أعمال

مختصون: نقل المياه تحت الشمس يثبت ضعف الرقابة وغياب حماية المستهلك

«التجارة» تلقي باللوم على الأمانات وتحملها المسؤولية

إحدى مركبات نقل المياه للمنازل (مكة)
أكد مختصون ومهتمون بشؤون المستهلك تنامي ظاهرة نقل وبيع المياه المعبأة تحت أشعة الشمس، في مركبات غير مجهزة، وهو ما يعرض الصحة العامة والمستهلكين لمخاطر حقيقية، مستندين في ذلك لتقارير طبية أثبتت ضرر استهلاك مثل هذه المياه، مشيرين إلى أن عدم اضطلاع بعض الجهات ذات العلاقة بدورها المطلوب في الرقابة والتفتيش، وغياب دور الجهات المعنية بحماية المستهلك، سبب رئيس في تنامي الظاهرة التي يغذيها انخفاض الأسعار مقارنة بالمياه التي تباع في مراكز التسويق.

وفي حين أخلت وزارة التجارة مسؤوليتها عن نقل وبيع المياه تحت أشعة الشمس، ألقت بكامل المسؤولية على الأمانات والبلديات، حيث إن مسؤولية الحفاظ على الصحة العامة وصحة البيئة ومواجهة الممارسات التي تضر بالموطنين هي من مسؤولياتها، وكان رد أمانة المنطقة الشرقية بأنها تتعامل مع الباعة الجائلين للمياه بشكل مستمر ويومي وفي مختلف الأماكن التي يتركز بها هؤلاء الباعة المخالفون، بينما أكدت الهيئة العامة للغذاء والدواء أن مهمتها تتعلق بإصدار اللوائح والتشريعات الخاصة بسلامة مياه الشرب المعبأة استنادا لنظام الغذاء، وتراقب مياه الشرب المعبأة ابتداء من مراحل الإنتاج في (المصنع) إلى أن يتم تخزينها في (المستودعات)، كما تقوم بنشر الرسائل التوعوية عبر حساباتها في وسائل التواصل الاجتماعي.

لا رقابة جادة

وأوضح المهتم بشؤون المستهلك عبدالعزيز الخضيري أن نقل المياه تحت أشعة الشمس يحصل يوميا أمام أنظار الجميع إلا أن الجهات المسؤولة عن صحة البيئة والمستهلك لا يسمع صوتها، بالرغم من أنها تشير في تقاريرها وبياناتها إلى ضرر استهلاك هذه المياه.

وأضاف الخضيري في تغريدة على تويتر، أنه تواصل مع كل من وزارة التجارة والهيئة العامة للغذاء والدواء ووزارة الصحة ومركز «بينة»، من أجل الوصول إلى المسؤول، إلا أن كل جهة أحالته لجهات أخرى لتعفي نفسها من المسؤولية، لافتا إلى أن نقل المياه تحت حرارة الشمس وبدون اشتراطات صحية يؤثر على جودتها ومأمونيتها، كما يؤكد المختصون.

أين دور «بينة»؟

من جانبه أوضح الاقتصادي عبدالرحمن الناصر في تغريدة على «تويتر» بأن هناك جهات أنشئت أساسا لخدمة المستهلكين ومراقبة ما يتعلق بشأنهم لا تقوم بدورها كما يجب، فعلى غرار جمعية حماية المستهلك، يأتي مركز «بينة» الذي أنشئ لمراقبة التجاوزات التي تضر بالبيئة والمستهلكين وتحديد الجهات المسؤولة، مشيرا إلى أن إلقاء كل جهة مسؤولية التقصير على جهات أخرى بدل اضطلاعها بمسؤوليتها يحدث حالة الإرباك ويعقد الأمور.

الأمانات مسؤولة

وأكدت وزارة التجارة في ردها على استفسار الصحيفة أن المسؤولية كاملة تقع على الأمانات والبلديات بخصوص نقل وبيع المياه تحت أشعة الشمس، حيث إن مسؤولية الحفاظ على الصحة العامة وصحة البيئة ومواجهة الممارسات التي تضر بالمواطنين هي من مسؤولياتها.

