ثروات موات الأرض في أطراف المدن
الثلاثاء / 17 / جمادى الآخرة / 1444 هـ - 21:49 - الثلاثاء 10 يناير 2023 21:49
مجتمع الجزيرة العربية بكل تكويناته السياسية والاقتصادية القائمة مجتمع بسيط غير مركب تغلب عليه وعلى تصرفاته وعلاقاته العفوية المباشرة، وهي عفوية وبساطة عززتها في القديم ظروف الحياة المفتوحة على امتداد الصحراء التي تميز جغرافية الأرض وتوثر في سلوك سكانها، وتجعل التعامل في مستوى الندية والمساواة بين الناس باختلاف مواقعهم من الحياة التي يعيشونها، فهم لا يعرفون التراتبية التي توجد في بعض الشعوب والأمم ولا اعتبار لفارق المكانة الاجتماعية أو الاقتصادية؛ فالغني والفقير والصغير والكبير لا تجد بينهم تمايزا أو فواصل اجتماعية متفاوتة في التعامل اليومي.
ولا اختلاف في المسكن أو الموقع فقد تجد المنزل المتواضع في جوار القصر الشامخ، والاختلاط في النوادي والمجالس مشترك لا يميز فيه أحد عن غيره، وسبب هذا الحال طبيعة الثقافة ومفهوم قيمة الإنسان بذاته، وليس ما يكون فيه من وضع اجتماعي أو مادي، فالعرب منذ القدم تأصلت في ثقافتهم الذات المستقلة بحقوقها ضمن الجماعة التي تنتمي إليها، وفي هذه الثقافة لا تعتبر فوارق المال ولا فوارق النسب والحسب أمرا ذا شأن، وإنما الاعتبار المقدس عندهم هو النفع الذي يضطلع به الإنسان ضمن ما تحققه جهوده للجماعة وما له من قدرات خاصة تكون محل احترام الجميع وتقديرهم، وكل جماعة تكون دائرتها مفتوحة قابلة للتمدد والاتساع، وهو كما يرى الدارسون لشأن التقاليد العربية جزءا من الحرية التي ارتبط بها العربي وآمن بحقه كفرد ومشروعية الاستقلال الذي لا يساوم عليها حتى ولو كان في أسفل السلم الاجتماعي.
ويكاد يكون هذا الحال سائدا عند أهل الجزيرة العربية وسكانها إلى وقت قريب، حتى فتحت أبواب التواصل العالمي والثقافات الوافدة وأصبح العرب أهل الجزيرة يتعاملون مع غيرهم من الناس ويرون ما هم فيه من الاختلاف الطبقي والتمايز الاجتماعي والتقاليد المرعية التي تضع الفواصل بين فئات المجتمع الواحد، فهناك طبقة الأثرياء الأغنياء والطبقة الوسطى والطبقات العاملة وغيرها من التصنيفات الاجتماعية، وكل طبقة من هذه الطبقات لها حدودها ووظائفها وحتى مواقعها وتشابك مصالحها التي تحارب من أجل استمرارها والحفاظ عليها.
ولم ينج جيل العرب الشباب من هذا الطيف القادم من الغرب لا سيما في دول الخليج العربي التي نالت بعض الفئات فيها حظا كبيرا من الثروة الطائلة، وهي ثروة جاءت إليهم بيسر وسهولة وقد بدأت تظهر على سطح المجتمع ظاهرة الطبقة الثرية التي تحاول التميز بثرائها واختلاف معاشها والاعتزاز بثروتها لا سيما محدثو النعمة، الذين لم يكن وراء تحصيلهم وثرائهم جهد يذكر بل استفادوا من فرص عارضة أتاحها وجودهم أو وجود آبائهم في منطقة غنية ونظام ريعي يسهل فيه تكوين الثراء السريع بجهد قليل أو بلا جهد، ولم تسهم ثرواتهم في تنمية صناعية أو تجارية أو زراعية تعود على المجتمع بفائض من الإنتاج أو توفر فرص للعاملين في مشاريع التنمية، وأهم نشاط يمارسونه احتكار موات الأرض في أطراف المدن التي لا تكلف شيئا أو العقارات ذات المردود العالي.
