الرأي

الإعلام الغربي والكيل بمكيالين

أحمد الشهري
المتابع للإعلام الغربي يلحظ بروز نهج واضح المعالم يمارسه هذا الإعلام بجلاء تام، عنوان هذا النهج «الكيل بمكيالين» تجاه مختلف القضايا سواء تلك التي يتناولها أو التي يتجاهلها مما يدلل على أن المراهنة على مصداقيته أصبحت مراهنة خاسرة في المجمل ولا يمكن الاعتماد عليها أو أخذها بجدية كافية تجعل المتابع يتبنى وجهات نظر واقعية حيال ما يتم طرحه في ذلك الإعلام ويعود ذلك للبون الشاسع في التعامل المهني الذي بات ملحوظ التناقض في التناول الإعلامي الغربي من خلال مواقفه الحالية في الكثير من الأحداث والقضايا الراهنة وتباين تفاعله معها وتسليطه الضوء عليها.

ويتأكد وجود هذا النهج السلبي عند متابعة تناول الإعلام الغربي لقضايا يكون لنا كعرب دور فيها في مقابل وجود دور غير عربي آخر في قضايا أخرى لا تساويها إطلاقا في الحجم والتأثير كالقضيتين السورية والأوكرانية على سبيل المثال والتي نجد بون شاسع في التفاعل معها وتناول مأساتها بتغطية عادلة من قبل الإعلام الغربي حيث نشهد دعم منقطع النظير للجانب الأوكراني وما يعانيه، دعم يفتقد الكثير منه الجانب السوري رغم تباين حجم المأساة وتداعياتها بين القضيتين تباين لا يمكن تجاهله أو التقليل منه.

ولقد أوضحوا هم أنفسهم ومراسليهم السبب وراء ذلك عند إشارتهم إلى أن اللاجئين الأوكرانيين هم أناس ذوي بشرة بيضاء ومسيحيين المعتقد مقارنة بأولئك السوريين القادمين من منطقة الشرق الأوسط الذين يخالفونهم في المظهر والدين وهذه الإشارة ناهيك عن أن فيها دلالة عنصرية واضحة، فإن فيها أيضا تكذيب لكل الشعارات الغربية التي يرفعها الإعلام الغربي والتي تنادي بالمساواة بين البشر بغض النظر عن العرق واللون والدين ووجوب معاملتهم بكيفية واحدة لا تحتمل تغليب طرف ضد طرف.

ما جعل هذه المواقف التي يتبناها الإعلام الغربي تكون أشبه ما تكون ببروغاندا إعلامية دفعت الشعوب الغربية إلى تبني مواقف متباينة إلى حد كبير عند النظر والتعامل مع لاجئي الطرفين حيث نشهد تعاطفا منقطع النظير مع اللاجئين الأوكران لم يحظ بقدر ولو مقارب له نظراؤهم السوريون الأمر الذي يؤكد حضور وتأثير عوامل عرقية ودينية يحاول الإعلام الغربي إنكار وجودها وإنكار تبنيه لها عند تعاطيه وتفاعله.

وهذه المواقف الإعلامية الغربية أكدت ما كان ينكره حتى الكثير من العرب المنتمين لما يسمى بالطبقة المثقفة لدينا وهي أن «الكيل بمكيالين» هو عماد التناول الإعلامي الغربي وهو ما يقودنا إلى ضرورة إدراك ألا نكون سذج عند التعاطي مع ما نراه ونسمعه غربيا وألا نأخذ الأمور كما يقول ظاهرها بل يجب أن نكون حذرين ومدركين لخفايا ما تظهره تلك الوسائل الإعلامية الغربية بعد أن كشفت مواقفهم الصريحة والعلنية الراهنة تبنيهم لأمور مخالفة لكل ما يعلنونه ويزعمون حمل لوائه وهذا ما يحتم علينا ألا نتجاهل هذه المواقف ولا أن نتناساها أو نغض الطرف عنها.

ahmedbanigais@