الرأي

الأوراق التجارية الالكترونية - الفراغ التشريعي والحل

عبدالله قاسم العنزي
التطور الهائل في عالم المعلوماتية، وكذلك التجارة الالكترونية، أفرز نوعا جديدا من التعامل غير المسبوق، ألا وهو الأوراق التجارية الالكترونية. تلك الوسائل التي ظهرت نتيجة لحاجة الناس والتي تستخدم كوسائل بديلة أو تضاف إلى الوسائل التقليدية كأداة وفاء لسداد ما يتم شراؤه سواء من خلال التجارة الالكترونية أو لتسديد ثمن السلع والخدمات التي يتم شراؤها بالطرق التقليدية ونحو ذلك.

لقد ظهرت الأوراق التجارية الالكترونية على سطح المعاملات التجارية والمصرفية سيما أنها لا تختلف عن الأوراق التجارية التقليدية من حيث الشكل والمحتوى والوظيفة فكافة البيانات التي يشترط القانون توافرها في الورقة التجارية التقليدية هي ذاتها يجب أن تتحقق في الورقة التجارية الالكترونية ولا تختلف الورقة التجارية التقليدية عن الالكترونية سوى أن الأخيرة معالجة الكترونيا بصورة كلية أو جزئية تتضمن مبلغا من النقود وقابلة لضمان أو التداول بالطرق التجارية ومستحقة الأداء عند الاطلاع وتقوم مقام النقود.

وفي واقع الأمر فإن المنظم السعودي لم يتطرق لمثل هذه التغيرات ولم يشرع لها قواعد تضبط عملية التعامل بها سوى ما نص عليه في نظام المعاملات الالكترونية بالاعتراف بالتوقيع الالكتروني والإعلان الالكتروني والفاتورة الالكترونية واعتبار الدليل الالكتروني حجة في الإثبات، أما الأوراق التجارية مثل الشيك الالكتروني والكمبيالة الالكترونية والسند لأمر الالكتروني لم يتطرق لها المنظم السعودي لا من قريب ولا بعيد سوى قبول التعامل بالسند الأمر الالكتروني عن طريق منصة نافذ وهي معاملة جديدة أنشأتها وزارة العدل تسهيلا لإصدار سند الأمر وفق صحيح النظام ويكون مقبولا شكلا وموضوعا عند محاكم التنفيذ.

أقول: بسبب ظهور التجارة الالكترونية شهدت العمليات المصرفية تقدما ملموسا في مجال السماح لعملاء البنوك بإجراء العمليات المصرفية من خلال شبكات الاتصال الالكترونية وهذه العمليات انتشرت بشكل واسع في الفترة الأخيرة وستتطور تعاملات الناس على مستوى الأفراد والمؤسسات حتى تكون الأوراق التجارية هي الأخرى تعاملا الكترونيا على الصعيدين المحلي والدولي.

إننا نؤكد على أن نكون مجتمعا معلوماتيا وأصحاب اقتصاد رقمي لزيادة الإنتاجية وسرعة والوفاء وزيادة الائتمان التجاري يقتضي أن يكون التشريع السعودي متجددا بكل ما تستجد به المعاملات التجارية والمصرفية، سيما وأن الدولة متوجهة نحو أفق واسع في رؤيتها 2030 وغياب قانون يتماشى مع كافة التغيرات يعد نوعا كم التباطؤ في جودة التبادلات والتعاملات التجارية والاستثمار على الصعيدين المحلي والدولي، سيما أننا نسلم -جدلا- أن العمل بالقاعدة العامة إذا خلا قانون ينظم أحكام الأوراق التجارية الالكترونية فإن النزاع يخضع لما يخضع له التعامل في الأوراق التجارية التقليدية!

ولكن أصبحت الحاجة للأوراق التجارية الالكترونية ضرورة في ظل التغيير الكبير في عالم التكنولوجيا وما استجد من أساليب ومفاهيم لم تكن في الماضي، حيث أصبحت المجتمعات تنظر للتجارة بنظرة الحداثة والتطور والسرعة في المعاملات والتبادلات التجارية لاعتبار أن التجارة الالكترونية تعدت الحدود الإقليمية، ومن هذا المبدأ كان لزاما على المنظم السعودي المبادرة في توضيح القيمة القانونية والكيفية في التعاملات المستقبلية على مستوى الوفاء أو الضمان أو الدفع الالكتروني أو أي تغير آخر يطرأ على التجارة الالكترونية والمعاملات المصرفية.

ختاما: لقد أعطت بعض التشريعات الحجية القانونية الكاملة للأوراق التجارية الالكترونية باعتبارها محررا أسوة بنظيرتها الورقية إذا استوفت شروط المحرر الورقي من حيث الكتابة الالكترونية وشروطها والتوقيع الالكتروني وشروطه، وفي هذا المقال أدعو المنظم السعودي بتشريع يطور نظام التجارة الالكترونية وإضافة قواعد قانونية تنظم وسائل الدفع الالكتروني ومن ضمنها الأوراق التجارية الالكترونية وذلك لتوفير الحماية القانونية للمتعاملين بهذه الأدوات.

expert_55@