البراغماتية وأزمة أوكرانيا
الثلاثاء / 16 / رجب / 1444 هـ - 21:39 - الثلاثاء 7 فبراير 2023 21:39
البراغماتية كلمة مشتقة من الإغريقية القديمة (براغما) وتعني العمل، والفلسفة البراغماتية تعد منهجية عملية ومذهبا فكريا تجريبيا، لا يؤمن بالأفكار المجردة أو غير القابلة للتطبيق العملي، ولذا هي صورة مناقضة للأيديولوجيا المؤطرة، وترتكز هذه النظرية على الأفكار التطبيقية الناجحة فكل ما يتحقق بالفعل فهو حق، وقد نشأت هذه الفلسفة في بريطانيا، ولكنها تطورت وأخذت أبعادها في النمو والنضج في الولايات المتحدة وعلى يدي فلاسفة كبار من طراز وليم جيمس وجون ديوي.
تسربت أفكار البراغماتية إلى عمق المنهجية السياسية الأمريكية حتى أصبحت عنوانا لها، وقد تأثرت أوروبا أيضا ومن بعدها العديد من دول العالم بهذه المنهجية العملية، الجدير بالذكر أن البراغماتية تستمد العديد من مبادئها من الميكافيلية الإيطالية الشهيرة: «الغاية تبرر الوسيلة»، ولهذا يطلق عليها البعض مسمى الفلسفة الذرائعية.
منهجية البراغماتيا لا تؤمن كثيرا بالمبادئ الجامدة أو الأيديولوجيا عموما، وإنما تتحرك في مساحات المصالح والمنافع التي يمكن الاستفادة منها، وهذه المنهجية نجدها في طبيعة الحرب الروسية الأوكرانية المستعرة حاليا في أوروبا، هذه المنهجية قد تجمع أحيانا بين المتناقضات، ولكن هذا لا يضيرها ما دام أنها تتحرك في مساحة المنفعة أو المصلحة.
ويعد خبير السياسة الأمريكية هنري كيسنجر أحد رواد هذه المنهجية السياسية في الولايات المتحدة، وقد قدم قبل فترة سلسلة من النصائح إلى البيت الأبيض ترتكز على تحذير واشنطن من مغبة إذلال روسيا؛ لأن ذلك سينعكس سلبا على مكانة الولايات المتحدة ومصالحها الاستراتيجية في أوروبا، وكأنه يقصد أن على واشنطن أن تحسب حساباتها بدقة وتجني منافعها فحسب من الأزمة الأوكرانية وألا تتورط فيما وراء ذلك.
البراغماتية قد تجمع أيضا بين التناقضية في المواقف دون أن تشكل حرجا على المواقف الرسمية، فلو أخذنا على سبيل المثال الموقف الفرنسي من الأزمة، فباريس وهي رأس الاتحاد الأوروبي حاليا، وعضو فاعل في حلف الناتو الذي يقف وراء أوكرانيا في حربها المشتعلة مع روسيا لا يتوانى عن التصريح بإجراء اتصالات رسمية على مستوى القيادة مع الكرملين وفي نفس الوقت تعلن عن إرسال شحنات أسلحة إلى أوكرانيا، وحتى تخرج من التناقضية فهي تعلل سلوكها من باب مشروعية الأوكرانيين في الدفاع عن أراضيهم، وهذا السلوك يتكرر أيضا مع ألمانيا فهي تقوم بمنهجية مماثلة للسلوك الفرنسي لا سيما أنها ترتبط بعلاقة الطاقة والغاز الرخيص مع موسكو ولديها الإرادة أن تعود طبيعة علاقتها السابقة مع الكرملين.
