الرأي

القيادة توجه: الحج رسالة سلام

مكيون

فاتن محمد حسين
تزامن إطلاق توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لمختلف الجهات الحكومية والأهلية ذات العلاقة بخدمة الحجاج، بمضاعفة الجهود وبذل كل ما من شأنه التيسير على ضيوف الرحمن لأداء فريضة الحج خلال ترؤسه لجلسة مجلس الوزراء الاثنين 12/‏11/‏1437هـ، وأيضا إطلاق حملة (الحج عبادة وسلوك حضاري) من الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة في موسمها الثامن تحت شعار: (الحج رسالة سلام)؛ وهذا مؤشر على أن أهداف القيادة الاستراتيجية واحدة وخططها التنموية التنفيذية والتشغيلية متوافقة مع متطلبات خدمة حجاج بيت الله الحرام. والمتأمل للتوجيهات وشعار الحملة يجد أنها تنطلق من أهمية الحفاظ على الأمن والسلام وحماية حجاج بيت الله الحرام، فهذه هي الأولوية القصوى لحكام هذا البلد الحرام وتوفير أقصى درجات الراحة والطمأنينة لهم وهذا لن يتأتى إلا من خلال استراتيجية عمل مشتركة من جهات عديدة أولها: مقدمو الخدمات، وتشمل حسن الاستقبال وكرم الضيافة والبشاشة وحسن التعامل، فحتى نبرة الصوت ولغة الجسد والإشارة كلها مؤشرات لسلوكيات وأخلاق الإنسان؛ فالعديد من الأبحاث والدراسات تشير إلى أن الكلمات والجمل لا تمثل سوى 7% من طرق تواصلنا، بينما يذهب الجزء الأكبر إلى حركاتنا وإيماءاتنا وتمثل نسبة 55% كما أن نبرة الصوت تمثل 38% وهي التي تترجم في عقول المتلقين. لذا فإن أهل الطوافة هم أكثر الفئات قربا من حجاج بيت الله الحرام لا بد أن يكونوا سفراء من داخل مكة في حسن التعامل وبث الابتسامة الصادقة للحجاج والتمسك بقيم الإسلام وأخلاقه وآدابه من حيث التراحم والرفق والتواضع والصبر.. وغيرها من أخلاقيات الإسلام السامية. كما أن الحجاج يأتون من بيئات وطبقات اجتماعية متنوعة ومن ثقافات مختلفة تحتم عليهم التعامل معهم بفهم لخلفياتهم الثقافية والاجتماعية، ولهذا أعطيت خدمات الحجاج لمؤسسات مختلفة كل مؤسسة تخدم بلدانا خاصة بحيث يصعب على الآخرين التعامل معهم... وفي هذا رد على من يظن أن شركات متنوعة قد تقدم خدمات لهؤلاء، مما يجعلها ضربا من المغامرة وربما الفشل؛ لأن التواصل الإنساني يقوم على التفاعل والانسجام بناء على خلفيات اجتماعية ومشتركات ثقافية. كما أن جعل (الحج رسالة سلام) يحتم تعظيم هذا البلد الحرام والذي يجب أن يتأدب فيه المسلم وقد قال المصطفى: «لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة حق تعظيمها فإن ضيعوها هلكوا». كما أنه لا يحل لآدمي أن يسفك فيه دما ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرف». فكيف بالإساءة للمسلمين بأي شكل من أشكال الإيذاء! بل يجب اجتناب السيئات ومنها الافتراش في مكة والمشاعر المقدسة وما ينتج عنه من رمي للنفايات وتلوث للبيئة فهذه من المعاصي التي يؤخذ فيها المسلم فقد قال تعالى: (وَمَن يرد فيه بإلحَاد بظلم نذقه من عَذَاب أَليم). بل من تعظيم هذا البلد تجنب مزاحمة الناس وإيذائهم ولهذا فإن الحج وبدون تصريح ومزاحمة الناس لهو إساءة للمسلمين، فلا بد أن نفسح المجال لمن له حق الحج، وفي هذا احترام للنظام وهو أهم ركائز السلام والطمأنينة. كما أن اتباع الأنظمة والقوانين من الحجاج في هذا البلد والتي لا بد أن توضح لهم من بلادهم وهو ما قامت به بعض الدول مثل ماليزيا.. وفي هذا العام قام مسجد موسكو بتوعية حجاج روسيا عن الأنظمة والتعليمات، بل وعن أركان الحج وواجباته وشروطه. بل ضرورة أن تشمل التوعية كذلك على أهمية الالتزام بتعليمات وزارة الحج في التفويج والنفرة وعدم حمل الأمتعة وغيرها من التعليمات، لأن ذلك سيسهم في جعل رحلة الحج رحلة أمن وسلام وسكينة لضيوف الرحمن. بل إن من صور الإيذاء للمسلمين في مكة تجمع الحشود في مظاهرات ورفع الهتافات السياسية والشعارات المذهبية التي تخلق حالة من الفوضى وتبث بذور الشقاق والفرقة بين المسلمين، كما أنها فرصة لاندساس عناصر فاسدة تريد إيذاء المسلمين وسفك الدماء ونهب الأموال فضلا عما تسببه من إعاقة لحركة الناس في الشوارع وربما التدافع وما ينتج عنه من إزهاق للأرواح البريئة والله سبحانه يقول: {.. فَلَا رَفَثَ وَلَا فسوقَ وَلَا جدَالَ في الحَج ۗ..}. كما أن لأهل هذا البلد من أهل مكة حقوقا على ضيوف الرحمن بأن يقال لهم: (شكرا) على مجهوداتكم... بل قبل هذا وذاك الشكر لله عز وجل الذي كتب لهم هذه الرحلة الإيمانية، والشكر للقيادة السعودية التي تنفق بسخاء لتوفير أقصى دراجات الراحة والطمأنينة لهم.