إقرار ومتابعة

وأفادت أمانة المنطقة الشرقية بأنها تتعامل بشكل مستمر ويومي وفي مختلف الأماكن التي يتركز بها هؤلاء الباعة المخالفون، حيث يتم رصدهم واتخاذ الإجراءات اللازمة تجاههم وفق لائحة الغرامات والجزاءات البلدي، مطالبة بتعاون المواطنين في الإبلاغ عن المخالفين على الرقم (940) .

ولفتت إلى وجود برنامج حملات مشتركة بشكل دوري ومستمر مع الجهات الأمنية، وذلك لضبط الباعة المخالفين، وذلك لما يمثله ذلك من مخالفات تستدعي ضبطها حسب الأنظمة البلدية.

ردكم غير مقنع !!

ولم يقنع رد أمانة المنطقة الشرقية مختصين بشأن المستهلك تواصلت معهم الصحيفة والحال نفسه مع الأمانات الأخرى في مناطق المملكة، حيث إن تزايد الظاهرة في الفترة الأخيرة يدل على ضعف الرقابة على الأقل، إن لم يكن عدم وجود رقابة جادة، حيث بالإمكان فرض غرامات كبيرة مثلا على هؤلاء تؤدي إلى توقفهم عن البيع.

دورنا تشريعي

أما الهيئة العامة للغذاء والدواء فأشارت على لسان متحدثها تيسير المفرج، أنها تقوم بإصدار اللوائح والتشريعات الخاصة بسلامة مياه الشرب المعبأة استنادا لنظام الغذاء، وتراقب مياه الشرب المعبأة ابتداء من مراحل الإنتاج في (المصنع) إلى أن يتم تخزينها في (المستودعات)، كما تقوم بنشر الرسائل التوعوية عبر حساباتها في وسائل التواصل الاجتماعي تتضمن طرق حفظ وتداول المواد الغذائية بشكل عام.

وأكدت الهيئة أن مياه الشرب المعبأة وكذلك المواد الغذائية الأخرى بشكل عام تتأثر بدرجات الحرارة العالية خصوصا التي يتم تخزينها تحت أشعة الشمس مباشرة، حيث نصت اللوائح الفنية بضرورة حفظ المواد الغذائية بما فيها مياه الشرب المعبأة في درجات حرارة مناسبة وفقا لطبيعة المنتج.

مواد مسرطنة

وحول الأضرار التي يسببها استهلاك مياه تعرضت للحرارة الشديدة، أفاد عضو هيئة التدريس بكلية الصحة العامة بجامعة الامام عبدالرحمن بن فيصل بالدمام الدكتور سعد الدهلوي، بأن استخدام القوارير البلاستيكية لمياه الشرب لها أضرار صحية عدة خصوصا، إذا تعرضت لسوء التخزين أو أشعة الشمس أثناء النقل حيث إن البلاستيك يتفاعل مع جزيئات الماء بسبب ارتفاع درجة الحرارة وبالتالي تتسرب بعض المواد الكيماوية من البلاستيك المصنوع من مركبات الهيدروكربون وأهمها مركب البولي إيثيلين تيريفثالات (PET). وهذه المركبات لها تأثيرات خطرة جدا على صحة الإنسان مثل تشوه الأجنة لدى الحوامل وإمكانية الإصابة بأمراض السرطان واختلال وظائف الغدد الصماء والهرمونات والتي بدورها قد تتسبب في البلوغ المبكر أو المتأخر وغيرها العديد من المشاكل الصحية.

25 مئوية حد أعلى

وأكد الاستشاري المختص وعضو الجمعية الأمريكية لسلامة الغذاء الدكتور باسم فوتا، استفحال ظاهرة بيع المياه المتعرضة لدرجات عالية من الحرارة، مشيرا إلى أن ضررها ليس خافيا على أحد، مشددا على ضرورة ألا تتجاوز درجة الحرارة التي تتعرض لها المياه 25 درجة مئوية، مبينا أن وضع عبوات الماء تحت الشمس الحارة للبيع قد يؤدي لتحلل تدريجي لمواد البلاستيك المسرطنة في الماء، ونصح السائقين بعدم الاحتفاظ بقوارير الماء في مركباتهم، حيث إن ارتفاع درجة الحرارة داخل المركبة ولساعات طويلة أكثر ضررا من وجودها في فضاء مفتوح.