إن للكعبة المشرفة مكانة مقدسة لدى المسلمين، فهي بيت الله المعمور، الذي يحج إليه المسلمون من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم وليرفعوا أصواتهم تلبية وتهليلا وتكبيرا وتعظيما وحمدا لله، كما أن للبيت قصة متجذرة في التاريخ تعود إلى آلاف وآلاف السنين، وفي القرآن ذكر للبيت، إذ يقول المولى عز وجل: «وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم»، ومن هنا تحظى الكعبة المشرفة بمقام عظيم في قلوبنا تجعلنا نهتم بها وبكل تفاصيلها، فكلما نظرنا إليها نظرة سمت قلوبنا وحلقت أرواحنا عشقا وغراما، كيف لا؟ وأبصارنا تحدق بالبيت العتيق الذي جعله الله مباركا وهدى للعالمين «إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين».

بلاد الحرمين تبذل الغالي والنفيس عناية واهتماما بالبيت العتيق

إن بلاد الحرمين الشريفين اسم على مسمى فهي تقوم بخدمة الحرمين وتعظيمهما والقيام بكل ما يلزم من أجل العناية بهما على أكمل وجه، ويحرص على ذلك ملوك وأمراء أسرة آل سعود الكرام أبا عن جد، بل ويشرفون بأنفسهم على إنجاز العمل وتنفيذه وتطويره، وعلى رأس ذلك ما أمر بتأسيسه المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود من باب التعظيم والتكريم، فقد أمر بإنشاء دار خاصة لصناعة كسوة الكعبة في منتصف عام 1927م- 1346هـ، واستمر العمل في إنشاء كسوة الكعبة المشرفة إلى أن تم تجديد المصنع وتحديثه، فافتتح في عام 1976م- 1397هـ بأم الجود بمكة المكرمة، وزود المصنع بالآلات الحديثة لتحضير النسيج وأحدث قسم للنسيج الآلي مع الإبقاء على أسلوب الإنتاج اليدوي لما له من قيمة فنية عالية.

وإضافة إلى إنتاج كسوة الكعبة المشرفة كل عام، فإن المجمع ينتج أيضا الكسوة الداخلية للكعبة المشرفة والكسوة الداخلية للحجرة النبوية الشريفة.

زيارتنا لمصنع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة تعظيما لشعائر الله

وإن من نعم الله علينا أن كرمنا بزيارة مصنع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة؛ لنرى بأم العين كيف يتم خياطة كسوة الكعبة وبهذه العناية والدقة والجودة، بل وبكل حب لنكون أمام هذه الكسوة السوداء المرصعة بالخيوط الذهبية التي كتبت بها آيات مباركات بالخط الثلث الجلي المركب في لوحة فنية تشد مرأى العالم.

ولدى زيارتنا للمصنع ساهمنا بشيء من الحياكة والخياطة لكسوة الكعبة المشرفة، ليكون مصداقا وعملا بقول الله تعالى: «ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب»، فتكريم وتعظيم الكعبة المشرفة ماديا ومعنويا أمر مطلوب ومحبوب وفيه رضا لله عز وجل، ومن حظي به فقد فاز فوزا عظيما.

ونتوجه في الختام بالدعاء للملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود ولإخوانه ولكل من أسهم بهذا العمل العظيم بالرحمة والمغفرة وجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير جزاء المحسنين.

sayidelhusseini@