بين رزينة أم حازم
الثلاثاء / 1 / ربيع الأول / 1444 هـ - 18:58 - الثلاثاء 27 سبتمبر 2022 18:58
دارسو الأدب مثل رجال الدين يرون أن الله كلفهم بحياة الناس الخاصة والعامة ومناقشة ما يرون ويسمعون دون إذن من أحد؛ لأنهم يجدون في أدبهم شيئا يتسع له الخيال وتجوز فيه المبالغة والزيادة والنقصان ولا يحاسبهم أحد عما قالوا إلا قليلا.والشعر أطوع ما في أيدي الشعراء فقد خطر على البال بعد المقال الذي مر الأسبوع الماضي عن حالات الطلاق والزواج والمشكلات العائلية في الوقت الحاضر أن يشارك الشعر في دراسة قضية العلاقة بين الزوجين، وكيف كان حالهما ليس في الزمن الراهن لكن منذ خلقت العلاقة بينهما، وهي علاقة أبدية لا خلاص منها.
لقد واجه الأولون ما يواجه الشباب من مشكلات ومعروف أن ارتباط شخصين من جنسين مختلفين ذكر وأنثى وفي علاقة شديدة الحساسية بينهما واستمرار طويل بالخصوصية مع وجود عوامل الاختلاف الذاتي في حالات كثيرة كالحالة النفسية والنوازع العاطفية والفردية لكل منهما، ومشترك الرغبات كامتلاك المال وحب السيطرة والطمع بالغلبة والتفوق حتى ولو نسبيا وطلب المزيد مما يمكن تحقيقه.
وحواء وآدم كانا أول شخصين طلبا المزيد وأرادا أمن ما هما فيه من النعيم واستمراره، فكان جزاؤهما الحرمان والإخراج من الجنة، وليس هناك زوج وزوجة إلا وفيهما منزع من هذه النوازع قل أو كثر ومن لم تفرقه وتبعده نوازعه عن شريكه لا شك أنه قد ترك شيئا من حقه مقابل بديل لشريكه يراه أفضل لنفسه وعوضا عن خسارته وتنازله الذي لا يكون معلنا لكنه مضمر معروف.
والثابت في العلاقات بين الزوجين منذ عهد البشرية الأولى الذي يقوم عليه الارتباط هو المال، حيث يقدم الزوج شيئا ماديا للمرأة تبدأ به الحياة الزوجية، وقد طورته التجارب حتى صار المهر الذي تعرفه الأديان والقوانين الاجتماعية وتقيم عليه العلاقة الأولى.
وأول ما سجل لنا الشعر في الجاهلية معركة حامية بين زوجين زوج أوقعه سوء حظه بزوجة شجاعة مقاتلة هي أم حازم فتشابكت علاقاتهما وتباعدت نزعاتهما فأردفها برزينة فكانت عليه القاضية:
ألاقي العناء والبرح من أم حازم
وما كنت ألقى من رزينة أبرح
لقد كان لي عن ضرتين عدمتني
وعما ألاقي منهما متزحزح
ذكر الشاعر السبب الذي أوقعه بذلك المأزق إنه المكياج الكامل الذي أخفى وراءه ملامح الحقيقة عن عينه والشعر الأسود الكث الذي عقصته كأذناب الخلف والطول الفارع والأريج الفواح والقرط الذي يتطوح في مساحة العنق الأتلع، كل دواعي الجمال والشباب توفرت أمام عينيه في أم حازم، أما الشيء الذي غاب عنه فهو ما يغيب عن كل عروسين حتى يلتقيا، فيجد كل منهما من صاحبه ما لا يعرفه قبلا، تغيرت المواقف وتبدلت الأوصاف وسجل الشاعر معركة خاسرة انتهت بفراق أبدي، وقد أخبرنا أن العربي في الجاهلية أول من قاسم الزوجة ماله للخلاص والسلامة وأعلن حقها فيما كسب بعد أن أرضى واسترضى ودفع الرشوة للأقرباء ولم ينفع غير مقاسمة المال شاء أو أبى، وقد لخص جران العود قضيته في معلقة طريفة تستحق أن يقرأها كل شاب وشابة يقدم على الزواج حتى في هذه الأيام وإليكم بعضها:
فإن الفتى المغرور يعطي تلاده
ويعطي الثنا من ماله ثم يفضح
ويغدو بمسماح كأن عظامها
محاجن أعراها اللحاء المشبّح
فتلك التي حكّمت في المال أهلها
وما كل مبتاع من الناس يربح
فيا رب قد صانعت حولا مجرّما
وخادعت حتى كادت العين تمسح
وراشيت حتى لو تكلف رشوتي
خليج من المران قد كاد ينزح
أأترك صبياني وأهلي وأبتغي
معاشا سواهم أم أقر فأذبح
خذا نصف مالي واتركا لي نصفه
وبينا بذم فالتعزب أروح
خذا حذرا يا خلتيّ فإنني
رأيت جران العود قد كان يصلح
ولكي يكون منصفا لمن لسنا على شاكلة أم حازم ورزينة فقد ختم بالبيت المنصف فلا الرجال سواسية ولا النساء كذلك..
