الحسابات السياسية في تركيا وسوريا عقب الزلزال
السبت / 27 / رجب / 1444 هـ - 23:18 - السبت 18 فبراير 2023 23:18
شهدت مناطق جنوب تركيا وشمال سوريا زلزالا وحشيا بقوة 7.8 درجات على مقياس ريختر، ويعد هذا الزلزال هو الأقوى في القرن الحادي والعشرين في تلك المنطقة، وخامس أقوى زلزال في العالم في القرن ذاته، حسب هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، ليضيف وجعا آخر على ذاكرة شعوب هذا الشريط الحدودي، بعدما راح ضحيته عشرات الآلاف من الضحايا والمفقودين، وطال الدمار مناطق سكنية بأكملها.
ونتيجة لهذه الكارثة كرست حكومات الدولتين إلى جانب الأطراف النافذة في سوريا، سياساتها تجاه إنقاذ ما يمكن إنقاذه من البشر والحجر ومحاولة ضبط حسابات الخسائر البشرية والمادية وفي أذهانهم الحسابات السياسية التي ستضطرهم إلى توجيه الجهود الإغاثية صوب القواعد الشعبية، لتكون هذه الكارثة حدثا مفصليا في الانتخابات التركية المقبلة وصراع النفوذ على الأرض السورية.
فتركيا تقع على خطين صدعيين، وتعد من المناطق المعرضة للزلازل باستمرار، إذ شهدت 6 زلازل تزيد درجة قوتها عن 6 درجات على مقياس ريختر منذ بداية هذا القرن، وأكثر من 50 زلزالا آخر في القرن الماضي بالدرجة نفسها، كان آخرها كارثة 1999 التي زادت من القواعد الشعبية لحزب العدالة والتنمية الناشئ آنذاك، وكان من مسببات وصوله للسلطة، لذا سيكون هذا الزلزال أحد أهم الأسباب التي قد تغير من سياسة الحزب الحاكم في تركيا بالنظر إلى تحركه في هذه المرحلة، وفق ما تتطلبه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة في منتصف العام الحالي، إذ عمد طوال الأشهر الفائتة إلى تمشيط أجندة المعارضة التركية والقفز عليها بكثير من الخطوات الدبلوماسية والإجراءات الاقتصادية التي كان آخرها خفض سعر الفائدة، ومحادثات التقارب بين تركيا وسوريا برعاية وضغط روسيين، وإعادة توطين المهاجرين السوريين في مناطق الأكراد؛ لذا قد نشهد إعادة لترتيب الحسابات السياسية التركية، بما في ذلك التقارب مع سوريا وموعد عقد الانتخابات التركية، بعدما أصبح التعامل مع آثار الكارثة هو أهم محرك باتجاه صناديق الاقتراع.
أما على الأرض السورية، فقد انشغلت الأطراف الفاعلة في المناطق المتضررة في محاولات السيطرة وإظهار القوة في مناطق النفوذ، خاصة أن النكبة امتدت في مناطق يتقاسمها 27 لاعبا محليا، بما في ذلك التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة والنظام السوري، ومن خلفهم اللاعبون الدوليون، وقد رسمت هذه الفواعل من الكارثة خطا لتصفية الحسابات والمقايضة على المصالح والنفوذ سواء أكان ذلك بين بعض التنظيمات والجماعات وبعضها الآخر أم كانت في مواجهة النظام السوري من خلال إحكام السيطرة على المعابر الإغاثية، ما يعني أن خارطة توزيع التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة الأخرى قد يطالها تغيير في تشكيلها وتوجهاتها التي قد تصل ببعضها، مثل هيئة تحرير الشام، إلى محاولة إضفاء الطابع المدني على التنظيم بعيدا عن الطابع العسكري، بينما يسعى النظام السوري حثيثا إلى تعزيز شرعيته في المناطق الخارجة عن سيطرته من جهة، والتي تمثل ما يقرب من 37% من مساحة البلاد، إضافة إلى محاولته إيجاد مقاربة للانفتاح على محيطه العربي لمحاولة دفع الدول العربية إلى إعادة تقييم مواقفها من الحرب الأهلية في سوريا انطلاقا من زاوية الكارثة.
