هل أنت الوحيد الذي يشعر بالوحدة؟
الخميس / 15 / ذو القعدة / 1437 هـ - 20:45 - الخميس 18 أغسطس 2016 20:45
الوحدة مثل الأوبئة الفتاكة قد تتسبب بقتلنا، وما يواجه أي مجتمع في العالم يمكن تعميمه على مجتمع آخر حتى لو كان يختلف عنه في الظروف والبيئة وشكل الحياة، لأنه ومع انصهار المجتمعات في بعضها صارت نقاط التشابه أوفر حظا من نقاط الاختلاف.
حتى وأنت محاط بالجميع، يستمر صوت يهمس داخلك بأنك وحيد، وهذا ما أقره جورج مونبيوت في مقالة كتبها لصحيفة الجارديان، يتساءل فيها عن الاسم المفترض أن نطلقه على عصرنا، معتقدا أنه ليس عصر المعلومات على الأرجح.
- هل نعيش في العصر الحجري؟
شبه جورج عصرنا الآن بالعصر الحجري أو العصر الحديدي، إذ صار الحديث فيه عن التحف والقطع الأثرية أكثر من الحديث عن الإنسان والمجتمع.
التغير الاجتماعي ملحوظ، ويمكن اختصاره بعبارة واحدة 'نحن في عصر الوحدة '!
- هل الوحدة وباء؟
وصف العصر بهذه الكلمة ليس عصيا على الفهم، فالأبحاث درست الوحدة في إنجلترا خاصة، وكان انتشارها مأساويا بين المسنين، ووباء شائعا بين الشباب.
أجريت دراسة في عام 2014 ووجدت أن 700 ألف رجل وأكثر من مليون امرأة تتجاوز أعمارهم الـ 50 عاما قد أفسدت الوحدة حياتهم.
- هل تشبه الوحدة مرض الإيبولا؟
الوحدة تتغلب على الإيبولا عددا في قتل الكثيرين، وقد تتسبب في الوفاة المبكرة.
إن لها الأثر نفسه الذي ينتج عن الاستمرار في تدخين 15 سيجارة يوميا،
كما تزيد من احتمالات ظهور الأمراض العقلية وجنون العظمة وإدمان الكحوليات والحوادث والقلق والانتحار، وارتفاع ضغط الدم أيضا.
- هل كان التغير سريعا؟
حدث ذلك سريعا، استقل الناس السيارات بدلا من الحافلات، وبدلا من السينما انتقلوا لمشاهدة اليوتيوب والمواقع المشابهة، إنها ليست الأسباب الوحيدة التي تفسر سرعة التغير في انهيار التواصل الاجتماعي، هناك أسباب أيديولوجية أخرى دعمت هذه العزلة طبعا.
- هل طال ذلك الأطفال أيضا؟
تغيرت طموحات أطفال بريطانيا، لم تعد أقصى طموحاتهم أن يصبحوا سائقي قطارات، أو ممرضين، إذ ظهر في استطلاع نشرته صحيفة التلجراف أن 40% منهم يطمحون للثروة والشهرة ثم إن بريطانيا أقل شعوب أوروبا ميلا لتكوين صداقات حميمة والتواصل مع الآخرين، لذا عرف عنها أنها عاصمة الوحدة في أوروبا.
- هل انعزلت اللغة؟
لقد أصبحت كلمة 'خاسر' تمثل إهانة قاسية، لغة البريطانيين تغيرت وهذا نتيجة تغير المجتمع نفسه.
الحديث اقتصر على محور الفرد، لم يعد هناك حديث جامع للناس، أصبح من النادر إكمال جملة كاملة دون إدخال مفردة 'شخصي'، 'إنها متعلقاتي الشخصية، أصدقائي الشخصيون، مفضلاتي الشخصية'، ومزيد من الكلمات التي تعبر عن لغة المنعزلين.
- هل التلفاز علاج فعال للوحدة؟
40 % من كبار السن عدوا التلفاز محاولة ذاتية لعلاج الوحدة، بينما وجد الباحثون أن الذين يشاهدون التلفاز كثيرا يشعرون بعدم الرضا مقارنة بالذين يشاهدونه بنسبة أقل، التلفاز يعرض خيارات كثيرة للمتعة، يعرف بها الناس سلعا استهلاكية يحاولون الوصول إليها ويطمحون لمزيد منها دائما، وبذلك لا يستطيعون المحافظة على قدر عال من الرضا، ويحاولون القيام بشيء ما يخلق لهم الحياة التي ضخمها لهم التلفاز؛ حياة الشهرة والثروة.
- هل يبدو الثراء مرتبطا بالرضا وعدم الوحدة؟
في استطلاع أجرته جامعة بوسطن لأشخاص يصل متوسط ثروتهم إلى 78 مليون دولار، اتضح أنهم يعانون من القلق واللا رضا والوحدة كذلك، ولا يشعرون بأمان مادي، أحدهم صرح قائلا إنه سيشعر بالأمان بعد أن يمتلك مليار دولار في البنك.
- أخيرا، هل دمر جوهرنا الإنساني فعلا؟
يقول جورج مونبيوت إننا استهلكنا كل شيء وتحولنا لفريسة لأنفسنا، لقد دمرنا جوهرنا الإنساني، وقدرتنا على الترابط والتواصل.
صحيح أن هناك محاولات لكبار السن في الجمعيات الخيرية لكنها ليست سوى مسكنات للوحدة.
علينا كسر هذا النظام الذي يدفعنا إلى قتال بعضنا، والعيش في ترابط من جديد.