الشاعر وصاحبه الذماري
الثلاثاء / 19 / جمادى الأولى / 1444 هـ - 20:14 - الثلاثاء 13 ديسمبر 2022 20:14
تدور في وسائل التواصل الاجتماعي قصيدة تهكمية ساخرة لأحد الشعراء من اليمن مع نديمه الذماري على جلسة قات غاب فيها عن واقعه وحضرت في رأسه أحلام اليقظة، فأعاد في غيبته أمجاد أسلافه العرب الذين حكموا العالم بأسره في يوم ما، وأقام في تخزين قيلولته خلافة بني أمية وتاريخ بني العباس وحرر القدس ورد الأندلس واحتل باريس واستعمر أمريكا وسحب ترمب بأذنه وأمر الصين والهند أن تأتيا طائعتين مستسلمتين لسلطانه، ولما أفاق من أحلامه لم يجد من يقدم له وجبة عشاء ولم ير أمامه غير حزمة القات وصاحبه الذماري.
القصيدة حملت من السخرية والتهكم ووصف عجز العرب وتخلفهم في حاضرهم وما يدور في رؤوسهم من أحلام اليقظة التي لا يستطيعون غيرها، ولا شك أن للمنامات والأحلام مساحة واسعة في الثقافة العربية والإسلامية تفسرها وتعززها الأماني، وما تكاد تغلب الرغبات المكبوتة على رأس إنسان حتى يرى في منامه بعض أمانيه وأحلامه فيسرع إلى تفسيرها أو يبحث عن مفسر خبير يقصها عليه ويلونها فيما يمكن أن يقرب معرفة من يندب نفسه للتفسير إلى تأويلها، ومعروف أنه يروج اللجوء إلى المنامات في حالات كثيرة، منها الكبت والحرمان والعجز عن تحقيق ما يتطلع إليه الفرد أو الجماعة أو الأمة حين تبلغ الحضيض من الانحدار والتردي فتلجأ إلى المنامات وتفسيرها.
وأخطر من أحلام المنامات أحلام اليقظة حين تتركز في رأس زعيم أو عظيم أو رجل دين قادر على فرض أحلام يقظته على حال أمته، وأول تلك الأحلام أحلام جمال عبدالناصر التي ملكت حواسه وملأت رأسه حتى أفاق على تفسيرها المرعب في 67، حيث قادت العرب إلى هزيمة لم تفارق خيالهم حتى اليوم، وليس أقل من أحلام عبدالناصر أحلام السفاح صدام حسين وغزواته وحروبه التي كانت ضحاياه فيها مئات الأنفس، ولم يسلم منها حتى أهله وآباء أحفاده ثم انتهى تفسير أحلامه بتحطيم العراق ولجوئه إلى حفرة احتفرها من أجل أن يعيش ولو في حفرة، ولم يكن لديه من شجاعة ما يجعله ينهي حياته بنفسه ويحتفظ بشيء من كرامته ويختار الموت الذي أذاقه في أحلام يقظته آلاف الأنفس، كما يفعل الرجل الشجاع حين يكون الخيار بين حياة الكرامة أو الموت، وليس أقل من ذلك سفه العقيد القذافي وجنونه وأحلام يقظته، حيث انتهت تلك الأحلام وأوهام العظمة ورأى تفسيرها في أنابيب المجاري، ومثل صاحبه لم يجد من الشجاعة أن ينهي حياته بشرف المحاربين.
وغير الزعماء تأتي أحلام اليقظة من رؤوس الوعاظ حين تعشش في رؤوسهم الخاوية من العقل منامات وحماقات ورؤى وتمنيات كما فعل أسامه بن لادن بغزوته المشؤومة ورؤاه المنكرة، وكانت نتيجتها تدمير العالم الإسلامي ووضعه في دائرة الإرهاب، بينما لجأ هو في سرداب ظنه ملاذا من الموت الذي ساقه لمئات الأنفس البريئة، وقد حفر عنه سردابه وعرف يقينا تفسير أوهامه، وليس أقل منه ذلك الواعظ الوسيم الذي أقسم أنه يرى الخلافة قادمة وأنه قد حدثه الثقة عن ابنه الذي رأى الملائكة على خيولهم البلق نزلت تقاتل مع عصابته دولة عربية مسلمة وشعبا مسلما لم يرتكبوا ما يوجب شن الحرب عليهم، وعلى شاكلته كثيرون عرفوا تفسير أحلامهم وأوهامهم، فعادوا ينقضون ترهاتهم ويبرؤون منها ويستثمرون ثرواتهم التي جمعها من الغوغاء المهووسون في الأوهام وتفسير الأحلام، بعد أن ذاقت الأمة العربية والإسلامية منهم مر مذاق الفتنة والقهر والحرمان والبغضاء.
