إن الجهود المخلصة والمباركة التي دأبت رابطة العالم الإسلامي على بذلها لمصلحة الأمة الإسلامية، بما يكفل لها الخير والفلاح والصلاح والمستقبل الزاهر، خصوصا أن معالي أمين عام الرابطة فضيلة الشيخ الدكتور محمد العيسى، بنشاطاته وتحركاته وجهوده المثمرة المستمرة، في اللقاء والتواصل مع علماء ومفتي الأمة الإسلامية، قد صار نموذجا وقدوة على تحمل المسؤولية، وإدارة الأمور ضمن حدود عمله. هذه الجهود التي أثمرت ـ بعون الله ومشيئته وبفيض بركته ـ بإعلان وثيقة مكة المكرمة التي تحققت مرة أخرى للعالم كله، كون الإسلام شجرة طيبة تؤتي أكلها للإنسانية جمعاء، وليس للمسلمين فقط.

وثيقة مكة مرجعية دينية وفكرية لترسيخ قيم الإسلام ومبادئه

وثيقة مكة المكرمة التي منحت الشرف لعلماء ومفتي الأمة الإسلامية من مختلف المذاهب، على أن يتحملوا مسؤوليتهم ويواصلوا الدرب والمسير الذي خطه أسلافهم، عندما أعلنوا وثيقة المدينة التي هي في الحقيقة وثيقة مدنية من نوعها في التاريخ الإنساني. واللافت للنظر هنا، أن وثيقة مكة المكرمة ليست مجرد نشاط إعلامي أو ثقافي محدد، وإنما هي مشروع فكري، ثقافي، حضاري، إنساني، يعكس الماهية المشرقة للإسلام، والأهم من ذلك أن عمل ونشاط علماء الأمة الإسلامية ورموزها البارزة لم تنته بإعلان هذه الوثيقة المباركة، وإنما هي بمثابة بداية لتشمير السواعد والعمل، وإن البند السادس عشر من وثيقة مكة المكرمة قد أكد على ذلك، إذ جاء فيه:

«ترسيخ القيم الأخلاقية النبيلة، وتشجيع الممارسات الاجتماعية السامية: واجب الجميع، وكذلك التعاون في التصدي للتحديات الأخلاقية، والبيئية، والأسرية، وفق المفاهيم الإسلامية والإنسانية المشتركة».

تعزيز الوحدة والتعايش المجتمعي ثمرة من ثمار وثيقة مكة

وفي هذا الصدد، فإنه وبدعوة من رابطة العالم الإسلامي، سيعقد ـ بمشيئة الله تعالى ـ في العاصمة البريطانية لندن من 11 - 12 مارس 2023، لقاء فكري لمناقشة ما يمكن العمل من أجله بصورة جماعية، في سبيل تعزيز الوحدة والتعايش المجتمعي على أساس مبادئ وثيقة مكة، التي تدعو إلى مثل هذا الجهد، كما أوردناه آنفا في البند السادس عشر.

ومن المتوقع أن يحضر هذا اللقاء حوالي 150 مشاركا من الأئمة وقادة المجتمع والزعماء الدينيين المسلمين، من أوروبا والمملكة المتحدة، والذي سيطيب لنا المشاركة فيه.

فهذا اللقاء يهدف إلى تعريف المشاركين بمبادئ وثيقة مكة، وتطبيقها على قضايا العدالة الاجتماعية والاقتصادية التي تهم البشرية جمعاء، ومناقشة أفضل السبل لتطبيق مبادئ الوثيقة لتحقيق أهداف تعزيز الوحدة والتعايش المجتمعي، وإنشاء منتدى للتواصل والتعاون، يعقد بشكل دوري لمتابعة تنفيذ مخرجات هذا التجمع.

هذا اللقاء المهم، خصوصا من حيث تناوله مواضيع بالغة الأهمية، في عالم تسوده الاضطرابات والتناحرات، وهو أحوج ما يكون إلى مثل هذه اللقاءات التي تؤسس للتعايش السلمي والوحدة والتآلف، ونبذ الأفكار والقيم التي تدعو إلى الكراهية والعنف والتطرف والإرهاب.

ونؤكد ختاما، أن العمل لتعزيز الوحدة والتعايش المجتمعي، والسعي ـ بعون الله ومشيئته ـ لتفعيله وتطبيقه على أرض الواقع، هي في الحقيقة واحدة من ثمار وثيقة مكة، التي ستسهم ـ وبصورة فعالة ـ لخير البشرية جمعاء.

sayidelhusseini@