ويبدو أن ذلك قد تحقق جزئيا بعدما قرر الرئيس التونسي الترفيع من مستوى تمثيل بلاده الدبلوماسي للمرة الأولى منذ 10 سنوات، خاصة أنه اعتبر أن قضية النظام السوري هي قضية شأن داخلي بين السوريين أنفسهم، كما أجرى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اتصالا هاتفيا مع الرئيس السوري بشار الأسد هو الأول من نوعه منذ بدء الحرب الأهلية، وتضامنت الجزائر في مساعداتها الإغاثية مع النظام السوري، وقد لا تكون زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى دمشق آخر تلك التطورات؛ إذ سيكون ملف إعادة إعمار المناطق المتضررة أحد أهم أشغال النظام السوري مع اللاعبين الدوليين في المرحلة المقبلة، وبالتالي قد ينجح في تحويل الكارثة إلى انفراجة نسبية نحو التحرر الجزئي من القيود والعزلة الإقليمية والدولية.
وعلى ضوء ذلك، يمكن القول إن الزلزال كان نقطة ابتداء لتغيير محتمل بدرجة عالية في خرائط السيطرة والنفوذ في سوريا، وبالتالي قد يؤثر أيضا على مستقبل الحرب الأهلية طالما كان هناك توظيف سياسي ناجح لآثاره، كما سيجبر الحزب الحاكم في تركيا على إعادة جميع الحسابات السياسية وفق هاجس الانتخابات التركية، بما قد يطال إعادة تشكيل الأولويات في برنامج عمل الحزب الحاكم الانتخابي وملف إعادة المهاجرين والتقارب مع سوريا وإرجاء موعد الانتخابات التي كان مقرر عقدها في منتصف العام الجاري إلى وقت لاحق حسبما يقتضيه تقييم التعامل مع آثاره، خاصة أن الرئيس التركي إردوغان كان قد لمس أوجه قصور نظامه في الاستجابة للكارثة، وأقر بوجود ثغرات قد تصل إلى درجة تفسرها الانتقادات الشعبية المتصاعدة بالتقاعس.
@9oba_91
ونتيجة لهذه الكارثة كرست حكومات الدولتين إلى جانب الأطراف النافذة في سوريا، سياساتها تجاه إنقاذ ما يمكن إنقاذه من البشر والحجر ومحاولة ضبط حسابات الخسائر البشرية والمادية وفي أذهانهم الحسابات السياسية التي ستضطرهم إلى توجيه الجهود الإغاثية صوب القواعد الشعبية، لتكون هذه الكارثة حدثا مفصليا في الانتخابات التركية المقبلة وصراع النفوذ على الأرض السورية.
فتركيا تقع على خطين صدعيين، وتعد من المناطق المعرضة للزلازل باستمرار، إذ شهدت 6 زلازل تزيد درجة قوتها عن 6 درجات على مقياس ريختر منذ بداية هذا القرن، وأكثر من 50 زلزالا آخر في القرن الماضي بالدرجة نفسها، كان آخرها كارثة 1999 التي زادت من القواعد الشعبية لحزب العدالة والتنمية الناشئ آنذاك، وكان من مسببات وصوله للسلطة، لذا سيكون هذا الزلزال أحد أهم الأسباب التي قد تغير من سياسة الحزب الحاكم في تركيا بالنظر إلى تحركه في هذه المرحلة، وفق ما تتطلبه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة في منتصف العام الحالي، إذ عمد طوال الأشهر الفائتة إلى تمشيط أجندة المعارضة التركية والقفز عليها بكثير من الخطوات الدبلوماسية والإجراءات الاقتصادية التي كان آخرها خفض سعر الفائدة، ومحادثات التقارب بين تركيا وسوريا برعاية وضغط روسيين، وإعادة توطين المهاجرين السوريين في مناطق الأكراد؛ لذا قد نشهد إعادة لترتيب الحسابات السياسية التركية، بما في ذلك التقارب مع سوريا وموعد عقد الانتخابات التركية، بعدما أصبح التعامل مع آثار الكارثة هو أهم محرك باتجاه صناديق الاقتراع.
