الرأي

لحظة فرح خضراء

علي الحجي
ما إن أطلق حكم مباراة المنتخب السعودي ونظيره الأرجنتيني صافرة نهاية المباراة معلنا فوز الأخضر حتى انطلقت فرحة لم أر مثلها في قوتها وعمومها، فالأداء القتالي المبهر، والروح الواحدة، والاصطفاف كفريق واحد كلها جزئيات تدرس من داخل الميدان، أما مشاعر الفرح والتعاطف والدهشة خارج الميدان التي أحدثها الحدث الكبير فهي حكاية أخرى، دخلت كل بيت في المملكة وخارجها، لتقول هذا هو السعودي وهكذا يصنع الانتصار.

الحدث هو فوز في مباراة كرة قدم لكن تفاصيله أكثر من ذلك، هو درس في الاستعداد والشخصية وروح الفريق، ودرس في معنى أن يتوحد الناس خلف العلم الأخضر المشترك الأول وأنت تشاهد الأسرة التي تنوعت اهتماماتها، كلهم يفرحون لفرحة الوطن، والناس على اختلاف جغرافيتهم واتجاهاتهم توحدهم ابتسامة ونشوة خضراء.

إن هذا الفوز ليس وليد اللحظة ولا الصدفة بل اتجاه عام ذكره القائد الملهم الأمير محمد بن سلمان حين راهن على السعودي وهمته، وسخر كل الإمكانيات ليكون السعودي في مكانه اللائق على القمة، واختار القادة الملهمين الشغوفين كل في مجاله وتخصصه، وها هي النتائج تتحدث عن نفسها داخل وخارج الوطن، وما هذا الفوز الكروي إلا ثمرة ظاهرة من ثمرات.

إن كرة القدم مجرد جلد منفوخ تتقاذفه الأقدام، او مجرد لعبة للتنفيس وقضاء وقت الفراغ كانت نظرة قاصرة أفقدتنا الكثير من المكتسبات، فها هي قد فعلت في تسعين دقيقة مالم تفعله سنوات من العمل الإعلامي والفكري داخل وخارج الوطن.

إن استغلال الثروات لا يعني التوقف عند البترول الخليجي أو الصناعة اليابانية، فما اكستبته البرازيل من خلال كرة القدم، وما بنته مصر من مكانة دولية بفعل آثارها، أو الأثر الذي أحدثه اسم النجم محمد صلاح حين أدى ظهوره كنجم إلى التخفيف من النفور والكراهية التي أحدثها بلهاء المفرقعات تجاه العرب، كلها قوى ناعمة توظف بشكل أو بآخر للحصول على مكتسبات وطنية بشكل أو بآخر.

حقيقة إن المكتسبات التي حصلنا عليها خلال تسعين دقيقة على مستوى الأداء والشخصية والنتيجة، وما أحدثته من أصداء يجب أن يستمر معها العمل التراكمي في كل المجالات الداعمة خصوصا الرياضة بشكل يتوازى مع الصدى الذي أحدثه منجزات أخرى كتفوق أبنائنا الطلاب في المحافل الدولية والمنجزات الطبية والسياحية وغيرها من المنجزات، فهي أفضل وسيلة لتقوية وتوحيد اللحمة الوطنية في الداخل، وتجويد الصورة الذهنية عن السعودي في الخارج.

@aziz33