متلازمة الزمن الجميل وجيل الطيبين
الأربعاء / 2 / ذو القعدة / 1443 هـ - 18:59 - الأربعاء 1 يونيو 2022 18:59
حينما يشاهدون فيلما من الخمسينات والستينات والسبعينات الميلادية؛ أو يستمعون لأغنية طربية كلاسيكية؛ أو يسرد أحدهم قصة عاشها بأحداث دراماتيكية؛ أو ينبشون في صور ماضيهم الفوتوغرافية؛ تراهم في ذلك المشهد يطأطئون رؤوسهم ويلوونها يمنة ويسرة بابتسامة حزينة وصوت متثاقل ويطلقون آهات وعبارات «راحت أيام الزمن الجميل وجيل الطيبين».
كنت ولا زلت أتعجب من هذا السلوك الغريب وأتساءل مع نفسي؛ هل فعلا كان الزمن الماضي رائعا حد الجمال والناس طيبون فاقوا الخيال؟
ما هو مفهوم الجمال ومعنى الطيبة التي عاشوها؟
ما هو مقياس القبح لهذا الزمن والخبث بهذا الجيل؟
لكي أجيب على هذه التساؤلات نظرت للموضوع من عدة نواح دينية واجتماعية وتاريخية وصحية ونفسية.
منذ صدر الإسلام عاش النبي -عليه الصلاة والسلام- بين كفتي الخير والشر علما أن زمانه خير الأزمان؛ الشرك موجود والمجتمع يمتلك الأخلاقيات العالية والقيم الرفيعة كالكرم والشجاعة والنخوة وإغاثة الملهوف وغيرها الكثير التي جاء الإسلام ليتممها؛ قال عليه الصلاة والسلام؛ «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك»؛ وفي حديث آخر «أمتي كالمطر لا يدرى الخير في أوله أم في أخره» ويعني بذلك أن الحق والخير لا ينقطعان ويتكرران في ديمومة واستمرار إلى قيام الساعة.
أرى بأن المجتمعات تغيرت وتبدلت أحوالها إلى الأفضل من حيث انفراج الحال ووفرة المال وزيادة الثقافة المدنية والتقنية التي أفادت البشرية؛ فكرة البقاء للأقوى كانت تمارس قديما بالتعديات الهمجية والسطوة السلوكية مثل قطع الطرق وسلب الأموال وهتك الأعراض؛ تدريجيا تغيرت إلى رسم الحدود وحفظ الحقوق ومعرفة الواجبات والرقابة على الأفراد والمجتمعات؛ أصبحنا نعيش في خيرات من مأكولات ومشروبات واختراعات اختصرت المسافات؛ أكسبتنا الكرامة الإنسانية من مسكن وطبيعة مأوى صيفا وشتاء؛ قديما انتشرت الأمراض والأوبئة التي حصدت الأرواح وحاليا تقدمنا معرفيا وطبيا ونتلقى العلاجات واللقاحات.
من وجهة نظري النفسية أرى أن عبارة «الزمن الجميل وجيل الطيبين» ما هي إلا عدوى لازمتنا لفظيا بمؤثرات تراجيدية لا تتعدى الحناجر لتعزية النفس مشاعريا لأطلال الماضي فقط؛ كنوع من أنواع الدفاع النفسي اللاشعوري؛ أما حقيقة الأمر فهنالك معاناة عاشها من قبلنا؛ لم تكن جميلة في واقعهم ولم يكونوا طيبين في أحوالهم؛ من حيث الاستقرار المعنوي والمادي الذي كانوا يسقطون أثره السلبي أحيانا على الحلقة الأضعف لمن حولهم ومحيطهم وممن يعولون من أبناء وزوجات.
منذ قابيل وهابيل تعاقبت أحوال الأزمنة وأنفس البشر بين الخير والشر؛ كما أن لهذا الزمن ولهذا الجيل بفضل الله ثم بالوعي الحكومي والمجتمعي جماله وطيبته وما سيكون نستشرف به كثرة الجمال ووفرة الطيبة بالخير والرخاء والأمن والأمان.
