التجمل الاجتماعي
الاثنين / 14 / ذو القعدة / 1443 هـ - 19:49 - الاثنين 13 يونيو 2022 19:49
«كل غياب هو حضور لضده»، أزواج غرباء تحت سقف واحد، أصدقاء أعداء أمام مجتمع متباعد، إخوان خبثاء يطعنون الظهر بالخناجر، ومن هنا تأتي غربة الأشخاص حينما يظهرون بما يرضي المجتمع وليس بحقيقتهم، ثم يصمتون عن الأمور التي يجب الحديث عنها.
فالتجمل الاجتماعي أسهل بكثير من تحمل أعباء حل المشكلات أو إنهائها، لأسباب نفسية واجتماعية وثقافية. خوف الناس من القلق يجعلهم في حالة تأهب واستعداد لتقبل الإيحاءات والخيالات، حتى وإن كانت ضربا من الخرافة ليتسنى لهم السيطرة على ألم الفراق أو حقيقة من أمامهم أو لوم الناس، فالقلق ناتج عن عدم تقبل المجتمع لهم وتصديقهم للماورائيات - ما وراء الطبيعة - ويخيل لهم أنهم يكبحون جماح الخوف من النبذ الاجتماعي. فهذه الإيحاءات تسمى في علم النفس بالاستبطان Introspection مفادها أن الحياة النفسية الداخلية لا يعرفها ولا يشعر بها إلا من يعيشها بذاتها، فيظن الذي يعيش الألم أو الحقد وكذلك الخيانة هو المتألم لا جدوى من التفسير أو الحل.
وقد تكون عملية شاقة لفهم النفس لأنها تخالف النزعة الطبيعية؛ فالفكر بالعادة للأمور الخارجية لا النفسية الداخلية، فيكون الإنسان على نفس مركب حياته الذي اعتاد عليه لا عجب أن تصمت زوجة إذا قام زوجها بضربها، أو ابن مورس عليه التعنيف من قبل أخيه الأكبر، فالأفضل أن يكون صامتا أمام المجتمع وبما تعود عليه.
والخرافة قد يأتي بها الخاسرون من المشعوذين وتجار الوهم للبائسين ببيعهم الأوهام عن طريق السحر والشعوذة أو من العلوم الزائفة Pseudoscience كالطاقة والبرمجيات اللغوية بحيث يشعر الإنسان بالرضى والتخدير الموقت للمشاكل لا حلها.
من الناحية الاجتماعية فإن غرور الأشخاص يمنعهم من الاعتراف بتعاستهم أنهم يسيرون في طريق منحدرة، ولا بأس من القادم فالحياة لديهم صورة مجتمعية عليهم أن يعيشوها كما كانت، ولكن المتنفس لهم هو حياة الخفاء للعيش كما يرضون أنفسهم مع أشخاص سريين أو هروبهم إلى المسكرات والمخدرات، حيث ترفع لديهم الاستحقاق بالسعادة المطلوبة، علل اليابانيون أنه لا يوجد طريق طويل عندما تكون برفقة صديق، كما بررت هذا الأمر العشيقة أنجيلا التي سرقت زوج غريس في فيلم هوب جاب Hope Gap قالت غريس: كيف تبررين سرقتك لزوجي؟ ردت أنجيلا العشيقة: كنا 3 تعساء وأصبح الآن شخص واحد. فهربت الزوجة المكلومة التي رفضت الطلاق من زوجها وهي تبكي وتعلم أنها غير سعيدة مع زوج تحبه وهو «لا يحب أن يراها تعيسة معه» وهي ترفض فكرة الرحيل. ألم الخوف من الفشل فشل آخر، ولا سيما أن الخوف يعطل التفكير ويشل القدرة على حسن التصرف، فالهروب أسهل الحلول.
أعظم عدو للمعرفة ليس الجهل بل وهم المعرفة، فخ الوهم يقع فيه المثقفون تحت إطار التجمل الاجتماعي، بحيث إن البعض يظهر ذاته بالصورة الأنيقة حتى لو كلفه الأمر أن يستأجر قلما آخر، ويشتري قصيدة غيره وربما تكون لهم جرائم في الحقوق الفكرية، بنظرة ميكافلية لا بأس بالوسيلة طالما أن الغاية هي الظهور في المقدمة ويكون لامعا في الظهيرة أو الليل.
