إشكالية تحديد مفهوم النظام العام
الاحد / 14 / رجب / 1444 هـ - 22:30 - الاحد 5 فبراير 2023 22:30
تعد قضية المصطلحات وخصوصا القانونية هي محل بحث واطلاع المختصين؛ لأن المصطلح القانوني هو عصب النص القانوني وعلة استقامة معناه وجلاء مضمونة ولذلك كثيرا ما نقرأ ونسمع بمصطلح النظام العام أو مخالفة النظام العام أو المساس بالنظام العام ونجد عقوبات تترتب على هذا المصطلح المشكل في ذاته فما هو مصطلح النظام العام الذي يطرحه المشرعون في القوانين؟
لقد ارتبط النظام العام بوجود الإنسان لا سيما خلال المراحل التي بدأ يعرف فيها التنظيم الأسري والاجتماعي، حيث تدرج في تكوين وتنظيم الأسرة فالعائلة ثم القبيلة أو العشيرة فالدولة؛ لذلك فالنظام العام ظهر في العصر القديم وعايش كل المراحل التاريخية ولكنه تغير وتطور فاختلفت مفاهيمه ومظاهره من فترة لأخرى إلى أن أصبحت له تطبيقات قانونية في العصر الحديث.
ولقد ولدت فكرة النظام العام في الفقه القانوني المعاصر في حضن المبادئ الاجتماعية التي تدعو إلى تفضيل مصلحة الجماعة على حساب مصلحة الفرد ومن المعروف تاريخيا أن المذهب الفردي استبق إلى تكريس حرية الفرد وتمجيده على حساب حرية ومصالح الجماعة! وبالتالي لم يكن النظام العام سائدا خلال مرحلة سيادة هذا المذهب الذي يقوم على تغليب حرية ومصلحة الفرد.
إن النتيجة التي خرج منها الفقهاء وشراح القانون هي أن مصطلح النظام العام مرن وغامض رغم سعي جميع القوانين خلفه دون أن يتم احتواؤه وتحديده بدقة أو تعريفه تعريفا جامعا مانع، إذ أن فكرة النظام العام من المسائل المكرسة والمطبقة في القواعد القانونية سواء كانت لفروع القانون العام أو فروع القانون الخاص وغني عن القول أن تطبيقات النظام العام في القانون واسعة لا يمكن حصرها.
ولم يظهر النظام العام كمصطلح حديث في العصر الوسيط، ولكن ظهر في صور ومضامين وتطبيقات شرعية وفقهية استبقت إليها الشريعة والفقه الإسلامي كل من الفقه والقانون الوضعي حيث ارتبط معناه بالعدل والمصلحة المعتبرة شرعا والحكم القطعي الشرعي فقد استخلص البعض أن النظام العام لا يمكن أن يخرج عن ثلاثة أفكار رئيسة وهي: فكرة حق الله، وفكرة الحكم الشرعي أو الحلال والحرام، وفكرة المصلحة، ويذهب فقهاء القانون الوضعي إلى أن كل ما يرتبط بمصلحة عامة تمس النظام الأعلى للمجتمع سواء كانت هذه المصلحة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، وقيل هي مجموعة النظام والقواعد التي قصد بها إلى المحافظة على حسن سير المصالح العامة في الدولة وإلى ضمان الأمن والأخلاق في المعاملات بين الأفراد بحيث لا يجوز للأفراد أن يستبعدوها في اتفاقاتهم.
ولفقيه القانون المدني عبدالرزاق السنهوري كلام في تعريف النظام العام ولكنه لا يخرج عمن سبقه من الفقهاء حيث يقول «إنه القواعد القانونية التي تعتبر من النظام العام هي قواعد يقصد بها تحقيق مصلحة عامة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصلحة الأفراد فيجب على جميع الأفراد مراعاة هذه المصلحة وتحقيقها ولا يجوز لهم أن يناهضوها باتفاقات فيما بينهم حتى ولو حققت لهم مصالح فردية؛ لأن المصالح الفردية لا تقوم أمام المصلحة العامة».
وعلى أية حال فإن ليس لدينا مقولة نقولها في تعريف النظام العام جامعة مانعة وبحسبك حينما قال القضاة الإنجليز حول النظام العام «إنك إذا حاولت تعريف النظام العام فإنما تركب حصانا جامحا لا تدري بأي أرض سيلقي بك!!»
