الرأي

القيادة الصحية.. كيف تكون؟

إسماعيل محمد التركستاني
على مدار ربع قرن أو يزيد، تعاملت مع (أو الأصح شاهدت) العديد من القيادات الصحية سواء كان ذلك خلال عملي بالمستشفيات (وجل عملي كان بين أروقتها)، أو بالشؤون الصحية (كمشرف على برامج الجودة ومكافحة العدوى) أو بالوزارة (كمتفرج من المدرجات). الحمد لله، كان هناك العديد من القيادات التي يمكن القول بأنها كانت من القيادات الإيجابية والتي كان لها التأثير الإيجابي على تطوير العمل الصحي وقيادة دفة العمل الصحي إلى مرحلة يمكن القول بأنها كانت نقلة إيجابية للعمل الصحي. وأنها (القيادات الصحية) كانت أيضا من التي تقدر الكفاءات وتدعم الأفكار الإيجابية. وعلى النقيض (وللأسف)، تجد أن هناك من القيادات الصحية التي ترى أن صناعة النجاح لا تكون إلا من صنع يديها (فقط!) وبقية العاملين هم فقط (كومبارس) متبعا في ذلك نهج سياسة فرعون عندما قال لقومه: (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)، ويمكن القول بأن هذا النوع من القيادات ينتهي عملها من حيث انطلقت، وذلك حسب المثل القائل (محلك سر) أو يخرجون من الإدارة كما دخلوا إليها! نشرت مجلة (Harvard Business Review) مقالا بقلم الكاتب (W. Taylor) تحدث فيه عن نوعيات القيادات الناجحة بصورة عامة (وخصص بالذكر القيادات الصحية). ذكر الكاتب أن هناك أربعا من القيادات (في العمل الصحي) يمكن أن تتعامل معها، وهي: أولا- الكلاسيكي الملتزم (The classic entrepreneur) وهي الشخصية القيادية التي تركز على القيم (الأرقام) مثل التكلفة من نفقات وعوائد. ثانيا- القائد الحديث (The modern missionary) وهي من الشخصيات القيادية التي تبحث عن التميز في الأداء بغض النظر عن المصاريف والنفقات. ثالثا- من يحل المشاكل (The problem solver) وهي الشخصية القيادية التي تبحث أولا عن العقبات وتبحث أيضا عن الفرص الجديدة من تطبيقات وتهتم بالخبرات (لهدف حل تلك المشاكل). رابعا- من يحدد الحلول (The solution finder) وهي من الشخصيات التي تضع أهمية للحلول التي تعطي مخرجات أكثر إيجابية. باختصار... تحسين جودة الخدمات الصحية وتطويرها يعتبر أمرا مهما جدا يقع على كاهل مقدم الخدمة الصحية (بداية من موظف الاستقبال ومرورا بجميع العاملين ونهاية بالطبيب). هذا التحسين والتطوير، ليس عبارات وجملا تكتب على لوحة وتعلق على الجدار في مدخل المستشفى، ولكنها عبارة عن تطبيقات عملية وخطوات متسارعة واستراتيجيات مكتوبة وورش عمل. وفي ظل المنظومة الصحية الحديثة، لا مكان للاجتهاد الشخصي، وإنما هو عمل جماعي، يتكاتف فيه الجميع لتقديم أفضل ما لديهم من مهام موكلة لهم. إذن، العمل الجماعي هو توجه مطلوب، تحت مظلة من الرؤية والرسالة والقيم أو الأهداف التي يسعى الجميع في تحقيقها يدا بيد. ويأتي هنا الدور المهم الملقى على عاتق القيادات الصحية (وعلى مختلف مستوياتهم) في ترسيخ تلك الاستراتيجيات والقيم، مفهوما وتطبيقا لدى العاملين تحت إداراتهم، عن طريق برنامج تدريبي مدروس ومخطط له.