أخيرا:
عار على الحر أن يحيا بأقنعة
وأن يعيش ولو يوما بوجهين
Ghaliahk@
فالتجمل الاجتماعي أسهل بكثير من تحمل أعباء حل المشكلات أو إنهائها، لأسباب نفسية واجتماعية وثقافية. خوف الناس من القلق يجعلهم في حالة تأهب واستعداد لتقبل الإيحاءات والخيالات، حتى وإن كانت ضربا من الخرافة ليتسنى لهم السيطرة على ألم الفراق أو حقيقة من أمامهم أو لوم الناس، فالقلق ناتج عن عدم تقبل المجتمع لهم وتصديقهم للماورائيات - ما وراء الطبيعة - ويخيل لهم أنهم يكبحون جماح الخوف من النبذ الاجتماعي. فهذه الإيحاءات تسمى في علم النفس بالاستبطان Introspection مفادها أن الحياة النفسية الداخلية لا يعرفها ولا يشعر بها إلا من يعيشها بذاتها، فيظن الذي يعيش الألم أو الحقد وكذلك الخيانة هو المتألم لا جدوى من التفسير أو الحل.
وقد تكون عملية شاقة لفهم النفس لأنها تخالف النزعة الطبيعية؛ فالفكر بالعادة للأمور الخارجية لا النفسية الداخلية، فيكون الإنسان على نفس مركب حياته الذي اعتاد عليه لا عجب أن تصمت زوجة إذا قام زوجها بضربها، أو ابن مورس عليه التعنيف من قبل أخيه الأكبر، فالأفضل أن يكون صامتا أمام المجتمع وبما تعود عليه.
والخرافة قد يأتي بها الخاسرون من المشعوذين وتجار الوهم للبائسين ببيعهم الأوهام عن طريق السحر والشعوذة أو من العلوم الزائفة Pseudoscience كالطاقة والبرمجيات اللغوية بحيث يشعر الإنسان بالرضى والتخدير الموقت للمشاكل لا حلها.
من الناحية الاجتماعية فإن غرور الأشخاص يمنعهم من الاعتراف بتعاستهم أنهم يسيرون في طريق منحدرة، ولا بأس من القادم فالحياة لديهم صورة مجتمعية عليهم أن يعيشوها كما كانت، ولكن المتنفس لهم هو حياة الخفاء للعيش كما يرضون أنفسهم مع أشخاص سريين أو هروبهم إلى المسكرات والمخدرات، حيث ترفع لديهم الاستحقاق بالسعادة المطلوبة، علل اليابانيون أنه لا يوجد طريق طويل عندما تكون برفقة صديق، كما بررت هذا الأمر العشيقة أنجيلا التي سرقت زوج غريس في فيلم هوب جاب Hope Gap قالت غريس: كيف تبررين سرقتك لزوجي؟ ردت أنجيلا العشيقة: كنا 3 تعساء وأصبح الآن شخص واحد. فهربت الزوجة المكلومة التي رفضت الطلاق من زوجها وهي تبكي وتعلم أنها غير سعيدة مع زوج تحبه وهو «لا يحب أن يراها تعيسة معه» وهي ترفض فكرة الرحيل. ألم الخوف من الفشل فشل آخر، ولا سيما أن الخوف يعطل التفكير ويشل القدرة على حسن التصرف، فالهروب أسهل الحلول.
أعظم عدو للمعرفة ليس الجهل بل وهم المعرفة، فخ الوهم يقع فيه المثقفون تحت إطار التجمل الاجتماعي، بحيث إن البعض يظهر ذاته بالصورة الأنيقة حتى لو كلفه الأمر أن يستأجر قلما آخر، ويشتري قصيدة غيره وربما تكون لهم جرائم في الحقوق الفكرية، بنظرة ميكافلية لا بأس بالوسيلة طالما أن الغاية هي الظهور في المقدمة ويكون لامعا في الظهيرة أو الليل.
أخيرا:
عار على الحر أن يحيا بأقنعة
وأن يعيش ولو يوما بوجهين
Ghaliahk@