مؤتمر المدينة للأوقاف خطوة أولى
السبت / 21 / صفر / 1444 هـ - 21:57 - السبت 17 سبتمبر 2022 21:57
يمثل الوقف قيمة مهمة في تكوين الحضارة العربية المسلمة، بل كان عدتها وقوامها الرئيس الذي به تحققت الفائدة المرجوة وسببا في نهضة المجتمع على مختلف الأصعدة العلمية والاجتماعية وما يتعلق بهما من مصالح توجهت بخدمتها لتعزيز جودة الحياة للناس وفق مصطلحنا المعاصر.
وكانت ولا تزال تلك الأوقاف مثار إعجاب كل الدارسين والمتتبعين لمفاصل الحضارة العربية المسلمة خلال فترة ازدهارها وارتقائها لسلم المجد الحضاري.
لقد شارك الوقف في دعم كثير من الأنشطة التعليمية، والمنشآت الصحية، وتطوير القدرات الاقتصادية، عوضا عن دوره في المحافظة على مستوى التوازن المجتمعي بتعزيز روح التكافل بين أفراده، كما اهتم برعاية عدد من الأغراض العامة ذات الشق الإنساني، كالأوقاف المخصصة لتجهيز الأعراس، وغيرها من الأعمال الإنسانية.
هكذا كان ولا يزال الوقف قوة دافعة لأي نهضة، لاسيما مع نمو المجتمع وتشعب حاجاته، الذي لن تغنيه مظاهر الإحسان الفردي، كما لن يغطي عجزه مساهمات التبرع الخيري، ولهذا أصبح واجبا العمل على إنشاء مؤسسات نفع عام بنظام الوقف، تقوم على دعم مختلف المناشط الإنسانية أسوة بما قام به السلف الذين حبسوا الكثير من الأصول بهدف رعاية الإنسان ودعم مشروعه التنموي.
وحتما فنحن اليوم في المملكة العربية السعودية سائرون على ذات النهج، حيث اهتمت كثير من المنشآت في مختلف القطاعات بتأسيس وقف لها، وأثمر ذلك عن تأسيس هيئة عامة للأوقاف ترتبط برئيس مجلس الوزراء، ويقع على كاهلها تعزيز دور الأوقاف في التنمية الاقتصادية والتعليمية والصحية وصولا إلى تعزيز التكافل المجتمعي، علاوة على الاهتمام بتنظيم الوقف وإصدار اللوائح المشرعة له، وتيسير الحفاظ عليه وتنميته بالصورة التي يخدم شرط الواقف والمستفيدين منه.
وانطلاقا من ذلك جاء «مؤتمر المدينة المنورة للأوقاف» برعاية أمير المنطقة الأمير الدكتور فيصل بن سلمان ليكون بمثابة الخطوة الأولى لجمع شتات مختلف الأفكار العلمية التي من شأنها تطوير وتنمية موضوع الوقف، حيث هدف المؤتمر إلى إظهار الفرص الاستثمارية التي توفرها الأوقاف لاستقطاب رؤوس الأموال، وتوفير مناخ آمن لتشجيع الموقفين للاستثمار في إحياء الأوقاف المعطلة، وتفعيل الشراكات والتعاون بين الأوقاف ومختلف الجهات، علاوة على نشر الوعي بأهمية الوقف في التنمية لتعزيز الإسهام بما يخدم رؤية 2030، وطرح الحلول العلمية والعملية المعاصرة لتحسين واستدامة الأوقاف، إضافة إلى نقل الخبرات وعرض التجارب المحلية والدولية لأهم الممارسات في تثمير الأوقاف، وخلص المؤتمر إلى عدد من التوصيات التي جرى إعلانها بشكل رسمي، وتستحق النظر فيها بعناية من قبل الجهات المعنية، وتحويلها إلى برامج عمل منفذة.
أشير في هذا السياق إلى أن الوقف في المجتمع الغربي Endowment قد أسهم في تقديم عديد من الخدمات الإنسانية الخيرية، واهتم بدعم مراكز الأبحاث والباحثين، حيث بلغت قيمة بعض الأوقاف العلمية في الولايات المتحدة الأمريكية أرقاما عالية تفوق ميزانيات بعض دول العالم الثالث، كما هو الحال مع جامعة تكساس التي زاد وقفها عن 69 مليار دولار، وجامعة ستنافورد التي زاد وقفها عن 62 مليار دولار، وجامعة هارفرد التي زاد وقفها عن 53 مليار دولار، وغيرها.
ولم ينحصر الوقف على المؤسسات التعليمية بل شمل المؤسسات التجارية كمؤسسة «رولكس» حيث قام هانز ويل سدروف بإنشاء مؤسسة خيرية بعد وفاة زوجته، جاعلا ريعها في قسمين: أحدهما يعود لاستثماره في الشركة لضمان ديمومتها، والآخر يتم صرفه على الأعمال الخيرية، ودعم مراكز الأبحاث المتعلقة بتطوير صناعة الساعات، ودعم أقسام الإدارة بالجامعات، ومجالات الأدب والفنون.
ختاما نحن في حاجة إلى تعزيز دور الوقف ضمن نطاقنا الاقتصادي، وبات مهما التفكير بجد لإصدار تشريعات فقهية معاصرة تحرر كثيرا من الأوقاف المقيدة وبخاصة في الحرمين الشريفين، التي تعرض المستفيدون منها إلى ضرر كبير لسبب أو لآخر، كما صار لازما الاهتمام بموضوع كيفية الاستفادة من الوقف محاسبيا من قبل هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، لاسيما حين احتساب الضريبة المستحقة على المنشأة التجارية التي لديها وقف، تشجيعا ودعما لانتشار ثقافة الوقف ضمن قطاعنا الاقتصادي، وأسوة بعديد من الأنظمة الغربية التي تأخذ بعين الاعتبار طبيعة الأوقاف المسجلة حال احتساب الضريبة المستحقة. إنها كلمتي الأخيرة التي أهمس بها إلى المختصين والمعنيين بالأمر.
zash113@
وكانت ولا تزال تلك الأوقاف مثار إعجاب كل الدارسين والمتتبعين لمفاصل الحضارة العربية المسلمة خلال فترة ازدهارها وارتقائها لسلم المجد الحضاري.
