الرأي

مسلسل (Black Bird) وسرد قصصي متكامل

عاصم الطخيس
المطلع على المسلسلات في الوقت الحالي يرى وجود الكثير من المحتوى لكن القليل من الجودة، وخصوصا مع تزايد المنافسة في سوق الدفع للمشاهدة (Pay to watch)، لكن Apple TV+ كانت وما تزال محافظة على رونق وجودة مسلسلاتها وأفلامها التي تنتجها ولو كانت قليلة، فالعبرة ليست بالكثرة، بل بالجودة. مسلسل (Black Bird) هو مثال واضح على المسلسلات الأصلية التي تنتجها الشركة والتي حازت على إعجاب النقاد وكان له أصداء واسعة ضمن نطاق الأعمال الدرامية المبنية على قصة حقيقية.

القصة تدور حول جيمز كين (James Keene) الذي يحكم عليه بالسجن عشر سنوات لكنه يعقد اتفاقا مع الإف بي آي (FBI) لمصاحبة قاتل متسلسل غير متأكدين أنه فعلا هو القاتل، ولكن حتى يتسنى لكين أن ينتزع الاعتراف من لاري هال (Larry Hall) بخصوص العثور على جثث ضحاياه التي تزيد عن 18 فتاة.

المسلسل بكامله مبني على كتاب من تأليف جيمز كين بعنوان «مع الشيطان» (with the devil)، الجدير بالذكر أن المسلسل من نوع الجريمة والغموض والذي يمتد لمدة 6 حلقات لموسم وحيد بمعدل 5 ساعات و47 دقيقة، وهو من تأليف دينيس ليهان (Dennis Lehane)، ومن بطولة كل من تارون إجيرتون (Taron Egerton) في دور جيمز كين الابن (James Keene)، بول والتر هاوزر (Paul Walter Hauser) في دور لاري هال (Larry Hall)، جريج كينير (Greg Kinnear) في دور بريان ميلر (Brian Miller)، وراي ليوتا (Ray Liotta) في دور جيم كين الأكبر (Big Jim Keene)، ومن إخراج مايكل ر. روسكام (Michaël R. Roskam). يعتبر هذا المسلسل هو آخر أعمال راي ليوتا قبل وفاته وقد توفي قبل رؤيته له في صيغته النهائية، ولذلك تم تخصيص الحلقة الثالثة كذكرى لوفاته.

المسلسل يأخذ طريقين لسرد القصة، فالطريق الأول والذي يتعلق بالقصة الرئيسية وهي علاقة جيمز مع لاري في السجن وكيف يمكنه انتزاع الاعتراف منه وقبل كل ذلك التأكد من كونه هو الرجل المنشود في هذه الجرائم.

القصة الثانية تأخذ طابعا آخر وهو التحري وكأننا نعود بالزمن للوراء ومتابعة حيثيات وخطوات لاري هيل أثناء ترحاله وقتله لعدد من الفتيات ضمن مناطق مختلفة من الولايات المتحدة.

أستطيع أن أقول إن جوهر المسلسل يكمن في الشخصيات وأدائها، فتطور الشخصيات من الناحية الجسمانية، النفسية والمبادئ هي الواضحة ولكنها ليست مجبرة بل تأتي مع مرور الوقت وكأنها الواقع في حياة البشر.

بالنسبة للأداء فقد كان رائعا لكل من تارون إجيرتون وبول والتر هاوزر، حيث يجبرانك على التعمق داخل الشخصية وسردابها المظلم مع كونهما مجرمين لكن مبادئهما تختلف في تحديد الصواب والخطأ، فجيمز يعترف بكونه مذنبا في ارتكاب جرائم تجارة المخدرات وتهريب الأسلحة، ولكن لاري لا يعترف ويريد أن يكون شيئا مهما في المجتمع، شخصا معروفا بالرغم من مستواه العقلي الضعيف لكن وجود شخصية كامنة داخله «فصام شخصي» هي التي تتحكم وتقتل وتظهر مشاعر الرعب والعنف عند القتل.

البناء القصصي والانتقالات بين القصص كانت مناسبة ولم تكن تخرجك من فحوى القصة، بل تزيدها عمقا وغموضا وحيرة وهو المطلوب في مثل هذا النوع من المسلسلات.

AsimAltokhais@