الرأي

(The line) المذهلة.. تخلق مئات الأسئلة!

أحمد الهلالي
بكل فخر نستقبل أنباء مشروعات الرؤية المباركة، ومنها مشروع نيوم، الذي ابتكر أفكارا مذهلة، جديدة على العالم بأسره، كمدينة The line (ذا لاين) السكنية فريدة الطراز، وأوكساجون أكبر مجمع صناعي عائم، وتروجينا السياحية، غير ما ينفذ في القدية وفي العلا وفي مشروع البحر الأحمر، وغيرها من مناطق المملكة، وصولا إلى السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، وما تزال الأفكار المبهرة تتوالى.

شاهدنا بإعجاب في يناير 2021م، تدشين ولي العهد لفكرة مدينة The line المدهشة، وقبل أيام تواترت الإعلانات لتصاميم المدينة الفريدة في فكرتها الأفقية، وارتفاعها الشاهق، وتقنياتها ومميزاتها المذهلة، وذلك من خلال حساب نيوم على تويتر وحديث الرئيس التنفيذي لمشروع نيوم المهندس نظمي النصر على قناة العربية، أضف إلى ذلك الصور التي تناقلها المغردون من معرض The line في مدينة جدة، الذي سيتنقل بين مناطق المملكة.

أنباء هذه المدينة الفريدة لفتت العالم كله، وأدهشت الكثيرين، وخلقت أسئلة شتى في عقول العالمين، وتبارى المعماريون والمهتمون بين متحمس للفكرة الفريدة المدهشة، وبين مشكك في نجاحها، وقد تابعت الكثير من ردود الأفعال باللغة الإنجليزية عبر موقع تويتر، بعضها تأتي تعقيبا على مغردين عالميين كبار نشروا أخبار The line، وبعضها على حساب نيوم أو على حساب واس، وكنت أمام هذه الردود بين حالين، الأول: شعور بالفخر أمام الإطراءات وتعابير الدهشة، والثاني: الشعور بافقتاري إلى المعلومات التي أستطيع بها مواجهة المشككين، وإفحام المتهجمين على المشروع.

واقع الحال أن قدرات السعودية في صناعة المدن كبيرة وخبراتها في إنشاء الجبيل وينبع كفيلة بإلجام المشككين، وأصحاب الأجندة المشبوهة، لكن هذا لا يغني عن حاجة الأسئلة النابتة بفعل الأفكار الجديدة على العالم إلى إجابات، ولعلي أبدأ بسؤالي الشخصي بصفتي مواطنا سعوديا، يطالع أخبار نيوم ومشروعاتها المدهشة الجبارة مثل مدينة The line، فإني أمام معلومة اتساع المدينة لخمسة ملايين نسمة، أجهل آلية التملك، ومن هم المؤهلون لسكنى هذه المدينة الفاخرة؟ هل ستكون مدينة للأثرياء ورجالات الأعمال من الداخل والخارج، أم يحق لي - كمواطن عادي - الحلم بتملك وحدة سكنية فيها؟

أما أسئلة الآخر فكثيرة، قرأتها خاصة باللغة الإنجليزية، مثل: هل سيكون اللاين حاجزا يمنع هجرة الحيوانات على طول 170 كلم، أم هناك معابر مخصصة تسمح للكائنات بالحركة، وكذلك هل ستوجد أنفاق تسمح بمرور السيارات للعابرين من خارج المدينة؟ وسؤال آخر: حول المرايا العاكسة على امتداد اللاين من جهتيه، هل ستتسبب في انعكاس أشعة الشمس وتركيزها على المناطق المحيطة وزيادة احترارها، أم لها تقنية خاصة تمنع ذلك، وما الهدف منها؟، وكذلك سؤال حول أنظمة الطوارئ والكوارث الطبيعية؟ وصولا إلى سؤال حول الحالة النفسية التي سيكون عليها سكان تلك المدينة ذات الاتجاهين فقط، هل ستكون تجربة السكن مملة؟ وأسئلة عن المطار، وعن أماكن وقوف سيارات السكان وزائريهم خارج المدينة، وعن أنظمة نقل الحالات الصحية الطارئة، والسيطرة الوبائية، وعن التجمعات الحضرية حول اللاين، وغيرها.

هذه ليست كل الأسئلة، بل نماذج بسيطة منها، دفعتني إلى كتابة هذه المقالة؛ لأن كل تلك الأسئلة بحاجة إلى إجابات عاجلة، إجابات من نيوم نفسها، سواء أكانت في مقاطع فيديو، أو في لقاءات متلفزة، أو تقارير إعلامية، أو تغريدات باللغتين، ما يستوجب أن يكون لنيوم مركز إعلامي يتلمس كل الأسئلة ويصنع إجاباتها باحترافية عالية، فلا يكفي التسويق لهذه المدن المذهلة بمعلومات مقتضبة تركز على مميزاتها وفروقاتها عن المدن التقليدية، بل يجب أن يكون للتفاصيل دور في جذب الاهتمام، وإقناع الآخر، وإمداده بالمعلومات التي تصيّره مسوقا بطريقة غير مباشرة للمشروع.

ahmad_helali@