تفاعل

أجوبة تساؤل كيف نكون قدوة؟

خديجة باطويل
تعودنا على التمتع بعطايا الوطن الزاخرة وحق لنا مقابلة العطاء بما يماثله؛ فاليوم الوطني 92 ذكرى مجيدة نتألق من خلالها بالعطاء للوطن؛ وذلك بأن نكون مثال يحتذى به عبر تخلقنا بأسمى المعاني وتفعيل أجوبة تساؤل 'كيف نكون قدوة؟' المتضمنة بكتاب (إن لم... فمن..!!؟). يستهل بالتوضيح بأننا نكون قدوة عندما نبدأ بأنفسنا قبل الغير أي عندما أبدأ بنفسي بالتحلي بما أريده من غيري، مثال ذلك 'الاحترام' قبل تسوله من الغير أقدمه لنفسي سلفا فينعكس تلقائيا على الغير.

ورغم جمال الاختلاف وتعدد الخيارات تبقى 'العقيدة والقيم النبيلة' من أعظم البواعث على التمسك بها، لما تعود به من نفع على الفرد والمجتمع؛ فالتمسك بها لا يعني الانغلاق على الذات وإحكام نسجها أو عدم الانفتاح على الغير إنما هي انفتاح واع منضبط وفق القيم والمبادئ المجتمعية لنا والتي من خلالها تتبلور الرغبات النافعة التي هي من أعظم البواعث على الرقي والسمو فوق السلوكيات المتخاذلة لاستخلاص المعاني والألفاظ الراقية. فالعقيدة، والقيم، والمبادئ سبيل رشد تجعل الإنسان رغم تغير الزمان والمكان وما يطرأ عليه من اختلاف وما يترتب عليه من تغير في الفكر والسلوك إنسان له رونق مهذب متخلق بمعالي الأمور.

والانفتاح الشخصي أو على ثقافات الغير لا يعني الطمس أو محو الذاتية الفردية والمجتمعية إنما هو امتزاج واستخلاص للمفيد من الغير. هذه عقيدة سامية تسمو بمن يعتقدها ويسير عليها وهي ثاني إجابة لتساؤل 'كيف نكون قدوة؟' وذلك بتمسكنا بعقيدتنا ومبادئنا وقيمنا.

الإخلاص هو الثبات على العهد والوفاء لجهة واحدة وهو الفلك الذي تدور حوله جل الأعمال ويكون ذلك بالإخلاص لله -عزوجل- وإفراده بالعبادة مع العمل الموافق للسنة المطهرة، أما عن الإخلاص في عباداتنا، ولولاة أمرنا، وفي تعاملاتنا فهو أمر من الشارع الحكيم حيث قال -جل وعلا- (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم). فالإخلاص بمفهوم الوطنية يكون بالولاء للقيادة الحكيمة التي استهلت بالقائد الفذ الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- الذي استطاع بإيمانه الراسخ وحنكته وبصيرته النافذة أن يبني دولته الفتية ويشيد منطلقاتها وثوابتها التي لا نزال نقتبس منها حتى عهدنا الزاهر، لتنير حاضرنا ونستشرف منها ملامح ما نتطلع إليه من رقي وتقدم في مستقبلنا.

حب الوطن الحقيقي يتجلى في العمل على رفعته وتقدمه بإخلاص وتفان لتظل المملكة العربية السعودية قيادتا وشعبا لحمة وطنية واحدة وكيانا شامخا وحصنا منيعا. كل عام ووطننا الغالي عزيزا أبيا آمنا مستقرا، وبذلك نعيش تحت الظل الوارف للإجابة الثالثة لتساؤل 'كيف نكون قدوة؟' ألا وهي.. إذا أخلصنا لله ثم للقيادة والوطن.

ننتقل بعد ذلك للتعليم الذي هو الركيزة الأساسية التي يقوم عليها أي عمل في شتى المجالات، ويتمثل فيه أول أمر إلهي شرع لأمتنا (اقرأ) فمن الأهمية بمكان التركيز على جودة مخرجات التعليم وذلك لأن أهمية التعليم لا تقتصر على الحصول على أعلى الدرجات بل هي أيضا امتلاك مهارات الحياة في كل القضايا الخاصة، وكيفية تلبية الاحتياجات الفردية والمجتمعية.

تعد الإدارة عامل حيوي هام يدخل في كل أمور حياتنا الشخصية منها والاجتماعية ويدعم ذلك مقولة تنص على أن 'الإنسان لا يستطيع أن يبدأ حياته إلا بورقة رسمية ولا يستطيع أن ينهيها إلا بورقة رسمية أخرى' ويختزل نجاح العمل الإداري في تحقيقه بأقل وقت، وكلفة، وجهد. بينما الروتين والمركزية الجامدة هي قضبي الترهل الإداري الذي ينبغي تلافيها.

أما عن النشاط الاقتصادي فهو أهم عامل يؤثر في كل جوانب الحياة المختلفة فمن خلاله يتم تفعيل بيئة الأعمال، وبعلاج المشاكل الهيكلية يتحقق التوازن بين نفقات الدولة واستدامة مواردها التي تسهم في إيجاد نشاط اقتصادي مزدهر نتمكن به من تقديم الإجابة الرابعة للسؤال آنف الذكر ألا وهي.. إذا أصلحنا إداراتنا وتعليمنا واقتصادنا.

أما عن الانفتاح الذي يعد تفاعلا إنسانيا عميقا يستطيع الشخص من خلاله تكوين ذائقة جمالية يترقى من خلالها في الوعي فهو لا يقتصر على التغير في الشكل أو التقليد الكلي للغير، إنما هو اقتباس للمفيد والجميل من الغير وتطوعيه للمنفعة الذاتية ولخدمة المجتمع. فالانفتاح يؤتي ثمرة إذا كان مدروسا وموجها بعناية نستوعب من خلاله الحياة بطريقة صحيحة لا تغضب الله -عزوجل- وبذلك نكون قد تحلينا بجميل الجواب الخامس ألا وهو.. إذا انفتحنا على العالم فيما لا يغضب الله عز وجل.

وأختم المقال بالحديث عن الاستفادة من المعطيات العلمية التي تسهم في رفع الوعي الفكري واكتساب المهارات والعلوم التي تقود لبناء مجتمع متقدم برؤية وتخطيط واستراتيجيات واضحة. فالمعطيات التقنية يستفاد منها عبر الذكاء التقني الاصطناعي المتمثل في سرعة وصول المعلومات وضخامة الإنتاج لها، وتعد الاستفادة من المعطيات البحثية التي تعمل على الإثراء المعرفي، وإنماء المجتمعات، ومزاوجة الأفكار وتلاقحها إسهاما في تيسير صنع القرار وذلك عبر دراسة المعضلات وما ينتج عنها والخروج بحزمة من المخرجات النافعة التي من خلالها نحقق الاستفادة من المعطيات العلمية والتقنية والبحثية المعاصرة.. والتي هي آخر جواب لتساؤل 'كيف نكون قدوة؟'.