الرأي

الجانب المظلم للذكاء الاصطناعي

نايف الضيط
أصبح استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي واقعا في حياتنا اليومية من خلال تطبيق الأوامر الصوتية، وتوقع حالة الطقس، وكشف الأمراض وتفشيها، ومراقبة المدن، وتحليل حركة المرور، وفي بيئات العمل، والتجارة الالكترونية، والخدمات المصرفية، وصناعة الترفيه والإعلام والألعاب، وفي الزراعة وإنتاج المحاصيل.

استثمرت شركات التقنية ووسائل الإعلام الاجتماعي مبكرا في بحوث ودراسات الذكاء الاصطناعي لمعرفة أنشطة المستخدمين بتوظيف خوارزميات تعلم الآلة القادرة على معرفة اهتمامات الزبائن وسلوك الأعضاء لاستخدامها في التسويق للمنتجات.

وتستخدم شركة نتيفلكس Netflix الخوارزميات للتنبؤ بمعرفة سلوك المشتركين وتحليل آرائهم، وتقييم مواقفهم وعواطفهم تجاه المحتوى المفضل.

كانت فضيحة شركة «كامبريدج أناليتيكا» التي سمح لها موقع الفيس بوك بالحصول على بيانات المستخدمين واستخدامها في الانتخابات الأمريكية 2016 بهدف التأثير على الرأي العام وقرارات التصويت للناخبين انتهاكا لسرية بيانات الأشخاص على الإنترنت، لقد أصبح الحديث عن خصوصيتنا من الماضي؛ فشركات التقنية تتسابق للحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات حولنا من خلال تفاعلاتنا عبر الإنترنت وخارجه.

فهم يعرفون أين نحن، وماذا نقول في رسائل البريد الالكتروني والرسائل النصية، وما نشتريه، وماذا نأكل، وعن صحتنا، وما نقرأه، وما نشاهده، وما نبحث عنه.

فكلما زاد عدد الأجهزة والتطبيقات التي نقوم بتمكينها من بياناتنا تتمكن الشركات من معرفة أنشطتنا واهتماماتنا ورغباتنا واحتياجاتنا.

ويتوقع خبراء التقنية أن يكون للخوارزميات نفوذ كبير بالتسلل على الشبكات الحكومة، وسرقة البيانات والمعلومات، وتعريض خصوصية الأفراد للخطر.

في الأزمة الأوكرانية وقع عمدة «برلين» ضحية احتيال من شخص مجهول ادعى أنه عمدة «كييف»، إذ طلب محادثته مرئيا باستخدام تقنية التزييف العميق Deep Fake التي تعد إحدى تقنيات الذكاء الاصطناعي، وسبق استخدام هذه التقنية لإنشاء مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال، ومقاطع الفيديو الإباحية للمشاهير، والأخبار المزيفة، والخداع، والتنمر، والاحتيال المالي.

وتستخدم هذه التقنية في إثارة الصراعات بنشرها للمعلومات المضللة والكراهية في الإنترنت ومواقع التواصل.

وتسهم هذه التقنية في نشر الصور النمطية والتحيز ضد المجموعات العرقية والإثنية مما يتسبب في الانقسامات بين المجموعات البشرية.

على الرغم من أن كثيرا من محركات البحث ووسائل التواصل الاجتماعي سنت سياسات لخصوصية المستخدمين؛ إلا أننا بحاجة إلى زيادة الوعي بتصميم البرامج التعليمية والتدريبية للأفراد لمعرفة مخاطر سلوكهم عبر الإنترنت، وخصوصيتهم وسرية بياناتهم، وتثقيف الأفراد خاصة صغار السن والمراهقين بآثار الإدمان على التقينة، وطرق التلاعب والتضليل ونشر الشائعات وفبركة الأخبار والمحتوى المرئي، والحاجة إلى ابتكار برامج وأدوات تقنية لكشف التلاعب بتقنيات الذكاء الاصطناعي، ووضع الأدلة والإجراءات المنظمة لاستخدام هذه التقنية.

mesternm@