أفاق الشاعر من أحلامه وعرف حقيقة واقعه ورأى صاحبه الذماري بجانبه ولم ير شيئا غيره مما تخيله، فهل يفيق العرب مثل الشاعر من الأحلام والأوهام وينظرون في واقعهم ويرون ما حولهم كما هو لا كما يتخيلون أو كما يريدون.
Mtenback@
القصيدة حملت من السخرية والتهكم ووصف عجز العرب وتخلفهم في حاضرهم وما يدور في رؤوسهم من أحلام اليقظة التي لا يستطيعون غيرها، ولا شك أن للمنامات والأحلام مساحة واسعة في الثقافة العربية والإسلامية تفسرها وتعززها الأماني، وما تكاد تغلب الرغبات المكبوتة على رأس إنسان حتى يرى في منامه بعض أمانيه وأحلامه فيسرع إلى تفسيرها أو يبحث عن مفسر خبير يقصها عليه ويلونها فيما يمكن أن يقرب معرفة من يندب نفسه للتفسير إلى تأويلها، ومعروف أنه يروج اللجوء إلى المنامات في حالات كثيرة، منها الكبت والحرمان والعجز عن تحقيق ما يتطلع إليه الفرد أو الجماعة أو الأمة حين تبلغ الحضيض من الانحدار والتردي فتلجأ إلى المنامات وتفسيرها.
وأخطر من أحلام المنامات أحلام اليقظة حين تتركز في رأس زعيم أو عظيم أو رجل دين قادر على فرض أحلام يقظته على حال أمته، وأول تلك الأحلام أحلام جمال عبدالناصر التي ملكت حواسه وملأت رأسه حتى أفاق على تفسيرها المرعب في 67، حيث قادت العرب إلى هزيمة لم تفارق خيالهم حتى اليوم، وليس أقل من أحلام عبدالناصر أحلام السفاح صدام حسين وغزواته وحروبه التي كانت ضحاياه فيها مئات الأنفس، ولم يسلم منها حتى أهله وآباء أحفاده ثم انتهى تفسير أحلامه بتحطيم العراق ولجوئه إلى حفرة احتفرها من أجل أن يعيش ولو في حفرة، ولم يكن لديه من شجاعة ما يجعله ينهي حياته بنفسه ويحتفظ بشيء من كرامته ويختار الموت الذي أذاقه في أحلام يقظته آلاف الأنفس، كما يفعل الرجل الشجاع حين يكون الخيار بين حياة الكرامة أو الموت، وليس أقل من ذلك سفه العقيد القذافي وجنونه وأحلام يقظته، حيث انتهت تلك الأحلام وأوهام العظمة ورأى تفسيرها في أنابيب المجاري، ومثل صاحبه لم يجد من الشجاعة أن ينهي حياته بشرف المحاربين.
وغير الزعماء تأتي أحلام اليقظة من رؤوس الوعاظ حين تعشش في رؤوسهم الخاوية من العقل منامات وحماقات ورؤى وتمنيات كما فعل أسامه بن لادن بغزوته المشؤومة ورؤاه المنكرة، وكانت نتيجتها تدمير العالم الإسلامي ووضعه في دائرة الإرهاب، بينما لجأ هو في سرداب ظنه ملاذا من الموت الذي ساقه لمئات الأنفس البريئة، وقد حفر عنه سردابه وعرف يقينا تفسير أوهامه، وليس أقل منه ذلك الواعظ الوسيم الذي أقسم أنه يرى الخلافة قادمة وأنه قد حدثه الثقة عن ابنه الذي رأى الملائكة على خيولهم البلق نزلت تقاتل مع عصابته دولة عربية مسلمة وشعبا مسلما لم يرتكبوا ما يوجب شن الحرب عليهم، وعلى شاكلته كثيرون عرفوا تفسير أحلامهم وأوهامهم، فعادوا ينقضون ترهاتهم ويبرؤون منها ويستثمرون ثرواتهم التي جمعها من الغوغاء المهووسون في الأوهام وتفسير الأحلام، بعد أن ذاقت الأمة العربية والإسلامية منهم مر مذاق الفتنة والقهر والحرمان والبغضاء.
أفاق الشاعر من أحلامه وعرف حقيقة واقعه ورأى صاحبه الذماري بجانبه ولم ير شيئا غيره مما تخيله، فهل يفيق العرب مثل الشاعر من الأحلام والأوهام وينظرون في واقعهم ويرون ما حولهم كما هو لا كما يتخيلون أو كما يريدون.
Mtenback@