العالم

كتيبة إعدام إيرانية تتأهب لضرب أعناق المتظاهرين

القضاء يتأهب لمحاكمة 11 ويلاحق 2000 شخص.. والبقية ينتظرون مصيرهم ألمانيا وأيسلندا تدعوان مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة إلى جلسة طارئة هذا الشهر مقتل العشرات خلال تظاهر آلاف الإيرانيين في «الجمعة الدامية» في سيستان بلوشستان قوات الأمن فتحت النار على 90 شخصا وأودتهم قتلى في حملة قمع جديدة للملالي

تظاهرات الشعب الإيراني مستمرة (مكة)
فيما يستعد القضاء الإيراني إلى إعدام 11 موقوفا بينهم امرأة، بسبب مشاركتهم في المظاهرات التي اندلعت في البلاد منذ نحو شهرين، عقب مقتل الشابة العشرينية الكردية مهسا أميني، دعا خبراء لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة السلطات الإيرانية إلى التوقف عن تلفيق الاتهامات المزيفة للباحثين عن العدالة والحرية.

لوحت طهران، أمس، بتحريك «كتيبة إعدام» الحرس الثوري والباسيج لضرب أعناق المتظاهرين، بعدما وجهت اتهامات غليظة لـ11 متهما، بينها التسبب في قتل عنصر أمن قرب طهران، ووجه القضاء اتهامات مختلفة لأكثر من ألفي موقوف بينها الإعدام، في حين يتوقع أن يواجه نحو 20 ألف معتقل آخر محاكمات غير عادلة في الأيام المقبلة، بعد حملة القمع الكبيرة التي شنتها السلطات، وأدت إلى مقتل أكثر من 50 شخصا بينهم نساء وأطفال، إضافة إلى إصابة ما يزيد على عشرة آلاف شخص.

طعنات السكين

تشهد إيران منذ 16 سبتمبر الماضي احتجاجات شعبية واسعة، إثر مقتل مهسا أميني (22 عاما) بعد 3 أيام من توقيفها من شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس، وقتل المئات بينهم عناصر من قوات الأمن، على هامش الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات، واعتبر مسؤولون جزءا كبيرا منها أعمال شغب، كما وجه القضاء تهما مختلفة لأكثر من ألفي موقوف.

وأفادت وسائل إعلام إيرانية في الثالث من نوفمبر الجاري، بمقتل عنصر من قوات التعبئة «الباسيج» المرتبطة بالحرس الثوري، وإصابة 10 عناصر من الشرطة خلال مواجهات مع محتجين على هامش إحياء ذكرى الأربعين لوفاة الشابة حديث نجفي التي قضت، وفق مقربين منها، على هامش الاحتجاجات في كرج الواقعة غرب طهران.

وأشارت وكالة فارس في حينه إلى أن العنصر القتيل روح الله عجميان، تعرض لطعنات بالسكين ورمي بالحجارة.

إفساد بالأرض

ادعى مسؤول السلطة القضائية في محافظة ألبرز التي تتبع لها كرج حسين فاضلي هريكندي، أنه بعد تحديد المتهمين بقتل عجميان وتوقيفهم، تم إجراء تحقيق أولي، وتم إحضار 11 شخصا (عشرة رجال وامرأة) أمام القضاء، وصدرت لائحة الاتهام بحقهم من قبل النيابة العامة في كرج.

وادعى أن التهم تشمل الإفساد في الأرض الذي تؤدي إلى الإعدام، إضافة إلى التجمع والتواطؤ بنية ارتكاب جرائم ضد الأمن والدعاية ضد النظام السياسي لإيران، وفق ما أورد موقع «ميزان أونلاين» التابع للسلطة القضائية، ولم يحدد فاضلي هريكندي ما إذا كان كل المتهمين يواجهون التهم نفسها.

وواصل القضاء تزييف التهم، وقال إنه خلال هذه الجريمة، هاجم مثيرو شغب هذا العنصر الأمني وحاصروه، الذي لم يكن مسلحا، وعمدوا إلى تمزيق قميصه ونزع ملابسه عنه، وتسببوا له بجروح من خلال طعنه، وإلقاء الحجارة عليه وركله، بطريقة تخالف كل الأعراف الإنسانية.

جلسة طارئة

دعا خبراء لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة إيران إلى وقف توجيه اتهامات تصل عقوباتها للإعدام بحق أشخاص شاركوا في الاحتجاجات، وحضوا السلطات على الإفراج فورا عمن تم توقيفهم على هامش هذه التحركات.

وأظهرت وثيقة أن ألمانيا وأيسلندا قدمتا طلبا نيابة عن عشرات الدول لعقد جلسة خاصة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في وقت لاحق من الشهر الحالي حول الاحتجاجات المستمرة في إيران، واشتمل الطلب على دعوة لعقد جلسة طارئة لمناقشة تدهور أوضاع حقوق الإنسان، خاصة في ما يتعلق بالنساء والأطفال، بحسب نص الخطاب الذي يحمل توقيعي سفيري البلدين.

وأيد ما لا يقل عن ثلث الأعضاء الذين لهم حق التصويت في مجلس حقوق الإنسان الاقتراح، وهو النصاب المطلوب لعقد اجتماعات خارج جدول الأعمال العادي، مما يعني أن عقد الجلسة مسألة إجراءات فقط، وقالت البعثة الدبلوماسية الألمانية في جنيف إن عشرات آخرين وقعوا ليرتفع إجمالي عدد المؤيدين إلى 44، ولم تقدم البعثة قائمة بالأسماء بعد. وطلبت الرسالة عقد الاجتماع في 24 نوفمبر الحالي.

