قدسية المكان وتوافق الزمان

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. والصلاة والسلام على خير خلق الله.. محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب. وإنه لمن توفيق الله جلَّ في علاه أن يصدر بفضل الله العدد الأول من صحيفة «مكة المكرمة» هذا اليوم الاثنين الثاني عشر لربيع الأول للعام الهجري 1435، وسبحان الله.. وما تشاؤون إلا أن يشاء الله.. لقد حُددت جملة من مواعيد سابقة لصدور صحيفة مكة فحالت دونها عقبات أخرتها.. ومشكلات أرجأتها حتى أذن الله تبارك وتعالى أن يكون صدورها اليوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول. أسأل الله أن يوفقنا جميعاً لنستلهم من قدسية المكان وتوافق الزمان لنجعل معا من مكة الصحيفة ما يرتقي بها من صحيفة للمكيين إلى صحيفة لكل المسلمين، وهل هناك في الدنيا بقعة تأوي إليها الأفئدة وتتعلق بها القلوب وترنو إليها الأبصار أعظم من مكة؟ ولا يفوتني في هذه المناسبة، وتأسياً برسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن أنسب الفضل إلى أهله، داعياً بالرحمة والمغفرة للرائدين العملاقين اللذين أطلقا منفردين ثم معاً الأعداد الأولى من جريدتي الندوة وحراء، بدءا من السادس والعشرين من فبراير سنة ألف وتسعمئة وثماني وخمسين وإلى ما قبل صدور عددنا الأول من صحيفة مكة.. رحم الله الأستاذين أحمد محمد السباعي وصالح محمد جمال، مترحماً على رجلي الفكر والعمل الأستاذ عبدالله عريف والدكتور محمد عبده يماني اللذين كان لهما السبق والفضل، بعد الله، في العمل الدؤوب على تطوير الصحافة والنشر في مكة المكرمة. جزى الله الجميع عنا كل خير وجعل ما قدموا من عمل مبرور وجهد مشكور في ميزان حسناتهم. كما أتقدم بخالص الثناء وعميق الولاء للرجل الذي وفقه الله توفيقاً عظيما لخدمة مكة المكرمة.. التي يملأ حبها قلبه، ويسكن نورها عينيه وتملك قدسيتها كل جوانحه حتى صارت مكة المكرمة في ضميره الحي جوهرة المدائن، ذلك أنها لله ولرسوله أشرف الأماكن، فجزى الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عما قدم ويقدم لمكة ولأهلها وساكنيها، زوارها ومعتمريها، كل خير وثواب.. وجزاه الله خيرا لرعايته الكريمة وأوجه دعمه العظيمة التي خص بها صحيفة مكة.. دعما ومتابعة، حفظه الله لنا وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني الكريم.. مثمناً في الوقت ذاته المتابعة الحثيثة والتوجيه الدائم من أمير مكة المكرمة السابق خالد الفيصل، وممتنا ومقدرا لأمير مكة المكرمة القادم على أجنحة المحبة والخير، مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز على رعايته لحفل تدشين وإطلاق الصحيفة في نسختيها الورقية والالكترونية.. شاكراً لأخي وزميلي معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة ما قدمه من جهد متواصل وعطاء مستنير ليكون العدد الأول من صحيفة مكة بين أيدي قرائها الأعزاء. أما عن اختيار «مكة» اسماً لهذه الصحيفة فلا يخفى عليكم أن هناك من كان مع التوجه المؤيد لتطوير الصحيفة مع الإبقاء على اسمها السابق «الندوة»، ولعلي وزملائي الأعزاء في صحيفة «مكة» من مساهمين ومجلس إدارة وإدارة وجهاز تحرير وفنيين اتجهنا إلى مسمى صحيفة «مكة»، لأنها اسم البلد الحرام، التي تحتوي على (الندوة و حراء)، وكل ما في مكة من دور أو جبال أو روابٍ أو تلال.. مكة التي وردت في كتاب الله اسماً أو إشارة إليه، فهي كما في القرآن: مكة، بكة، أم القرى، القرية، البلد الأمين، البلد، البلدة، معاد.. ولها أكثر من ثلاثين اسماً لم تذكر... ولكنها معروفة بها. مكة.. التي قال عنها رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «والله إنك لخيرُ أرضٍ وأحبُّ أرضِ الله إلى الله، ولولا أني أُخرجتُ منك ما خرجت». مكة.. التي وُلد على ثراها الطاهر نبيان: إسماعيل عليه السلام، ومحمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم. مكة.. التي أكدت أبحاثُ ودراساتُ المهتمين من الدارسين والباحثين من غير المسلمين ومن المسلمين، أنها قلبُ الدنيا وميزان الأرض. مكة.. التي نزل عليها النورُ وشع منها وطاف.. مكة.. القبلةُ.. والكعبةُ والمسعى والمطاف.. نعم.. مكة.. هو الاسم الذي وقع عليه الاختيار.. وأنا أعلم مدى ارتباط المكيين بمسمى الندوة أو بالرمز حراء، ولكننا لا نريدها صحيفة للمكيين فقط، بل نريدها صحيفة المكيين للدنيا كلّها. وهل هناك اسم تنجذب إليه القلوب وتهنأ لرؤيته العيون كاسم «مكة»؟! إن اقتران اسم صحيفتنا هذه «مكة» يلقي على عاتق كل مسؤولٍ وعامل فيها مسؤولياتٍ مضافة، والتزامات مضاعفة، لذا فاختيارنا اسم «مكة» للصحيفة جاء متناسقاً مع هذه الرؤية، فالهدف أن تكون صحيفة «مكة» قبلة القراء ومقصد الباحثين عن الحقيقة ومنبر المتطلعين إلى الأفضل دائماً. فحتى يكتب الله لنا لقاء.. أسأله عز وجل أن يوفقنا جميعاً لما يحب ويرضى..إنه وليُّ ذلك وهو على كل شيء قدير.