من المفترض أن نبتعد عن وسم الماضي بالزمن الجميل وجيل الطيبين؛ ويمكننا أن نقول زمن البساطة وجيل البسيطين؛ نحن لا ندري في الزمن القادم والجيل الآخر لعله المطر الذي نبينا به أخبر.
@Yos123Omar
كنت ولا زلت أتعجب من هذا السلوك الغريب وأتساءل مع نفسي؛ هل فعلا كان الزمن الماضي رائعا حد الجمال والناس طيبون فاقوا الخيال؟
ما هو مفهوم الجمال ومعنى الطيبة التي عاشوها؟
ما هو مقياس القبح لهذا الزمن والخبث بهذا الجيل؟
لكي أجيب على هذه التساؤلات نظرت للموضوع من عدة نواح دينية واجتماعية وتاريخية وصحية ونفسية.
منذ صدر الإسلام عاش النبي -عليه الصلاة والسلام- بين كفتي الخير والشر علما أن زمانه خير الأزمان؛ الشرك موجود والمجتمع يمتلك الأخلاقيات العالية والقيم الرفيعة كالكرم والشجاعة والنخوة وإغاثة الملهوف وغيرها الكثير التي جاء الإسلام ليتممها؛ قال عليه الصلاة والسلام؛ «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك»؛ وفي حديث آخر «أمتي كالمطر لا يدرى الخير في أوله أم في أخره» ويعني بذلك أن الحق والخير لا ينقطعان ويتكرران في ديمومة واستمرار إلى قيام الساعة.
أرى بأن المجتمعات تغيرت وتبدلت أحوالها إلى الأفضل من حيث انفراج الحال ووفرة المال وزيادة الثقافة المدنية والتقنية التي أفادت البشرية؛ فكرة البقاء للأقوى كانت تمارس قديما بالتعديات الهمجية والسطوة السلوكية مثل قطع الطرق وسلب الأموال وهتك الأعراض؛ تدريجيا تغيرت إلى رسم الحدود وحفظ الحقوق ومعرفة الواجبات والرقابة على الأفراد والمجتمعات؛ أصبحنا نعيش في خيرات من مأكولات ومشروبات واختراعات اختصرت المسافات؛ أكسبتنا الكرامة الإنسانية من مسكن وطبيعة مأوى صيفا وشتاء؛ قديما انتشرت الأمراض والأوبئة التي حصدت الأرواح وحاليا تقدمنا معرفيا وطبيا ونتلقى العلاجات واللقاحات.
من وجهة نظري النفسية أرى أن عبارة «الزمن الجميل وجيل الطيبين» ما هي إلا عدوى لازمتنا لفظيا بمؤثرات تراجيدية لا تتعدى الحناجر لتعزية النفس مشاعريا لأطلال الماضي فقط؛ كنوع من أنواع الدفاع النفسي اللاشعوري؛ أما حقيقة الأمر فهنالك معاناة عاشها من قبلنا؛ لم تكن جميلة في واقعهم ولم يكونوا طيبين في أحوالهم؛ من حيث الاستقرار المعنوي والمادي الذي كانوا يسقطون أثره السلبي أحيانا على الحلقة الأضعف لمن حولهم ومحيطهم وممن يعولون من أبناء وزوجات.
منذ قابيل وهابيل تعاقبت أحوال الأزمنة وأنفس البشر بين الخير والشر؛ كما أن لهذا الزمن ولهذا الجيل بفضل الله ثم بالوعي الحكومي والمجتمعي جماله وطيبته وما سيكون نستشرف به كثرة الجمال ووفرة الطيبة بالخير والرخاء والأمن والأمان.
من المفترض أن نبتعد عن وسم الماضي بالزمن الجميل وجيل الطيبين؛ ويمكننا أن نقول زمن البساطة وجيل البسيطين؛ نحن لا ندري في الزمن القادم والجيل الآخر لعله المطر الذي نبينا به أخبر.
@Yos123Omar