متمثلا في نتاجه العلمي من كتب الفقه الإسلامي المطبوعة التي بلغت تسع كتب، والبحوث العلمية التي بلغت الأربعة عشر بحثا، إضافة للبحوث المتنوعة المنشورة، وبحوثه في قضايا الزكاة المعاصرة، ودراساته في مناسك الحج.

وقبل الختام أقول رحم الله الدكتور عبدالوهاب، صاحب الوجه البشوش، والابتسامة الدائمة، والقلب الطيب، فاللهم جازه بالإحسان إحسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا، واجعله ممن قلت فيهم (والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا).