الرأي

مبتعثو هارفارد مثلا.. حينما يعشق المبتعث الأضواء!

سهام الطويري
في الآونة الأخيرة برز العديد من أسماء المبتعثين الحاصلين على إنجازات علمية موفقة في بداية شقهم لطريق العمل في المجال العلمي، وبرزت بعض الأسماء السعودية التي تعتبر لمعانها في الوسط المحلي راجعا إلى صفوتها على المجتمع المحلي أكثر منها لتفردها غير المنافس له على الصعيد العالمي. خلال فترة 2013 كنت قد خصصت أسبوعا من مقالاتي للدخول إلى عالم المبتعثين في محاولة مني لربط الجديد من أخبار العلم بالمجتمع، فالابتعاث يعطي بانوراما لطيفا واسعا من نتائج الأبحاث المنوعة في شتى الحقول، والحقيقة أنني كنت أرى أن مقالاتي في تلك الفترة عبارة عن مجلة معرفية يقدمها المبتعث للقارئ العام. برغم أن المحاولة كانت جميلة إلا أن عشق بعضهم للأضواء لم يترافق مع فهم مدروس لمعنى الظهور المبكر للإعلام في ظل نشأة جيل سعودي واع امتلك من منصات التواصل الاجتماعي قنوات إعلامية يتبادل فيها آراءه ويبدي امتعاضه أو تعليقاته. قبل أعوام كنت في زيارة للكويت رافقتها مناسبة للتعرف على إحدى الأكاديميات التي تكاد لا تختم عباراتها وجملها القصيرة إلا بقفلة بكلمة «هارفارد»، لأنها تخرجت في تلك الجامعة فيما يبدو من حالة الزهو التي تلازمها وتريد أن تجعل من تلك الحالة احتكارا لجميع حالات التحصيل العلمي المتميز، فما دون هارفارد لا يعدو كونه الأقل تميزا، وفي بعض الأحيان قد تشوبه نظرة الرخص، كأن يكون الأكاديمي المتجاذب لأطراف الحديث خريج جامعة محلية! حالة التميز والزهو التي تصيب بعض خريجي جامعة هارفارد أو كامبريدج أو ميجيل تجعلهم حديث المجتمع، الذي إما أن يقيس بجهله ثقل أولئك على الصعيد الدولي بجدارة، فيعتقد أنهم يمتلكون جميع خبرات الحقول المعرفية للجامعات التي تخرجوا منها، أو يجعل حديث المجتمع لهم ناقدا لهذه الشخصية الفرحة بذاتها بشكل مبالغ فيه! الحصول على معرفة علمية من جامعة متميزة دوليا لا يعطي الحق لبعض الخريجين على تسويق أنفسهم بالصورة الرثة المبالغ فيها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فقد أحرقت وسائل الإعلام سريعا صور بعضهم بمجرد اطراد خروجهم الإعلامي والصحفي على مستوى التلفاز والمجلات وفي وسائل التواصل. بينما في المقابل لا نجد ذلك التكرار شبه الشهري أو الأسبوعي من قبل أساتذة هؤلاء من بروفيسورات قدامى في وسائل الإعلام الأمريكية، لأن للعلم هيبته وكبرياءه وفق ما يستعرضه تاريخ الإعلام العلمي فيما يربو عن مئتي عام. حيث تذكر البحوث العلمية المتعمقة في الإعلام العلمي أن أكثر العلماء في حقب الإعلام العلمي تاريخيا بروزا بالأخبار العلمية في الإعلام كانوا هم الأقل تأثيرا وثقلا ومكانة في الوسط العلمي على الصعيد الأوروبي والأمريكي في فترات ظهور ونزول بورصة الإعلام العلمي مطلع ما بعد الحرب العالمية الأولى وبوادر الحرب العالمية الثانية، وليس انتهاء بمشروع الجينوم الحكومي الذي أعلنته الحكومة الأمريكية في فترة الرئيس الأسبق بيل كلينتون ودعايات انتهاء مرض سرطان الثدي بحلول 2020 إلى غير ذلك من الدعايات العلمية التي قام بها أصحابها وتلاشت فيما بعد وبقي نقدها على الساحة. Seham.t@makkahnp.com