الرأي

الرقابة على محتوى الإنترنت بين الهيئات والمجتمع

سالم العنزي
هذا الأسبوع كان أسبوعا حافلا على صعيد محتوى الإنترنت في المملكة العربية السعودية، حيث كانت الحادثة الأكبر والأهم هي الإعلانات الخادشة المكثفة التي قامت منصة يوتيوب بتمريرها عبر منصتها الرقمية، مما استدعى تدخل هيئة الإعلام المرئي والمسموع وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، حيث طلبت كل من الهيئتين من المنصة العالمية إزالة الإعلانات المخالفة، والالتزام بالأنظمة، وأكدتا أنه في حال استمرار بث المحتوى المخالف سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وفقا للأنظمة.

وكذلك استدعت الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع أحد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في المحتوى الخاص بالألعاب الالكترونية لمخالفته ضوابط المحتوى الإعلامي، حيث قام بعرض محتوى مخالف لنظام الإعلام المرئي والمسموع.

بينما قامت شرطة منطقة الرياض بالقبض على مقيمة من الجنسية المصرية يوم الاثنين، حيث ظهرت في بث عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي تتحدث بمضامين وإيحاءات جنسية.

الكمية الكبيرة والمتنوعة للمخالفات خلال هذه الفترة القصيرة استوجبت تدخل أكثر من جهة حكومية للرقابة على محتوى الإنترنت في السعودية؛ فنلاحظ أن مخالفات منصة اليوتيوب استدعت تدخل هيئتين حكوميتين (هيئة الإعلام المرئي والمسموع وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات). بينما في الحالة الثانية اكتفت الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع باستدعاء صانع المحتوى الخاص بالألعاب الالكترونية.

بينما في الحالة الثالثة اضطرت وزارة الداخلية إلى القبض على المقيمة بسبب حجم المخالفة وفداحتها.

حسب تصريح المتحدث باسم اليوتيوب في الشرق الأوسط فقد حذفت شركة قوقل العام الماضي أكثر من 286 مليون إعلان عالمي عبر منصاتها بسبب ترويج محتوى للبالغين غير ملائم لسياساتها، و125.6 مليون إعلان آخر للمحتوى غير اللائق.

وهذا يعني أكثر من مليون ومائة ألف إعلان مخالف في كل يوم حسب سياسة الشركة الخاصة. لك أن تتخيل حجم الإعلانات التي لا تعتبرها قوقل إعلانات مخالفة، أو عدد الإعلانات التي تظهر في منصات أخرى. وكذلك لك أن تتخيل حجم المحتوى غير الإعلاني (مقاطع يوتيوب، سناب، تيك توك) والذي لا يتناسب مع ضوابط المحتوى الإعلامي في المملكة العربية السعودية.

لذلك فإن هيئة الإعلام المرئي والمسموع وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بالإضافة إلى وزارة الداخلية والنيابة العامة عليهم دور كبير جدا في متابعة ومراقبة مخالفات المحتوى الإعلامي، ومع ذلك لن تستطيع أي جهة حكومية مهما بلغت قدرتها على مراقبة كل ما يتعارض مع القيم والمبادئ الإسلامية والمجتمعية على شبكة الإنترنت، مهما تضافرت أجهزة الدولة ومهما كان حجم العمل من الجهات الحكومية كبيرا لن يكون كافيا للرقابة على المحتوى المخالف في الإنترنت.

لذلك فإن محاربة ما يتعارض مع القيم والمبادئ الإسلامية والمجتمعية على شبكة الإنترنت يجب أن يبدأ من المنزل والمسجد والمدرسة، المسؤولية كبيرة جدا في غرس الأخلاق الفاضلة، والقيم، والمبادئ السامية في نفوس الناشئة والشباب، حيث إن الفيضان القادم من المحتوى غير الأخلاقي لا يمكن السيطرة عليه ومواجهته بدون أساس متين لدى الناشئة والشباب.

أخيرا، يجب على الجميع، الإبلاغ عن مخالفات المحتوى الإعلامي من خلال البوابة الالكترونية الخاصة بهيئة الإعلام المرئي والمسموع، حيث إن التصرف الأمثل مع المحتوى المخالف بمنصات التواصل هو إبلاغ الجهات المختصة مع عدم محاولة نشر المحتوى على منصات التواصل الأخرى.

smalanzi@