أخبار للموقع

القهوة السعودية.. ديمومة التفرد

لحظة تستحق أن تبقى في الذاكرة زاهية وطرية، وقابلة للتكرار في كل مرة تنسكب فيها القهوة داخل الفنجال، تفاصيل كما لو أنها افتتاحية لموعد ومشهد إزاحة الستار للدخول في المزاج، فصول القصة المختزلة والمكثفة في كل رشفة والمؤثثة بالترحاب والمشاركة والاستعداد للبوح وأخذ 'العلوم'، عتبة الصباح ودلالة الرجوع في المساء ورمزية الضيافة وعنوان الكرم والتفرد، القهوة السعودية تاريخ وأصالة ومشروع مبتكر لنقل صورة عن هوية الوطن إلى العالم، تحققها وتمد في وهج حضورها مبادرة وزارة الثقافة 'عام القهوة السعودية 2022'، منطلقة إلى آفاق أوسع من الاستمرار في الارتباط والتحوّل إلى صناعة ثقافية واقتصادية عبر خطوات عملية وعلمية يمثلها 'المنتدى الدولي لاستدامة القهوة السعودية'، والذي تنظمه وزارة الثقافة في مدينة جازان والتي طالما كانت حاضنة ومصدرة للبن، وذلك خلال الفترة من 1 إلى 2 أكتوبر 2022 لمناقشة سلسلة قيمة القهوة السعودية وذات الصلة بالاستدامة، في ثلاثة جوانب 'اقتصادية واجتماعية وبيئية'، ضمن أنشطة وبرامج مبادرة 'عام القهوة السعودية 2022' المدعومة من برنامج جودة الحياة 'أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030'. وفي حين يستهدف 'المنتدى الدولي لاستدامة القهوة السعودية' شرائح مختلفة من المهتمين ورواد الأعمال بما فيهم العاملون في الصناعات أو القطاعات ذات الصلة بصناعة القهوة، بما في ذلك الباحثون وصناع السياسات، وخبراء سوق العمل، وخبراء البيئة، وخبراء الصحة والتغذية، فإنه يناقش خلال جلساته أربعة محاور رئيسية، يُركّز أولها على 'القهوة كثروة وطنية'، فيما يتناول المحور الثاني 'القهوة ثقافة ومجتمعاً'، المحور الثالث يركّز على 'القهوة وأنسنة البيئة'، في حين يتناول المحور الرابع 'القهوة والصحة'، متضمناً كل محور مشاركة مجموعة من الخبراء والمختصين والذين يقدمون 16 ورقة علمية بعدد أربع لكل محور، متنوعة بين الأرقام والإحصاءات والدراسات والفرص الاستثمارية ورحلة البن من البذرة وحتى الحصاد والتحميص والتحضير والتقديم. النموذج المبتكر والتفاعلي في 'المنتدى الدولي لاستدامة القهوة السعودية' يتجاوز الجلسات والمسارات الإثرائية من خلال خطوة رافدة سيتضمنها المنتدى والمستوحاة من القهوة، وذلك من خلال معرض يبرز جهود وخطط الجهات ذات الصلة بالقهوة السعودية، بالإضافة لعدد من ورش العمل التخصصية، هادفة وزارة الثقافة من هذا المنتدى إلى تعزيز مكانة القهوة السعودية بوصفها رمزاً للثقافة السعودية وموروثاً أصيلاً، إلى جانب تسليط الضوء على الأبحاث العلمية المحلية، وتفعيل التعاون والتواصل مع الجهات الدولية والاستفادة من تجاربهم، بالإضافة إلى التعرّف على أصحاب المصلحة والتطلعات، التحديات والاحتياجات والفرص، مع استعراض أفضل الممارسات والمعرفة المرتبطة بالقهوة السعودية ومتطلبات استدامتها. القهوة السعودية عابرة للأزمنة وممتدة من أجيال سابقة وحاضرة في جيل اليوم، أيقونة اجتماعية باعتبارها تحظى بمكانة خاصة فرضت وجودها عبر طقوس وتقاليد تخص تقديمها وطريقة شربها ودلالات بصرية لا تنطق ولكن متفق عليها مثل لغة الإشارة. من جانب آخر وكونها سلعة ثمينة وسلوكاً وروتيناً فإنها رفاهية تكاد تصل إلى أنها ضرورة، منتج اقتصادي محفز على الاستثمار ويمنح فرصاً ونوافذ للابتكار وتقديم وفرة في الخيارات تليق بالذائقة على اختلافها، جاذبة للرهان على إمكانية التعامل معها على أساس أنها مورد وعملة لبناء مشاريع تجارية تضمن وصولها إلى دائرة تتسع من طلب وجودها في المناسبات والعادات اليومية، وحميمية العائلة والأصدقاء، مرتبطة بالإبداع وحالات الإلهام والتأمل والحاجة إلى التخفف، صناعة سعودية تسهم في الحراك الاقتصادي والناتج المحلي، والقدرة على الوصول إلى ثقافات وأماكن جديدة من العالم. وإضافة إلى قيمتها الاجتماعية والاقتصادية فإنها تتخذ مفاهيم جديدة في طرق زراعتها، والعناية بها ورعايتها حتى مرحلة القطف والحصاد، مرتكزة على انسجامها وتناغمها مع الأرض بمختلف ظروفها المناخية والبيئية ومنتجة واحداً من أفضل محاصيل البن وأجودها على مستوى العالم. عناصر تضع طموح الاستدامة في متناول اليد وعلى بعد خطوات تقلصها وتنقلها من الفرضيات إلى الواقع الملموس من خلال 'مبادرة عام القهوة السعودية' وبرامجها وبفضل مشاركة الشركة السعودية للقهوة، لتستمر الحكاية وتواصل اللحظة نظارتها وديمومة حضورها وتأنقها، ولا تذبل.