ما يحصل في أوروبا تجاه الأزمة الأوكرانية لفت نظر الأستاذ سليمان جودة إلى أن البراغماتية موجودة قديما في تراثنا السياسي العربي، ويقصد المقولة الشهيرة لمؤسس الدولة الأموية معاوية بن أبي سفيان حينما قال: «لو كان بيني وبين الناس شعرة لما انقطعت، فإن أرخوها شددتها وإن شدوها أرخيتها»، هذه المقولة براغماتية بامتياز وقد اشتهرت في الأدبيات العربية بشعرة معاوية كأنموذج إداري في التعامل مع الجماهير، فمن زاوية أخرى تعد شعرة معاوية منهجية براغماتية لجلب المنفعة دون قطع العلاقة مع الآخر، وهذا ما ينتهجه الغرب في تعامله مع الأزمة الأوكرانية.
albakry1814@
تسربت أفكار البراغماتية إلى عمق المنهجية السياسية الأمريكية حتى أصبحت عنوانا لها، وقد تأثرت أوروبا أيضا ومن بعدها العديد من دول العالم بهذه المنهجية العملية، الجدير بالذكر أن البراغماتية تستمد العديد من مبادئها من الميكافيلية الإيطالية الشهيرة: «الغاية تبرر الوسيلة»، ولهذا يطلق عليها البعض مسمى الفلسفة الذرائعية.
منهجية البراغماتيا لا تؤمن كثيرا بالمبادئ الجامدة أو الأيديولوجيا عموما، وإنما تتحرك في مساحات المصالح والمنافع التي يمكن الاستفادة منها، وهذه المنهجية نجدها في طبيعة الحرب الروسية الأوكرانية المستعرة حاليا في أوروبا، هذه المنهجية قد تجمع أحيانا بين المتناقضات، ولكن هذا لا يضيرها ما دام أنها تتحرك في مساحة المنفعة أو المصلحة.
ويعد خبير السياسة الأمريكية هنري كيسنجر أحد رواد هذه المنهجية السياسية في الولايات المتحدة، وقد قدم قبل فترة سلسلة من النصائح إلى البيت الأبيض ترتكز على تحذير واشنطن من مغبة إذلال روسيا؛ لأن ذلك سينعكس سلبا على مكانة الولايات المتحدة ومصالحها الاستراتيجية في أوروبا، وكأنه يقصد أن على واشنطن أن تحسب حساباتها بدقة وتجني منافعها فحسب من الأزمة الأوكرانية وألا تتورط فيما وراء ذلك.
البراغماتية قد تجمع أيضا بين التناقضية في المواقف دون أن تشكل حرجا على المواقف الرسمية، فلو أخذنا على سبيل المثال الموقف الفرنسي من الأزمة، فباريس وهي رأس الاتحاد الأوروبي حاليا، وعضو فاعل في حلف الناتو الذي يقف وراء أوكرانيا في حربها المشتعلة مع روسيا لا يتوانى عن التصريح بإجراء اتصالات رسمية على مستوى القيادة مع الكرملين وفي نفس الوقت تعلن عن إرسال شحنات أسلحة إلى أوكرانيا، وحتى تخرج من التناقضية فهي تعلل سلوكها من باب مشروعية الأوكرانيين في الدفاع عن أراضيهم، وهذا السلوك يتكرر أيضا مع ألمانيا فهي تقوم بمنهجية مماثلة للسلوك الفرنسي لا سيما أنها ترتبط بعلاقة الطاقة والغاز الرخيص مع موسكو ولديها الإرادة أن تعود طبيعة علاقتها السابقة مع الكرملين.
ما يحصل في أوروبا تجاه الأزمة الأوكرانية لفت نظر الأستاذ سليمان جودة إلى أن البراغماتية موجودة قديما في تراثنا السياسي العربي، ويقصد المقولة الشهيرة لمؤسس الدولة الأموية معاوية بن أبي سفيان حينما قال: «لو كان بيني وبين الناس شعرة لما انقطعت، فإن أرخوها شددتها وإن شدوها أرخيتها»، هذه المقولة براغماتية بامتياز وقد اشتهرت في الأدبيات العربية بشعرة معاوية كأنموذج إداري في التعامل مع الجماهير، فمن زاوية أخرى تعد شعرة معاوية منهجية براغماتية لجلب المنفعة دون قطع العلاقة مع الآخر، وهذا ما ينتهجه الغرب في تعامله مع الأزمة الأوكرانية.
albakry1814@