الأقزام
الخميس / 24 / شعبان / 1444 هـ - 23:56 - الخميس 16 مارس 2023 23:56
يبلغ متوسط طول الإنسان 168 سم، ولو فرضنا أنه تواجد عدد من الناس في غرفة مغلقة تم غمرها بالماء حتى 168 سم، فسنجد أن الأقل طولا سيغرقون، وسينجو بسهولة الأطول قامة، في حين ستفرز هذه الحالة سلوكيات أخرى، فقصار القامة بين ثلاث حالات، إما أن يجدوا من يرفعهم من طوال القامة، أو أنهم سيغرقون، وتبقى فئة ثالثة متسلقة إما على سيقان الطوال، أو بدوس الصغار واستغلال جثث الغرقى كسلم للصعود.
بعيدا عن وحدات قياس الطول المترية، هناك الطول الأخلاقي والإنساني والقيمي، الذي يفرز سلوكيات مشابهة في الظروف الحياتية المشابهة لتجربة الغرق، فدائما ما نجد في أي بيئة سواء كانت عملا أو تنافسية أو حتى اجتماعية فئات متباينة في الإمكانات والأخلاق، هذا التباين يفرز سلوكا متباينا تجاه الآخر، فعظيم الهمة، حسن الخلق، كريم النفس، يقدم كل ما يستطيع، فيساعد ويشرك الآخرين ويتعاون معهم ويعلي من شأنهم، في حين يسعى الأقزام بين خياري الغرق أو التشبث بأسباب النجاة، مع تفاوت مشروعيتها الأخلاقية، فيستأثرون بكل شيء، ويكتنزون كل ما من شأنه أن يكون أو لا يكون قشة طافية، لعلها تكون المنقذ مستقبلا، مهنتهم الكذب بمستواه المعقد الذي يظهر على شكل حب وحرص ومودة، تمرر من خلاله رسائل البهتان، وتزكية النفس من جهة والحط من قدر الآخرين من جهة أخرى، مستغلين حسن الظن، وفنيات الغيبة، ومهارات الكذب والتدليس.
هؤلاء هم الأرضة الناخرة، التي همها الأول حفر بيتها وتوفير طعامها، ولا يهمها إن انهار الخشب عليها وعلى من معها.
إن السبيل الأمثل، والطريق الأقوم، لمن قصرت به قدرته، البحث عن جوانب قصوره وتطويرها، والتكامل مع من حوله أخذا وعطاء، فحسابات العطاء الأخلاقي، ليست كالمادي المتناقص.
وليس أضر على الكريم من أن يتلفت حوله، فلا يجد إلا اللؤماء المتسلقين، والأغبياء المتفذلكين، فمن الصعب التعرف على أهل الثقة دون تجربة وتمحيص وتقييم، فلابد من التسلح بصحبة الأنقياء، وتطوير الذات، وتجنب النرجسيين المعتدّين بفقاعات الوهم، ومختلقي القصص والبطولات، التي إن مسها الواقع كانت صفرا، والابتعاد عن المتمسكين بالماديات، دقيقي الحسابات، راصدي الزلات.
أحيانا تكون مظاهر الأشياء على درجة من التزييف المتقن يصعب معه إدراك البواطن، ولا بأس من التجاهل والتساهل والتغافل إن كانت العواقب غير مؤثرة، أما إن كانت تمس مفاصل حياتك فلا يعفيك الجهل من تحمل مسؤولياتك، ولابد من معالجة الأمور برفع مستويات الحدس والتقصي الموضوعي دون النزول لسوء والظن والجور فيه كما يقول المثل المصري (أمّن ولا تخوّن).
aziz33@
بعيدا عن وحدات قياس الطول المترية، هناك الطول الأخلاقي والإنساني والقيمي، الذي يفرز سلوكيات مشابهة في الظروف الحياتية المشابهة لتجربة الغرق، فدائما ما نجد في أي بيئة سواء كانت عملا أو تنافسية أو حتى اجتماعية فئات متباينة في الإمكانات والأخلاق، هذا التباين يفرز سلوكا متباينا تجاه الآخر، فعظيم الهمة، حسن الخلق، كريم النفس، يقدم كل ما يستطيع، فيساعد ويشرك الآخرين ويتعاون معهم ويعلي من شأنهم، في حين يسعى الأقزام بين خياري الغرق أو التشبث بأسباب النجاة، مع تفاوت مشروعيتها الأخلاقية، فيستأثرون بكل شيء، ويكتنزون كل ما من شأنه أن يكون أو لا يكون قشة طافية، لعلها تكون المنقذ مستقبلا، مهنتهم الكذب بمستواه المعقد الذي يظهر على شكل حب وحرص ومودة، تمرر من خلاله رسائل البهتان، وتزكية النفس من جهة والحط من قدر الآخرين من جهة أخرى، مستغلين حسن الظن، وفنيات الغيبة، ومهارات الكذب والتدليس.
هؤلاء هم الأرضة الناخرة، التي همها الأول حفر بيتها وتوفير طعامها، ولا يهمها إن انهار الخشب عليها وعلى من معها.
إن السبيل الأمثل، والطريق الأقوم، لمن قصرت به قدرته، البحث عن جوانب قصوره وتطويرها، والتكامل مع من حوله أخذا وعطاء، فحسابات العطاء الأخلاقي، ليست كالمادي المتناقص.
وليس أضر على الكريم من أن يتلفت حوله، فلا يجد إلا اللؤماء المتسلقين، والأغبياء المتفذلكين، فمن الصعب التعرف على أهل الثقة دون تجربة وتمحيص وتقييم، فلابد من التسلح بصحبة الأنقياء، وتطوير الذات، وتجنب النرجسيين المعتدّين بفقاعات الوهم، ومختلقي القصص والبطولات، التي إن مسها الواقع كانت صفرا، والابتعاد عن المتمسكين بالماديات، دقيقي الحسابات، راصدي الزلات.
أحيانا تكون مظاهر الأشياء على درجة من التزييف المتقن يصعب معه إدراك البواطن، ولا بأس من التجاهل والتساهل والتغافل إن كانت العواقب غير مؤثرة، أما إن كانت تمس مفاصل حياتك فلا يعفيك الجهل من تحمل مسؤولياتك، ولابد من معالجة الأمور برفع مستويات الحدس والتقصي الموضوعي دون النزول لسوء والظن والجور فيه كما يقول المثل المصري (أمّن ولا تخوّن).
aziz33@