ولسن بأسواء فمنهن روضة
تهيج الرياض غيرها لا تصوح
أخوكم عامر بن الحارث المعروف لديكم بجران العود.
Mtenback@
لقد واجه الأولون ما يواجه الشباب من مشكلات ومعروف أن ارتباط شخصين من جنسين مختلفين ذكر وأنثى وفي علاقة شديدة الحساسية بينهما واستمرار طويل بالخصوصية مع وجود عوامل الاختلاف الذاتي في حالات كثيرة كالحالة النفسية والنوازع العاطفية والفردية لكل منهما، ومشترك الرغبات كامتلاك المال وحب السيطرة والطمع بالغلبة والتفوق حتى ولو نسبيا وطلب المزيد مما يمكن تحقيقه.
وحواء وآدم كانا أول شخصين طلبا المزيد وأرادا أمن ما هما فيه من النعيم واستمراره، فكان جزاؤهما الحرمان والإخراج من الجنة، وليس هناك زوج وزوجة إلا وفيهما منزع من هذه النوازع قل أو كثر ومن لم تفرقه وتبعده نوازعه عن شريكه لا شك أنه قد ترك شيئا من حقه مقابل بديل لشريكه يراه أفضل لنفسه وعوضا عن خسارته وتنازله الذي لا يكون معلنا لكنه مضمر معروف.
والثابت في العلاقات بين الزوجين منذ عهد البشرية الأولى الذي يقوم عليه الارتباط هو المال، حيث يقدم الزوج شيئا ماديا للمرأة تبدأ به الحياة الزوجية، وقد طورته التجارب حتى صار المهر الذي تعرفه الأديان والقوانين الاجتماعية وتقيم عليه العلاقة الأولى.
وأول ما سجل لنا الشعر في الجاهلية معركة حامية بين زوجين زوج أوقعه سوء حظه بزوجة شجاعة مقاتلة هي أم حازم فتشابكت علاقاتهما وتباعدت نزعاتهما فأردفها برزينة فكانت عليه القاضية:
ألاقي العناء والبرح من أم حازم
وما كنت ألقى من رزينة أبرح
لقد كان لي عن ضرتين عدمتني
وعما ألاقي منهما متزحزح
ذكر الشاعر السبب الذي أوقعه بذلك المأزق إنه المكياج الكامل الذي أخفى وراءه ملامح الحقيقة عن عينه والشعر الأسود الكث الذي عقصته كأذناب الخلف والطول الفارع والأريج الفواح والقرط الذي يتطوح في مساحة العنق الأتلع، كل دواعي الجمال والشباب توفرت أمام عينيه في أم حازم، أما الشيء الذي غاب عنه فهو ما يغيب عن كل عروسين حتى يلتقيا، فيجد كل منهما من صاحبه ما لا يعرفه قبلا، تغيرت المواقف وتبدلت الأوصاف وسجل الشاعر معركة خاسرة انتهت بفراق أبدي، وقد أخبرنا أن العربي في الجاهلية أول من قاسم الزوجة ماله للخلاص والسلامة وأعلن حقها فيما كسب بعد أن أرضى واسترضى ودفع الرشوة للأقرباء ولم ينفع غير مقاسمة المال شاء أو أبى، وقد لخص جران العود قضيته في معلقة طريفة تستحق أن يقرأها كل شاب وشابة يقدم على الزواج حتى في هذه الأيام وإليكم بعضها:
فإن الفتى المغرور يعطي تلاده
ويعطي الثنا من ماله ثم يفضح
ويغدو بمسماح كأن عظامها
محاجن أعراها اللحاء المشبّح
فتلك التي حكّمت في المال أهلها
وما كل مبتاع من الناس يربح
فيا رب قد صانعت حولا مجرّما
وخادعت حتى كادت العين تمسح
وراشيت حتى لو تكلف رشوتي
خليج من المران قد كاد ينزح
أأترك صبياني وأهلي وأبتغي
معاشا سواهم أم أقر فأذبح
خذا نصف مالي واتركا لي نصفه
وبينا بذم فالتعزب أروح
خذا حذرا يا خلتيّ فإنني
رأيت جران العود قد كان يصلح
ولكي يكون منصفا لمن لسنا على شاكلة أم حازم ورزينة فقد ختم بالبيت المنصف فلا الرجال سواسية ولا النساء كذلك..
ولسن بأسواء فمنهن روضة
تهيج الرياض غيرها لا تصوح
أخوكم عامر بن الحارث المعروف لديكم بجران العود.
Mtenback@