الرأي

الأذكياء عاطفيا

نايف الضيط
في تقرير حديث عن مهارات المستقبل اعتبر المنتدى العالمي الاقتصادي WEF أن الذكاء العاطفي من أهم المهارات المطلوبة خلال السنوات المقبلة. وهو امتلاك القدرة والمهارة في التعرف على مشاعرنا الذاتية، ومشاعر الآخرين لنكون أكثر تحكما في انفعالاتنا، وتحفيز أنفسنا، وإقامة علاقات أفضل مع الآخرين.

يرتبط الذكاء العاطفي بالقيادة وبيئات العمل وبالأشخاص يقول جاك ويلش الرئيس السابق لشركة جنرال إلكتريك «أن 85 في المئة من أســـباب الأداء المرتفع للقياديين تعود لتحليهم بمستوى عال من الذكاء العاطفي»، وذكرت مجلة فوربس إنه وفق لدراسة أجريت على أكثر من 358 مديرا فإن المديرين الأفضل أداء سجلوا درجات عالية في الذكاء العاطفي أعلى بكثير من المجموعة ذات الأداء المنخفض، وذكرت مجلة علم النفس اليوم أن الذكاء العاطفي يمكن أن يحقق للمنظمات عائدا على الاستثمار، ويرتبط الذكاء العاطفي للمديرين التنفيذيين بالشركات ذات الربح العالي.

الوعي بالذات أحد مقومات الذكاء العاطفي من خلال ضبط النفس وقراءة المشاعر وفهمها، وإدراك تأثيرها على علاقاتنا بالآخرين والإحساس بمشاعر الآخرين وفهم وجهات نظرهم. وهو امتلاك للمهارات الاجتماعية كالقدرة على الإقناع والتأثير في الآخرين وإلهامهم .

لقد أجربت عدة دراسات حول تأثير الذكاء العاطفي على صحتنا الجسدية والعقلية وعلاقتنا بالآخرين فإذا كنا غير قادرين على إدارة عواطفنا سنتعرض لمشكلات صحية خطيرة، ويمكن أن تؤثر العواطف والتوتر على صحتنا العقلية عندما نتعرض للقلق والاكتئاب، كما يؤثر على علاقاتنا من خلال فهمنا لمشاعرنا وكيفية التحكم فيها وفهم ما يشعر به الآخرون؛ مما يعزز إقامة العلاقات في العمل والحياة الخاصة.

مع أن الدارسات الحديثة التي أسست لمفهوم الذكاء العاطفي نشأت في الغرب إلا أن هناك في تراثنا إشارات عدة للكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي دعت إلى التحلي بالأخلاق والصفات الحميدة مثل اللطف واللين في قوله سبحانه تعالى: “فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك” ، وكذلك ضبط النفس كما جاء في الحديث النبوي « لا تغضب» ، وتقبل النقد كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه « رحم الله امرأ أهدى إلى عيوبي».

الأذكياء عاطفيا يمتلكون مهارات التواصل الفعال ولغة الجسد للتعبير عن آرائهم وأفكارهم، ويتقبلون النقد وردة الفعل دون إيذاء مشاعر الآخرين، وينصتون للآخرين ويحاجون بطريقة واثقة تحترم الأفكار، ويفكرون بطريقة منطقية لحل المشكلات.

ويحمل الأذكياء عاطفيا طاقة إيجابية وقدرة على التعامل مع البيئات السلبية، والتعامل مع مشاعر العداء والكراهية. ومن يتمتعون بذكاء عاطفي يتعلمون من الأخطاء ولا يبقون حبيسين للماضي.

والذكي عاطفيا قد يغضب أو يحزن أو يشعر بخيبة أمل لكنه يعرف كيف يتحكم بمشاعره، ولديه قدرة على التفاوض وإقناع الآخرين وفي الوقت نفسه يتميز بالحزم للدفاع عن حقوقه وحقوق الآخرين.

مهارة الذكاء العاطفي مثلها مثل غيرها من المهارات يتطلب إتقانها وقتا للتدريب والتقييم الذاتي وتقييم الآخرين ومن هم حولنا، ويمكن تحسين مستواها بالتعرف على مشاعرنا وملاحظتها. ومعرفة القرارات التي قد نتخذها والتي تتأثر بالعواطف والمشاعر.

mesternm@