سجينة إيرانية لنوري: قتلتم شقيقي وحرمتموني من تلقي العزاء
من اقتادنا إلى غرف الإعدام يجلس في أفضل سجون أوروبا ويتمتع بالعدالة بعد سنوات من تعذيب أبي.. أرسلوا لنا حقيبة ملابسه ملطخة بالدماء والدتي كانت تغلق أبواب الغرفة مع أشقائي وتبكي حتى لا نرى دموعها المجزرة ما زالت مستمرة وعمليات الإعدام وقتل أبناء الوطن لا تتوقف الدماء المتدفقة من حمائمكم الملطخة تغلي وستظل تلاحقكم طوال السنين
الخميس / 13 / محرم / 1444 هـ - 00:39 - الخميس 11 أغسطس 2022 00:39
بعثت السجينة الإيرانية مريم أكبري منفرد رسالة حزينة مليئة بالألم والمعاناة من داخل سجن سمان الجهني، أحد سجون الملالي، ردا على كلمات النائب العام موسوي تبريزي التي قال فيها «إنه كان بإمكان عائلات من تم إعدامهم في المجزرة الشهيرة للمعارضة رفع دعوى قضائية».
وقالت بحرقة وألم «إن من قتلوا شقيقها وأهلها حرموها من العزاء، وتعجبت أن يشكو حميد نوري أحد المتورطين في مجزرة عام 1988 الشهيرة، من السجن وهو يعيش داخل سجون السويد المكيفة، فيما كانت تعاني التعذيب والمرار داخل سجون الملالي، وكانت تصلها ملابس شقيقها عبدالرضا الملطخة بالدماء بعد سنوات من التعذيب، وبعد أن حرموها من إقامة سرادق لتقبل العزاء فيه.
ردت السجينة السياسية الصامدة، مريم أكبري منفرد، التي تعيش في سجن سمنان؛ على الجلاد، وقالت «لقد تقدمت بشكوى، فماذا فعلتم بي بعد مرور 3 عقود سوى التهديد والنفي والاستمرار في سجني انتهاكا للقانون؟
زمن عجيب
تقول مريم أكبري في رسالتها «إن حرارة شهر أغسطس لا تزال تحرق قلوبنا، أسمع في الأخبار أن أبناء حميد نوري اشتكوا من أن والدهم يتعرض للتعذيب! يا له من زمن عجيب!
إذ نجد فيه أن الشخص الذي صف أحباءنا في طوابير، في تلك الأيام، واقتادهم إلى غرفة الإعدام هو شخص من الأشخاص الذين ربما شاهدوا اللحظات الأخيرة لعبدي، ومن المؤكد أنه اشتاط غضبا؛ بسبب شجاعته وصموده، وربما قام بنفسه بكل ما يكن من حقد وضغينة بسحب كرسي الإعدام من أسفل قدمي عبدي. والغريب أنه شخص مبتهج وسعيد ويفتخر بإعدام الآلاف من أمثال عبدي. شخص جعل من السجن جحيما للسجناء السياسيين لكي يكسرهم حسبما يمليه عليه عقله المريض».
وتضيف «هو الآن في أفضل السجون، وسمعت أقواله بكل عدالة وإنصاف، ويدعي أنه تعرض للتعذيب، وإذا كان هذا تعذيبا، فماذا تقول عما تعرضت له عائلاتنا شهدائنا، والأمهات، وأمي ”كرجي“؟ فهذه مصائب لا يفعلها أي حيوان لحيوان آخر»
ملابس ملطخة
وتسرد مريم قصتها المأسوية فتقول «جلست في زاوية زنزانتي في الحرارة المحمومة، مستودعة نفسي لأحلام سنوات بعيدة، وأتذكر الأيام التي كنت فيها في عمر أطفالي، والطريق الذي اعتدت قطعه بمعية والدتي إلى سجن إيفين وسجن كوهردشت لزيارة ”عبدي“، وكانت هذه آخر زيارة قمنا بها له، وبعد مرور أشهر عديدة دون أن نسمع أي أخبار عن عبدي، أرسلوا لنا حقيبة تحوي ملابس ملطخة بالدماء جراء التعذيب، وكانت والدتي تدخل غرفة مليئة بالصور، وتغلق الباب، وتختلي بأبنائها الذين كانوا لا يزالون شبابا في تلك الإطارات حتى لا نرى دموعها، وأخذتها هذه الكراهية منا إلى الأبد وهي في سن الـ 40، فهل يمكن حقا للكلمات أن تصف هذا التعذيب؟
وتتابع «لقد عشنا عقدا مروعا، وعاصرنا الجلاد في عقد الثمانينيات، ولهذا السبب نفكر في العدالة، ونتقاضى حتى لا تعيش الأجيال الإيرانية القادمة مثل هذه التجربة المروعة، صحيح أن العدل أسمى من الحب، حتى أنه أسمى من حب أمومتي لأبنائي، ولأنني أحب أبنائي فقد انتفضت لتحقيق العدالة».