الجمعة الدامية

بالتواكب خرج إيرانيون في جنوب شرق البلاد المضطرب، في احتجاجات على حملة قمع نفذتها قوات الأمن في 30 سبتمبر، وعرفت باسم «الجمعة الدامية» في وقت استمرت فيه الاحتجاجات في أنحاء البلاد مطالبة بإنهاء حكم الملالي.

وتظاهر آلاف الإيرانيين في محافظة سيستان بلوشستان، في ذكرى مرور شهر على حملة أمنية تقول مجموعات حقوقية، إنها أسفرت عن مقتل العشرات، بحسب تسجيلات مصورة انتشرت على الإنترنت وتحققت وكالة الصحافة الفرنسية من صحتها.

وقتلت قوات الأمن الإيرانية أكثر من 90 شخصا عندما فتحت النار على المشاركين في تظاهرات خرجت بعد صلاة الجمعة في زاهدان، عاصمة سيستان بلوشستان الواقعة على الحدود الجنوبية الشرقية لإيران مع باكستان، وفق ما ذكرت منظمة حقوق الإنسان في إيران، ومقرها أوسلو.

وقالت منظمة العفو الدولية إن قوات الأمن قتلت بشكل غير قانوني ما لا يقل عن 66 شخصا بينهم أطفال، في ذاك اليوم، بإطلاق الذخيرة الحية والخرطوش والغاز المسيل للدموع على المحتجين في زاهدان عاصمة الإقليم، وتشكل المدينة نقطة ساخنة في الاضطرابات التي تعصف بالبلاد.

غضب واسع

وبينما انطلقت التظاهرات في البداية نتيجة الغضب السائد حيال التضييق على النساء، تحولت لاحقا إلى حراك أوسع ضد النظام القمعي الممثل بالمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

وهتف رجال خرجوا من مساجد في زاهدان بعد صلاة الجمعة، «الموت لخامنئي»، بحسب تسجيل مصور نشرته منظمة حقوق الإنسان في إيران، وتفيد المجموعة الحقوقية في النرويج بأن 304 أشخاص على الأقل قتلوا في أنحاء إيران منذ اندلعت الاحتجاجات على وفاة أميني في سبتمبر.

وتؤكد المنظمة أن نحو ثلث هؤلاء قتلوا في سيستان بلوشستان، بينهم 92 شخصا على الأقل في 30 سبتمبر الذي أطلق عليه ناشطون «الجمعة الدامية»، وتأتي التظاهرات الأخيرة بعد أسبوع من مقتل أكثر من 10 أشخاص في حملة أمنية نفذتها قوى الأمن في خاش، وهي مدينة أخرى في سيستان بلوشستان.

تسجيل مصور

أظهر تسجيل مصور نشر على وسائل التواصل الاجتماعي وتحققت وكالة الصحافة الفرنسية من صحته، خروج تظاهرات مجددا في خاش، إذ شوهدت عشرات عناصر شرطة مكافحة الشغب يتحركون باتجاه احتجاجات في إيران شهر، وهي مدينة أخرى في سيستان بلوشستان.

وشوهدت قوات الأمن لاحقا تطلق الغاز المسيل للدموع على المحتجين في أحد شوارع إيران، بحسب تسجيل مصور نشرته قناة «1500 تصوير» على الإنترنت، وذكرت منظمة العفو الدولية أن 18 متظاهرا ومارا ومصليا على الأقل، بينهم طفلان، قتلوا في الحملة الأمنية على الاحتجاجات «السلمية إلى حد كبير» التي خرجت في خاش في الرابع من نوفمبر.

وتساءل عبدالحميد إسماعيل، أبرز رجل دين سني في إيران ومعارض منذ فترة طويلة للزعماء الشيعة في إيران، في خطبة صلاة الجمعة في زاهدان، أين تدربت القوات العسكرية على إطلاق النار على الناس؟ اتضح اليوم أن الناس قتلوا ظلما، يتعين على السلطات إدانة هذه الجريمة، ويجب تقديم من أمر بأحداث «الجمعة الدامية» ومرتكبيها للمحاكمة.

أوقفوا الاتهامات

وقال قائد القوات البرية في الحرس الثوري الإيراني، البريجادير جنرال محمد باكبور، أمام تجمع لشيوخ العشائر السنية والشيعية والزعماء الدينيين في زاهدان، «الطريق نحو الهدوء في المنطقة يتمثل في الوجود المسؤول للزعماء الدينيين»، ونقل التلفزيون الرسمي عن باكبور قوله «على زعيمنا الروحي، سواء أكان شيعيا أم سنيا، أن ينتبه لما يقول».

في الأثناء، دعا متخصصون في مجال حقوق الإنسان في الأمم المتحدة السلطات الإيرانية إلى وقف توجيه اتهامات تصل عقوبتها للإعدام بحق أشخاص شاركوا في الاحتجاجات، وقال أكثر من 10 متخصصين مستقلين في الأمم المتحدة في بيان، «نحض السلطات الإيرانية على وقف استخدام عقوبة الإعدام أداة لسحق الاحتجاجات، ونشدد على مطالبتنا بالإفراج فورا عن جميع المتظاهرين الذين حرموا من حريتهم بشكل تعسفي».

وقالت وزارة الخارجية البريطانية، إن بريطانيا استدعت القائم بالأعمال الإيراني لديها، بسبب ما قيل عن تهديدات وجهتها قوات أمن إيرانية لصحفيين في بريطانيا.