الغرب وحقيقة دولته العميقة
الثلاثاء / 17 / جمادى الآخرة / 1444 هـ - 21:52 - الثلاثاء 10 يناير 2023 21:52
هل «الدولة العميقة» في الذهن والواقع الغربي حقيقة ولها وجود فعلي أم أنها مجرد نظرية من نظريات المؤامرة ولا يوجد أي دليل مادي يؤكد وجودها؟ ولكن إذا ثبت وجودها فما هي عقيدة هذه «الدولة» التي تتبناها وترعاها؟ وهل يشمل فضلها المزعوم الجميع أم أنه يختص بالغرب وحده دون غيره؟ ثم ما هو مصير من يتمرد على هذه العقيدة ويخالفها حتى لو كان ينتمي للغرب نفسه؟
أسئلة بحاجة ماسة إلى أجوبة ولكن قبل التطرق لهذه الأجوبة دعونا أولا نطرح تعريف «الدولة العميقة» لمن يجهله.
«الدولة العميقة» أو (Deep State) بتعريف مبسط هي عبارة عن أجهزة حكم خفية وغير منتخبة تتحكم بمصير الدولة وهدفها المتداول داخل دوائرها المغلقة الحفاظ على مصالح الدولة والمجتمع «كما تراها هي» حتى لو أدى ذلك الحفاظ لمناقضة الشعارات والقيم التي ترفعها البيئة الحاضنة لها وتدعو لها وتحث الآخرين على التمسك بها.
ولتعميق الحديث أكثر فإن مما هو معلوم تاريخيا بأن الغرب قسم العالم إلى قسمين قسم يمثله هو وأطلق عليه وصف «العالم الحر» وآخر يرى أنه يناقضه تماما ويمكننا أن نطلق عليه وصف «العالم المتوحش» كتعبير مجاز مقارب جدا لنظرة وتقييم الغرب له.
وسبب هذا التقسيم أن الغرب يرى نفسه مثالا للتحضر والتقدم والتطور الذي يستحق وحده التعامل الإنساني الراقي والعيش الكريم والتمتع بالحقوق السماوية والوضعية في حين أنه يرى الطرف المقابل طرفا همجيا ومتخلفا ورجعيا وغير جدير بأن يعامل معاملة منصفة وعادلة ما جعله يلجأ لاستعمار الكثير من بلدانه ونهب جل خيراته وممارسة شتى أنواع التنكيل بحقه وبحق شعوبه وهو نهج لا زال يمارسه بصورة مباشرة أو غير مباشرة رغم مخالفته الصريحة لكل شعاراته التي يزايد على العالم بها.
وهذه المفارقة في النظرة والتقييم والتعامل تظهر بكل وضوح بأن وجود «الدولة العميقة» في الغرب هو وجود قابل للتصديق وقابل لأن يكون حقيقة لا تقبل التشكيك خاصة وأن إرهاصات الواقع وحقائق التاريخ تدعم هذا التوقع.
ومما يرجح أيضا وجود هكذا «دولة» السلوك الإعلامي الغربي برمته الذي تقول معظم شواهده ومختلف مجرياته أنه يتبنى أيديولوجية متطرفة معادية لنا ولجميع قيمنا وأعرافنا وهي أيديولوجية تدعم قولا وفعلا في حقيقتها التوجه الخاص لهذه «الدولة» محور الحديث الذي تقول قاعدته الرئيسة أن كل من يخالف منهجها ورؤيتها حتى لو كان من الغربيين أنفسهم سيكون عرضة لأسوأ حملات التشويه والترهيب ولن يشفع له انتماؤه الغربي مهما علا مقامه وارتفعت مكانته.
ولنا في بعض المواقف الحديثة التي اتخذها بعض الغربيين ذوي الشأن كترامب وإيلون ماسك خير مثال على ذلك حيث اعتبرت مواقفهما مواقف خارجة عن السياق المطلوب اتباعه والمنهج المراد تطبيقه فتم شن حرب ضروس عليهما لا تزال أصداؤها تعج بها ردهات وكواليس المشهد الإعلامي والسياسي والاجتماعي الغربي الذي تدعمه وتشجعه على شن هكذا حرب الكثير من الجهات وعلى رأسها بعض المنظمات الدولية (المؤسسة غربيا) كهيئة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرها من الهيئات والمنظمات.