مراسم العزاء
وتطالب مريم أكبري بالعدالة فتقول «إن عدم تنفيذ الشاه والسافاك للعدالة مهد الطريق أمام سلطة الملالي لتكرار هذا الأمر، بيد أننا عقدنا العزم على تحقيق العدالة في إيران إلى الأبد. وعلى الرغم من أن إدانة حميد نوري خطوة ليست بالهدف الكبير، إلا أنها خطوة إيجابية في هذا الاتجاه».
وتضيف «إنني سعيدة لكسر الجمود الذي تنصَل منا لمدة 3 عقود، بدءا من الحكومة وصولا إلى المدعين الآخرين الذين كانوا يجادلون حول عدد الشهداء، إذ كانوا جميعا يسعون إلى التنصل منا ومن آلامنا، بيد أننا تحملنا آلامنا طوال هذه السنوات من أجل هذه اللحظة واللحظات الجميلة المبشرة بتحقيق العدالة ليس إلا.
وتتابع «سمعت أن موسوي تبريزي أعلن عن أنه كان بإمكان عائلات من تم إعدامهم رفع دعوى قضائية، ولكنهم لم يفعلوا، لعلك نسيت. فاسمح لي أن أذكرك بأن عائلات ضحايا المجزرة لم يكن لديهم الحق حتى في إقامة مراسم العزاء، حيث إنكم بادرتم أثناء إقامة مراسم الحداد العائلية بالقبض عليهم وعلى جميع الضيوف».
جثث الضحايا
وتحمل رسالتها كلمات مؤلمة.. فتقول: «زججتم بالأبرياء في السجون. والأنكى من ذلك هو أنكم لم تبادروا بتسليم جثث الضحايا لعائلاتهم، ولم تخبروهم بمكان دفنهم، ولم تضعوا حتى علامات على القبور. فكيف لك أن تتحدث الآن عن رفع دعوى قضائية بعد مرور 3 عقود على المجزرة التي ارتكبتموها مع سبق الإصرار والترصد؟
وتضيف «لا مفر من العدالة، لقد قطعت على نفسي عهدا بألا أهدأ على الإطلاق حتى يتم تقديم جميع الآمرين بالمجزرة ومنفذيها وأعدموا أحباءنا إلى المحاكمة فردا فردا. إن جروحنا جديدة دائما، ولا تنسى ما حيينا، ولا نشعر بأنه مر على هذه الجريمة المناهضة للإنسانية في حقنا 3 عقود ولا حتى 3 أيام، كما لو أن هذه الجريمة ارتكبت في حقنا اليوم.
ولا يزال حر شهر أغسطس يحرق قلوبنا حتى الآن، وتحلينا بالصبر والتزمنا الصمت طوال هذه السنوات العديدة. بيد أن يوم انتصار التقاضي سيكون مرهما لكل آلامنا».
إبادة جماعية
وتشدد مريم على أن المجزرة ما زالت مستمرة. إذ أن عمليات الإعدام وقتل أبناء الوطن الأبرياء تعتبر امتدادا لهذه الإبادة الجماعية، وتقول «الحقيقة هي أن الجرائم التي ارتكبت في أعوام 2009 و 2018 و 2019 تعتبر امتدادا لمجزرة عام 1988، والجدير بالذكر أن السعي والصمود للتقاضي على مجزرة 1988 هو عين النضال من أجل الحرية».
وتستمر «إن الدماء المتدفقة من الحمائم الملطخة أجنحتها بالدماء في ضوء التسلسل التاريخي للدماء الممتد تغلي وسيظل علمهم الأحمر مرفوعا يرفرف في التاريخ، لقد انتفضنا للتقاضي وسوف نصر على تحقيق العدالة حتي لا تحزن أي عائلة بعد الآن».
وتابعت «أفكر هذه الأيام في ذكرى أحبائي رقية وعبدي (عبدالرضا)، وكذلك في ذكرى علي رضا، وغلام رضا، إذ أنهم أحياء في داخلي ما حييت. ودائما ما أتذكرهم بابتسامة، ويبدو الأمر كما لو أنهم حراسي في هذه الزنزانة، وسينطلق فجر العدالة عبر الغيوم المظلمة والعاصفة، وسنشعر في ذلك اليوم بالحب من كل قلوبنا، والنصر حليفنا».
مريم أكبري منفرد..من تكون؟
- حكم عليها بالسجن التنفيذي لمدة 15 عاما
- قضت 13 عاما من عقوبتها، في المنفى بسجن سمنان
- أم لـ 3 بنات
- لم يسمحوا لها خلال هذه السنوات الـ13 بالخروج من السجن في إجازة ولو ليوم واحد
- التهمة الموجهة لها هي التقاضي لدماء شقيقها وشقيقتها اللذين أعدما في مجزرة عام 1988
- شقيقاها الآخران أعدما في عقد الثمانينات