أما على الأرض السورية، فقد انشغلت الأطراف الفاعلة في المناطق المتضررة في محاولات السيطرة وإظهار القوة في مناطق النفوذ، خاصة أن النكبة امتدت في مناطق يتقاسمها 27 لاعبا محليا، بما في ذلك التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة والنظام السوري، ومن خلفهم اللاعبون الدوليون، وقد رسمت هذه الفواعل من الكارثة خطا لتصفية الحسابات والمقايضة على المصالح والنفوذ سواء أكان ذلك بين بعض التنظيمات والجماعات وبعضها الآخر أم كانت في مواجهة النظام السوري من خلال إحكام السيطرة على المعابر الإغاثية، ما يعني أن خارطة توزيع التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة الأخرى قد يطالها تغيير في تشكيلها وتوجهاتها التي قد تصل ببعضها، مثل هيئة تحرير الشام، إلى محاولة إضفاء الطابع المدني على التنظيم بعيدا عن الطابع العسكري، بينما يسعى النظام السوري حثيثا إلى تعزيز شرعيته في المناطق الخارجة عن سيطرته من جهة، والتي تمثل ما يقرب من 37% من مساحة البلاد، إضافة إلى محاولته إيجاد مقاربة للانفتاح على محيطه العربي لمحاولة دفع الدول العربية إلى إعادة تقييم مواقفها من الحرب الأهلية في سوريا انطلاقا من زاوية الكارثة.
ويبدو أن ذلك قد تحقق جزئيا بعدما قرر الرئيس التونسي الترفيع من مستوى تمثيل بلاده الدبلوماسي للمرة الأولى منذ 10 سنوات، خاصة أنه اعتبر أن قضية النظام السوري هي قضية شأن داخلي بين السوريين أنفسهم، كما أجرى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اتصالا هاتفيا مع الرئيس السوري بشار الأسد هو الأول من نوعه منذ بدء الحرب الأهلية، وتضامنت الجزائر في مساعداتها الإغاثية مع النظام السوري، وقد لا تكون زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى دمشق آخر تلك التطورات؛ إذ سيكون ملف إعادة إعمار المناطق المتضررة أحد أهم أشغال النظام السوري مع اللاعبين الدوليين في المرحلة المقبلة، وبالتالي قد ينجح في تحويل الكارثة إلى انفراجة نسبية نحو التحرر الجزئي من القيود والعزلة الإقليمية والدولية.
وعلى ضوء ذلك، يمكن القول إن الزلزال كان نقطة ابتداء لتغيير محتمل بدرجة عالية في خرائط السيطرة والنفوذ في سوريا، وبالتالي قد يؤثر أيضا على مستقبل الحرب الأهلية طالما كان هناك توظيف سياسي ناجح لآثاره، كما سيجبر الحزب الحاكم في تركيا على إعادة جميع الحسابات السياسية وفق هاجس الانتخابات التركية، بما قد يطال إعادة تشكيل الأولويات في برنامج عمل الحزب الحاكم الانتخابي وملف إعادة المهاجرين والتقارب مع سوريا وإرجاء موعد الانتخابات التي كان مقرر عقدها في منتصف العام الجاري إلى وقت لاحق حسبما يقتضيه تقييم التعامل مع آثاره، خاصة أن الرئيس التركي إردوغان كان قد لمس أوجه قصور نظامه في الاستجابة للكارثة، وأقر بوجود ثغرات قد تصل إلى درجة تفسرها الانتقادات الشعبية المتصاعدة بالتقاعس.
@9oba_91