وأسباب صعوبة تحديد مفهوم جامع مانع للنظام العام الاختلاف في المرجعية الدينية والخلقية والنهج الاقتصادي والاجتماعي، حيث يختلف النظام العام من زمان إلى آخر ومن بلد لآخر ويتغير ويتأثر باختلاف المرجعية الدينية والخلقية ومفاد ذلك أن مبادئ الديانة والأخلاق تظهر في القواعد الوضعية الناظمة لمصالح المجتمع ولا يمكن القفز عليها وتقنيتها في قواعد قانونية مستقلة.
expert_55@
لقد ارتبط النظام العام بوجود الإنسان لا سيما خلال المراحل التي بدأ يعرف فيها التنظيم الأسري والاجتماعي، حيث تدرج في تكوين وتنظيم الأسرة فالعائلة ثم القبيلة أو العشيرة فالدولة؛ لذلك فالنظام العام ظهر في العصر القديم وعايش كل المراحل التاريخية ولكنه تغير وتطور فاختلفت مفاهيمه ومظاهره من فترة لأخرى إلى أن أصبحت له تطبيقات قانونية في العصر الحديث.
ولقد ولدت فكرة النظام العام في الفقه القانوني المعاصر في حضن المبادئ الاجتماعية التي تدعو إلى تفضيل مصلحة الجماعة على حساب مصلحة الفرد ومن المعروف تاريخيا أن المذهب الفردي استبق إلى تكريس حرية الفرد وتمجيده على حساب حرية ومصالح الجماعة! وبالتالي لم يكن النظام العام سائدا خلال مرحلة سيادة هذا المذهب الذي يقوم على تغليب حرية ومصلحة الفرد.
إن النتيجة التي خرج منها الفقهاء وشراح القانون هي أن مصطلح النظام العام مرن وغامض رغم سعي جميع القوانين خلفه دون أن يتم احتواؤه وتحديده بدقة أو تعريفه تعريفا جامعا مانع، إذ أن فكرة النظام العام من المسائل المكرسة والمطبقة في القواعد القانونية سواء كانت لفروع القانون العام أو فروع القانون الخاص وغني عن القول أن تطبيقات النظام العام في القانون واسعة لا يمكن حصرها.
ولم يظهر النظام العام كمصطلح حديث في العصر الوسيط، ولكن ظهر في صور ومضامين وتطبيقات شرعية وفقهية استبقت إليها الشريعة والفقه الإسلامي كل من الفقه والقانون الوضعي حيث ارتبط معناه بالعدل والمصلحة المعتبرة شرعا والحكم القطعي الشرعي فقد استخلص البعض أن النظام العام لا يمكن أن يخرج عن ثلاثة أفكار رئيسة وهي: فكرة حق الله، وفكرة الحكم الشرعي أو الحلال والحرام، وفكرة المصلحة، ويذهب فقهاء القانون الوضعي إلى أن كل ما يرتبط بمصلحة عامة تمس النظام الأعلى للمجتمع سواء كانت هذه المصلحة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، وقيل هي مجموعة النظام والقواعد التي قصد بها إلى المحافظة على حسن سير المصالح العامة في الدولة وإلى ضمان الأمن والأخلاق في المعاملات بين الأفراد بحيث لا يجوز للأفراد أن يستبعدوها في اتفاقاتهم.
ولفقيه القانون المدني عبدالرزاق السنهوري كلام في تعريف النظام العام ولكنه لا يخرج عمن سبقه من الفقهاء حيث يقول «إنه القواعد القانونية التي تعتبر من النظام العام هي قواعد يقصد بها تحقيق مصلحة عامة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصلحة الأفراد فيجب على جميع الأفراد مراعاة هذه المصلحة وتحقيقها ولا يجوز لهم أن يناهضوها باتفاقات فيما بينهم حتى ولو حققت لهم مصالح فردية؛ لأن المصالح الفردية لا تقوم أمام المصلحة العامة».
وعلى أية حال فإن ليس لدينا مقولة نقولها في تعريف النظام العام جامعة مانعة وبحسبك حينما قال القضاة الإنجليز حول النظام العام «إنك إذا حاولت تعريف النظام العام فإنما تركب حصانا جامحا لا تدري بأي أرض سيلقي بك!!»
وأسباب صعوبة تحديد مفهوم جامع مانع للنظام العام الاختلاف في المرجعية الدينية والخلقية والنهج الاقتصادي والاجتماعي، حيث يختلف النظام العام من زمان إلى آخر ومن بلد لآخر ويتغير ويتأثر باختلاف المرجعية الدينية والخلقية ومفاد ذلك أن مبادئ الديانة والأخلاق تظهر في القواعد الوضعية الناظمة لمصالح المجتمع ولا يمكن القفز عليها وتقنيتها في قواعد قانونية مستقلة.
expert_55@