وأهم ما يستفاد من طرح هذا الموضوع وتسليط الضوء عليه يكمن في ضرورة التيقظ والحذر عند التعامل مع الغرب وألا تكون ثقتنا بمواقفه وأقواله ثقة عمياء فالحظيظ كما يقال من اتعظ بغيره خاصة وأن وجود هذه «الدولة العميقة» الغربية يشهد الواقع بأنه بات شبه مؤكد ما يجعل الحكم القاطع بعدم وجودها ضربا من المراهقة السياسية إن لم يكن ضربا من السذاجة والغباء.
ahmedbanigais@
أسئلة بحاجة ماسة إلى أجوبة ولكن قبل التطرق لهذه الأجوبة دعونا أولا نطرح تعريف «الدولة العميقة» لمن يجهله.
«الدولة العميقة» أو (Deep State) بتعريف مبسط هي عبارة عن أجهزة حكم خفية وغير منتخبة تتحكم بمصير الدولة وهدفها المتداول داخل دوائرها المغلقة الحفاظ على مصالح الدولة والمجتمع «كما تراها هي» حتى لو أدى ذلك الحفاظ لمناقضة الشعارات والقيم التي ترفعها البيئة الحاضنة لها وتدعو لها وتحث الآخرين على التمسك بها.
ولتعميق الحديث أكثر فإن مما هو معلوم تاريخيا بأن الغرب قسم العالم إلى قسمين قسم يمثله هو وأطلق عليه وصف «العالم الحر» وآخر يرى أنه يناقضه تماما ويمكننا أن نطلق عليه وصف «العالم المتوحش» كتعبير مجاز مقارب جدا لنظرة وتقييم الغرب له.
وسبب هذا التقسيم أن الغرب يرى نفسه مثالا للتحضر والتقدم والتطور الذي يستحق وحده التعامل الإنساني الراقي والعيش الكريم والتمتع بالحقوق السماوية والوضعية في حين أنه يرى الطرف المقابل طرفا همجيا ومتخلفا ورجعيا وغير جدير بأن يعامل معاملة منصفة وعادلة ما جعله يلجأ لاستعمار الكثير من بلدانه ونهب جل خيراته وممارسة شتى أنواع التنكيل بحقه وبحق شعوبه وهو نهج لا زال يمارسه بصورة مباشرة أو غير مباشرة رغم مخالفته الصريحة لكل شعاراته التي يزايد على العالم بها.
وهذه المفارقة في النظرة والتقييم والتعامل تظهر بكل وضوح بأن وجود «الدولة العميقة» في الغرب هو وجود قابل للتصديق وقابل لأن يكون حقيقة لا تقبل التشكيك خاصة وأن إرهاصات الواقع وحقائق التاريخ تدعم هذا التوقع.
ومما يرجح أيضا وجود هكذا «دولة» السلوك الإعلامي الغربي برمته الذي تقول معظم شواهده ومختلف مجرياته أنه يتبنى أيديولوجية متطرفة معادية لنا ولجميع قيمنا وأعرافنا وهي أيديولوجية تدعم قولا وفعلا في حقيقتها التوجه الخاص لهذه «الدولة» محور الحديث الذي تقول قاعدته الرئيسة أن كل من يخالف منهجها ورؤيتها حتى لو كان من الغربيين أنفسهم سيكون عرضة لأسوأ حملات التشويه والترهيب ولن يشفع له انتماؤه الغربي مهما علا مقامه وارتفعت مكانته.
ولنا في بعض المواقف الحديثة التي اتخذها بعض الغربيين ذوي الشأن كترامب وإيلون ماسك خير مثال على ذلك حيث اعتبرت مواقفهما مواقف خارجة عن السياق المطلوب اتباعه والمنهج المراد تطبيقه فتم شن حرب ضروس عليهما لا تزال أصداؤها تعج بها ردهات وكواليس المشهد الإعلامي والسياسي والاجتماعي الغربي الذي تدعمه وتشجعه على شن هكذا حرب الكثير من الجهات وعلى رأسها بعض المنظمات الدولية (المؤسسة غربيا) كهيئة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرها من الهيئات والمنظمات.
وأهم ما يستفاد من طرح هذا الموضوع وتسليط الضوء عليه يكمن في ضرورة التيقظ والحذر عند التعامل مع الغرب وألا تكون ثقتنا بمواقفه وأقواله ثقة عمياء فالحظيظ كما يقال من اتعظ بغيره خاصة وأن وجود هذه «الدولة العميقة» الغربية يشهد الواقع بأنه بات شبه مؤكد ما يجعل الحكم القاطع بعدم وجودها ضربا من المراهقة السياسية إن لم يكن ضربا من السذاجة والغباء.
ahmedbanigais@