لقد شارك الوقف في دعم كثير من الأنشطة التعليمية، والمنشآت الصحية، وتطوير القدرات الاقتصادية، عوضا عن دوره في المحافظة على مستوى التوازن المجتمعي بتعزيز روح التكافل بين أفراده، كما اهتم برعاية عدد من الأغراض العامة ذات الشق الإنساني، كالأوقاف المخصصة لتجهيز الأعراس، وغيرها من الأعمال الإنسانية.
هكذا كان ولا يزال الوقف قوة دافعة لأي نهضة، لاسيما مع نمو المجتمع وتشعب حاجاته، الذي لن تغنيه مظاهر الإحسان الفردي، كما لن يغطي عجزه مساهمات التبرع الخيري، ولهذا أصبح واجبا العمل على إنشاء مؤسسات نفع عام بنظام الوقف، تقوم على دعم مختلف المناشط الإنسانية أسوة بما قام به السلف الذين حبسوا الكثير من الأصول بهدف رعاية الإنسان ودعم مشروعه التنموي.
وحتما فنحن اليوم في المملكة العربية السعودية سائرون على ذات النهج، حيث اهتمت كثير من المنشآت في مختلف القطاعات بتأسيس وقف لها، وأثمر ذلك عن تأسيس هيئة عامة للأوقاف ترتبط برئيس مجلس الوزراء، ويقع على كاهلها تعزيز دور الأوقاف في التنمية الاقتصادية والتعليمية والصحية وصولا إلى تعزيز التكافل المجتمعي، علاوة على الاهتمام بتنظيم الوقف وإصدار اللوائح المشرعة له، وتيسير الحفاظ عليه وتنميته بالصورة التي يخدم شرط الواقف والمستفيدين منه.
وانطلاقا من ذلك جاء «مؤتمر المدينة المنورة للأوقاف» برعاية أمير المنطقة الأمير الدكتور فيصل بن سلمان ليكون بمثابة الخطوة الأولى لجمع شتات مختلف الأفكار العلمية التي من شأنها تطوير وتنمية موضوع الوقف، حيث هدف المؤتمر إلى إظهار الفرص الاستثمارية التي توفرها الأوقاف لاستقطاب رؤوس الأموال، وتوفير مناخ آمن لتشجيع الموقفين للاستثمار في إحياء الأوقاف المعطلة، وتفعيل الشراكات والتعاون بين الأوقاف ومختلف الجهات، علاوة على نشر الوعي بأهمية الوقف في التنمية لتعزيز الإسهام بما يخدم رؤية 2030، وطرح الحلول العلمية والعملية المعاصرة لتحسين واستدامة الأوقاف، إضافة إلى نقل الخبرات وعرض التجارب المحلية والدولية لأهم الممارسات في تثمير الأوقاف، وخلص المؤتمر إلى عدد من التوصيات التي جرى إعلانها بشكل رسمي، وتستحق النظر فيها بعناية من قبل الجهات المعنية، وتحويلها إلى برامج عمل منفذة.
أشير في هذا السياق إلى أن الوقف في المجتمع الغربي Endowment قد أسهم في تقديم عديد من الخدمات الإنسانية الخيرية، واهتم بدعم مراكز الأبحاث والباحثين، حيث بلغت قيمة بعض الأوقاف العلمية في الولايات المتحدة الأمريكية أرقاما عالية تفوق ميزانيات بعض دول العالم الثالث، كما هو الحال مع جامعة تكساس التي زاد وقفها عن 69 مليار دولار، وجامعة ستنافورد التي زاد وقفها عن 62 مليار دولار، وجامعة هارفرد التي زاد وقفها عن 53 مليار دولار، وغيرها.
ولم ينحصر الوقف على المؤسسات التعليمية بل شمل المؤسسات التجارية كمؤسسة «رولكس» حيث قام هانز ويل سدروف بإنشاء مؤسسة خيرية بعد وفاة زوجته، جاعلا ريعها في قسمين: أحدهما يعود لاستثماره في الشركة لضمان ديمومتها، والآخر يتم صرفه على الأعمال الخيرية، ودعم مراكز الأبحاث المتعلقة بتطوير صناعة الساعات، ودعم أقسام الإدارة بالجامعات، ومجالات الأدب والفنون.
ختاما نحن في حاجة إلى تعزيز دور الوقف ضمن نطاقنا الاقتصادي، وبات مهما التفكير بجد لإصدار تشريعات فقهية معاصرة تحرر كثيرا من الأوقاف المقيدة وبخاصة في الحرمين الشريفين، التي تعرض المستفيدون منها إلى ضرر كبير لسبب أو لآخر، كما صار لازما الاهتمام بموضوع كيفية الاستفادة من الوقف محاسبيا من قبل هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، لاسيما حين احتساب الضريبة المستحقة على المنشأة التجارية التي لديها وقف، تشجيعا ودعما لانتشار ثقافة الوقف ضمن قطاعنا الاقتصادي، وأسوة بعديد من الأنظمة الغربية التي تأخذ بعين الاعتبار طبيعة الأوقاف المسجلة حال احتساب الضريبة المستحقة. إنها كلمتي الأخيرة التي أهمس بها إلى المختصين والمعنيين بالأمر.
zash113@