الرأي

المرأة مصباح المجتمعات

فاطمة محمد الحسيني
من قال إن الإسلام قد همش المرأة أو ضيع حقوقها فهو لا شك لا يعي شيئا من هذا الدين، ولا ريب أن الحركات المتطرفة كان لها دور كبير في الترويج لهذه الأفكار، وساهمت في تشويه صورة الإسلام ومبادئه وعلى رأسها تهميش المرأة وإقصاؤها من الحياة الاجتماعية والمهنية لأغراض لا علاقة لها بهذا الدين، بل إن ديننا الحنيف حرص على حمايتها وحفظ حقوقها، وخصص لها مكانة محفوظة ودعا إلى احترامها وصونها وعدم التعرض لها، بل ساوى بينها وبين الرجل انطلاقا من قوله تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير»، وحتى في الثواب يقول تعالى: «فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى».

الكون بغير المرأة كيف كان سيكون؟

عندما يفتح الإنسان عينية لأول مرة على هذا الكون فسيجد أول من يستقبله أمه (امرأة) لتكون مصدر الحنان والحماية لطفلها مهما كان جنسه، وتقوم بمهمة لا الحبر ولا الأوراق تكفي لسردها، بل وتواصل هذه المرأة الأم كفاحها المستمر على حساب راحتها ولا يغمض لها جفن مقابل اهتمامها ورعايتها لأطفالها، فتصوروا العائلة كيف كانت ستكون دون نبع الحنان ومصدر العطاء؟

إن المرأة هي تلك الألوان الجميلة التي تلون هذا الوجود بكل بصماتها، فهي مصدر قوة عندما تجدها في عملها ومصدر دفء في البيت، لا يمكن الاستغناء عنها، لأنها فعلا ذلك المصباح الذي ينير حياتنا، لذلك أوصانا رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) بهن خيرا عندما قال:» أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم»، كما لا ننسى أن آخر ما قاله قبل وفاته : «أيها الناس، اتقوا الله في النساء، اتقوا الله في النساء، أوصيكم بالنساء خيرا».

وراء كل قصة نجاح امرأة

رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) أول من كان يتحدث عن السيدة خديجة رضي الله عنها باعتبارها امرأة وزوجة وفضلها عليه وعلى الإسلام ولا يكون مجلس إلا ذكرها وتذكرها، كانت مصدر إلهام ونموذجا للمرأة الناجحة التي تزرع نجاحا حيثما حلت، بل كانت لها مواقف يعجز الرجال على اتخاذها في ذلك الزمن، فكانت سيدة أعمال وزوجة وأما ومناضلة اجتماعية وسياسية، روى مجاهد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت: كان رسول الله (صـلى الله علـيه وآله وصحبه وسلم) لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها فذكرها يوما من الأيام فأدركتني الغيرة فقلت: هل كانت إلا عجوزا فقد أبدلك الله خيرا منها فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال: «لا والله ما أبدلني الله خيرا منها، آمنت بي إذ كفر الناس وصدقتني وكذبني الناس وواستني في مالها إذ حرمني الناس ورزقني الله منها أولادا إذ حرمني أولاد النساء» قالت عائشة فقلت في نفسي : لا أذكرها بسيئة أبدا.

وكذلك كانت أمه آمنة التي أحاطته بتحنانها وعطفها وأمومتها، بل إن رسول الله منذ ولادته كان محاطا بهن، فقد تربى عند مرضعته السيدة حليمة ومع أخته من الرضاع الشيماء عند قبيلة بني سعد، كما أحاطته زوجة عمه أبي طالب فاطمة بنت أسد بحبها ورعايتها، فقد كانت بمثابة أم له حتى إن رسول الله كان يناديها أمي تقديرا ومحبة منه لها، ولا ننسى ابنته السيدة فاطمة التي كانت تلقب ببنت أبيها وأم أبيها.

لذلك علينا أن ننظر حولنا لنجد زوجاتنا وأخواتنا وبناتنا، فنحن حقا محاطون بنعمة وبسر النجاح، فعلينا أن ندعمهن ونكون مصدر ثقتهن للتقدم والريادة مثلما كن سببا في نجاحنا.

Elhusseinif@