الرأي

سعودة حافلات نقل الحجاج

مكيون

أحمد صالح حلبي
حينما طرحت فكرة سعودة حافلات نقل الحجاج، من قبل الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز، أمير منطقة مكة المكرمة ـ يرحمه الله ـ، كان الهدف منها العمل على إتاحة فرص عمل جديدة للمواطنين السعوديين، والحد من استقدام السائقين الأجانب الذين يجهلون شوارع وطرقات مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمدنية المنورة، وسعى ـ يرحمه الله ـ لدعم برنامج سعودة شركات نقل الحجاج بكافة الوسائل والطرق حتى صدر قرار مجلس الوزراء متضمنا السماح لموظفي الدولة المدنيين بالعمل في شركات نقل الحجاج، دون احتساب فترة عملهم كإجازة تحسم من إجازاتهم السنوية، إضافة إلى منحهم مرتبات تفوق مرتبات السائقين الأجانب أضعافا. وبدأت أولى خطوات سعودة حافلات نقل الحجاج من خلال النقابة العامة للسيارات التي سعت لتنظيم حملة إعلامية كبرى، لجذب الأنظار وحث المواطنين للعمل بهذا المجال، وتضمنت مقدار المكافآت المالية التي سيحصل عليها الفرد سائقا كان أو فنيا، إضافة للحوافز المالية الأخرى والدعم المعنوي، بهدف العمل على جذب أنظار المواطنين للعمل بهذه الشركات، وإحلالهم محل السائقين الأجانب الموقتين. لكننا لم نر ذلك الإقبال المتوقع والملفت للأنظار من قبل المواطنين، فهناك من نظر لمثل هذه الوظائف كـ(وظيفة سائق حافلة حجاج، أو فني سيارات) كوظائف متدنية لا يمكن قبولها، حتى وإن كانت موقتة خلال موسم الحج. وكان أخي العزيز الأستاذ/‏ مروان رشاد زبيدي أمين عام النقابة العامة للسيارات ـ يرحمه الله ـ من أكثر المتألمين لإحجام السعوديين عن العمل بقطاع نقل الحجاج، وكلما حل موسم حج أراه يردد قائلا «أدعو المواطنين للعمل بشركات نقل الحجاج، فهي خدمة تؤدى ضمن خدمات متعددة لا حصر لها»، وكان ينظر لقطاع نقل الحجاج بأنه الكنز الذي لم يحسن السعوديون استغلاله. ورغم الخطوات العملية التي تنفذ كل عام وتشارك فيها عدة قطاعات حكومية وأهلية، وعدد الوظائف المتوفرة والتي تصل إلى نحو عشرين ألف وظيفة تشمل (سائقين- فنيين)، إلا أننا لم نجد ذلك الإقبال من قبل السعوديين، وهو ما يشير إلى أن هناك خللا بحاجة إلى إصلاح. والخلل لا يكمن في شركات نقل الحجاج التي لم تغيب المواطنين عن العمل بها، غير أن المشكلة تكمن في الشباب أنفسهم الذين ابتعدوا عنها، وهنا لا بد من القول بأن ما تسعى إليه وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لسعودة بعض المهن والوظائف لا يأتي بالإجبار، فما زالت عقلية البعض من شبابنا مجمدة على نظام المكتب والمكيف، ولا يمكن للوزارة ـ أي وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ـ مطالبة شركات نقل الحجاج بتوطين وظائفها، طالما بقي شبابنا ينظرون لهذه الوظائف نظرة الوظائف المتدنية. وأملنا أن تسعى وزارة الحج والعمرة - كجهة مشرفة على أعمال النقابة العامة للسيارات وشركات نقل الحجاج - في البحث عن علاج شاف لمشكلة إحجام السعوديين عن العمل بقطاع نقل الحجاج، وتسعى من خلال النقابة - وبمشاركة الجهات ذات العلاقة - لإجراء دراسة ميدانية للتعرف عن أسباب إحجام السعوديين عن العمل بهذه المجال، رغم المميزات المالية والمعنوية التي يحصلون عليها.