الرأي

الأمير حسين ورجوى الأميرة

شاهر النهاري
بهدوء واثق وترتيب شفيف وقمة تواضع، وقصد يحمل الخير، وقلوب جمعها الحب وجدنا عصرنا الحاضر يحكى بيننا، كان يا ما كان، ذلك الأمير الهمام القادم من أساطير المستقبل، ووالده الملك المهيب الرزين، ووالدته الملكة الطائرة من الفرح يرحلون من مملكتهم على أجنحة الرقي والمحبة، ويدخلون مصونين مرحبا بهم في مملكة جارة تعودت القصص العظيمة، ليكتبوا بمشاعرهم وحضورهم وحبورهم حكاية من حكايات الزمان الفاضل الزاهي.

رغم كل حكايات العالم العنيفة، ورغم انتكاسات الجوار المريضة، والحسد، والحقد، وسحابات الخوف والحروب والدمار، ورغم المنافسات المحمومة، تصر الحكاية النادرة على أن تبدأ، ويناضل الحب طلبا للنصر المبين، بأغصان الزيتون، وسنابل النماء، وحمائم السلام.

رجوى، فتاة سعودية، لم تكن مثل الموجود من البنات، فهي طالبة علم في بعثة خارج وطنها، وهي محتشمة، لا تجري جري بنات جيلها في تعدي الخطوط، وهي مختلفة بكونها لا تخضع لما خضعت له بنات الجيل من جري خلف الزيف، ولا من زينة وعمليات نفخ وشد، فلم تصبح نسخة مقلدة مكررة رتيبة عن إحدى مشاهير الفن، ولا مشاهير الميديا، كان لها كيانها الخاص، وكان لها أسس عرقها وأصالتها وتربيتها، وكان لها عقل يعرف كيف يكون، وأين يذهب بخطواته، ومن يستحق أن تنتظره بقلبها الأبيض فوق جواده الأبيض.

هرمونية جماعية متناغمة، فليست فقط رجوى وأميرها الشاب الوسيم، ولكن التناغم يبدأ من النوايا والأطراف وينتهي برسم لوحة بديعة تحوي كل حسن، بجمع يعج محبة، والملك حضر بنفسه ودمعت عينه بفرح ما حصل لفلذة كبده وأمله القادم، والملكة استهلت نواياها بدعوات عميقة من القلب، ورجاء يتجدد بتكامل المشروع الملكي، الذي يرتقي فوق الظنون، ويكتب أجمل وأوفى قصة، باعتبار أفراد أسرتها من الجانبين مستعدين يقظين لما سيكون فيها من علاقات مستقبلية، ورباط احترام، وعهود شرف.

القصة ابتدأت للتو، ولا بد للحياة أن تستقل قطار القادم، وأن تكتب الأشعار والأغنيات، وأن تنثر سلال الزهور، وترش العطور في الأجواء، ولا بد للأصالة أن تثبت، وتدوم، وأن تتمكن من صون الذكريات، وكتابتها على لوحات متاحف الذهب.

حتى العرب لديهم مثل ما كان في رومانسية ديانا وبريطانيا، وكم نتمنى أن تكون رجوى أقوى من كل تحديات الدخول للتاريخ من بوابات الملوك، وأن تثبت أنها خير أميرة لخير أمير، وأن تكتمل الصور في وعيها، وأن تصنع وتبقى الذكريات، حتى تحكي للعالم عن عالم شرق أوسطي، عرف الشباب، والاختيار، والجمال، وكتم الأسرار، والتناغم مع المهام الملكية الجديدة، وعدم المقارنة بالغير، وعدم ملاحقة العدسات بحثا عن إرضاء العابثين، الناقدين، على صفحات التواصل الاجتماعي، طلبا للزلة، والكارثة، التي تعيش عليها قطعان المتابعة سريعة الانقلاب وخلق الشقوق والخلافات.

عني، فأنا متفائل، أرى وسط الهشيم قصة روعة تريد أن تكتمل، وتستحق، فلا نشاز يطرى، ولا خلافات تنساب، بين الأحباب، ودون تلويث الأوساط، وخلق الخوف في أعين كل عاشق للجمال، ويبحث عن استقرار حياة يضرب بها المثل، بين أعضاء الأسرة الملكية، وبزيادات محبة، وبعد عن الشر.

حتى نحن في الشرق الأوسط نستحق أن نحيا قصة منعشة مكتملة، تظل بيننا مثلا، يراه شبابنا، وشاباتنا، ويتمثلون فيه بحقيقة أنفسهم، التي تكتب الستر، والروعة، والتعاون، وخلق الأسرة، والتكامل، وتفاني الفرد، من أجل الجماعة، والجماعة للفرد.

قصة ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله، والشابة رجوى خالد بن مساعد آل سيف عودة للأصالة، ودعوة للحب والجمال العربي الأصيل، لكل من يشتاق لمثل هذه الأسطورة الحية، ولو في أحلام مخيلته بحياة أفضل، وقصة متنعمة نحكيها لأطفالنا قبل المنام، وهي متحققة، لا زيف فيها، ولا مبالغة، ولكنها تنتهي بتلك الجملة التي نعشقها: وعاشوا في ثبات ونبات، وخلفوا صبيان وبنات.

shaheralnahari@