هذه الطبقة الثرية آخذة بالظهور والتكون السريع في مجتمعنا وهو أمر طبيعي أن يوجد في دول الخليج العربي ما يوجد عند المجتمعات الأخرى، ومن الطبيعي أيضا أن يكون على أهل الثروات العريضة المحلية من الواجبات نحو مجتمعهم مثلما تفرضه دول العالم على أثريائها من واجبات نحو مجتمعاتهم، وأن تكون هذه الثروات عاملة منتجة لخيرهم وخير مجتمعهم بدل أن تكون في أصول جامدة أو حبيسة الحسابات البنكية في الداخل والخارج.
Mtenback@
ولا اختلاف في المسكن أو الموقع فقد تجد المنزل المتواضع في جوار القصر الشامخ، والاختلاط في النوادي والمجالس مشترك لا يميز فيه أحد عن غيره، وسبب هذا الحال طبيعة الثقافة ومفهوم قيمة الإنسان بذاته، وليس ما يكون فيه من وضع اجتماعي أو مادي، فالعرب منذ القدم تأصلت في ثقافتهم الذات المستقلة بحقوقها ضمن الجماعة التي تنتمي إليها، وفي هذه الثقافة لا تعتبر فوارق المال ولا فوارق النسب والحسب أمرا ذا شأن، وإنما الاعتبار المقدس عندهم هو النفع الذي يضطلع به الإنسان ضمن ما تحققه جهوده للجماعة وما له من قدرات خاصة تكون محل احترام الجميع وتقديرهم، وكل جماعة تكون دائرتها مفتوحة قابلة للتمدد والاتساع، وهو كما يرى الدارسون لشأن التقاليد العربية جزءا من الحرية التي ارتبط بها العربي وآمن بحقه كفرد ومشروعية الاستقلال الذي لا يساوم عليها حتى ولو كان في أسفل السلم الاجتماعي.
ويكاد يكون هذا الحال سائدا عند أهل الجزيرة العربية وسكانها إلى وقت قريب، حتى فتحت أبواب التواصل العالمي والثقافات الوافدة وأصبح العرب أهل الجزيرة يتعاملون مع غيرهم من الناس ويرون ما هم فيه من الاختلاف الطبقي والتمايز الاجتماعي والتقاليد المرعية التي تضع الفواصل بين فئات المجتمع الواحد، فهناك طبقة الأثرياء الأغنياء والطبقة الوسطى والطبقات العاملة وغيرها من التصنيفات الاجتماعية، وكل طبقة من هذه الطبقات لها حدودها ووظائفها وحتى مواقعها وتشابك مصالحها التي تحارب من أجل استمرارها والحفاظ عليها.
ولم ينج جيل العرب الشباب من هذا الطيف القادم من الغرب لا سيما في دول الخليج العربي التي نالت بعض الفئات فيها حظا كبيرا من الثروة الطائلة، وهي ثروة جاءت إليهم بيسر وسهولة وقد بدأت تظهر على سطح المجتمع ظاهرة الطبقة الثرية التي تحاول التميز بثرائها واختلاف معاشها والاعتزاز بثروتها لا سيما محدثو النعمة، الذين لم يكن وراء تحصيلهم وثرائهم جهد يذكر بل استفادوا من فرص عارضة أتاحها وجودهم أو وجود آبائهم في منطقة غنية ونظام ريعي يسهل فيه تكوين الثراء السريع بجهد قليل أو بلا جهد، ولم تسهم ثرواتهم في تنمية صناعية أو تجارية أو زراعية تعود على المجتمع بفائض من الإنتاج أو توفر فرص للعاملين في مشاريع التنمية، وأهم نشاط يمارسونه احتكار موات الأرض في أطراف المدن التي لا تكلف شيئا أو العقارات ذات المردود العالي.
هذه الطبقة الثرية آخذة بالظهور والتكون السريع في مجتمعنا وهو أمر طبيعي أن يوجد في دول الخليج العربي ما يوجد عند المجتمعات الأخرى، ومن الطبيعي أيضا أن يكون على أهل الثروات العريضة المحلية من الواجبات نحو مجتمعهم مثلما تفرضه دول العالم على أثريائها من واجبات نحو مجتمعاتهم، وأن تكون هذه الثروات عاملة منتجة لخيرهم وخير مجتمعهم بدل أن تكون في أصول جامدة أو حبيسة الحسابات البنكية في الداخل والخارج.
Mtenback@