الرأي

الحوكمة تصنع المستحيل!

سطام بدر القحطاني
يعد دور الحوكمة في القطاع الخاص بمثابة اللوحات الإرشادية التي ترشد أعضاء مجلس الإدارة، والمديرين التنفيذين، والمساهمين، وأصحاب المصالح؛ لفهم صلاحياتهم ومسؤولياتهم.

كما تبين للمساهمين كيفية تقديم ملاحظاتهم ومقترحاتهم للمجلس وآلية حضور الجمعية العمومية لمناقشة نتائج الشركة وتقديم الاستفسارات لأعضاء المجلس تجاه القوائم المالية وقيمة السهم أو أي استفسار آخر.

وتتيح الحوكمة للموظفين معرفة الالتزامات التي تقع على عاتقهم وحقوقهم وحدود صلاحياتهم الإدارية والمالية، وذلك من خلال اللوائح والسياسات والإجراءات ومصفوفة الصلاحيات المعتمدة في المنشأة.

يزعم البعض بأن الحوكمة تصنع المستحيل! وتسهم في منع الفساد الإداري والمالي بل تقضي عليه تماما، وتزيد من أرباح الشركة، وتمنع وجود تعارض للمصالح، وتحقق العدالة والشفافية، وتحمي حقوق المساهمين وحتى صغار المساهمين، وتوضح أدوار ومسؤوليات التنفيذيين، وتحقق الاستدامة والشفافية والنزاهة، متناسين أن دور الحوكمة لا يتجاوز كونها مجموعة وثائق مكتوبة تفقد قيمتها إذا كانت حبيسة الأدراج والملفات السحابية أو إذا لم تطبق بالشكل الفعال أو لم تكن الحوكمة مناسبة لطبيعة المنشأة.

وإذ كنا نرغب بحوكمة فاعلة تؤتي ثمارها، فيجب أخذ الأمور التالية بعين الاعتبار:

أولا: نوع المنشأة وحجمها، أي هل هي مؤسسة فردية أم شركة؟ وإذا كانت شركة هل هي ذات مسؤولية محدودة أم مساهمة؟ وإذا كانت مساهمة هل هي مدرجة أم غير مدرجة، هل هي مساهمة مقفلة أم لا؟ وما نشاطها؟ تمويل أو تأمين أو بنوك أو غير ذلك؛ جميع هذه الاستفسارات تساعدنا في معرفة المتطلبات النظامية للمنشأة بحسب نوع الجهة الرقابية عليها.

ثانيا: هدفها، هل المنشأة تنوي أن تكون قابضة؟ أو تنوي تحويل شكلها القانوني، أو تنوي أن تندمج مع شركة أخرى أو غيرها من أهداف قد تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على حوكمة المنشأة.

ثالثا: قيمها، بمعنى القيم التي تنوي المنشأة ترسيخها في المديرين التنفيذيين والموظفين.

رابعا: تقييم الوضع الراهن، هذه الخطوة من أهم خطوات حوكمة المنشآت، إذ يتم قياس مؤشر نضج الحوكمة بناء على حقوق الشركاء، إدارة الشركة، فاعلية لجنة المراجعة أو إدارة المراجعة الداخلية، تعارض المصالح. ويمكن قياسها عبر نموذج تقييم يتضمن عددا من الاستفسارات حول موضوع محدد أو بشكل عام، كذلك من خلال التأكد من وجود اللوائح والسياسات وما إذا كانت متناسبة مع المنشأة أم لا.

خامسا: تدريب أعضاء مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين والموظفين، وذلك ليتمكن كل منهم من معرفة الحوكمة وما أثر تطبيقها والالتزام بها، وما الدور المنوط به، والصلاحيات المحددة له سواء الإدارية أو المالية، وكيفية التبليغ في حال وجود مخالفات وغيرها من المواضيع التي تؤثر على مستوى نضج الحوكمة في المنشأة.

في الختام لا شك أن الحوكمة هي عملية تكاملية بين كل من مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين والمساهمين وأصحاب المصالح، فكل منهم له دوره الذي يتعين القيام به؛ فلن يكون لعملية الحوكمة جدوى في حال الإخلال بها من قبل المستهدفين بها.

وإذا أردنا تفادي ذلك فيجب توفير أداة رقابية تسمى «الالتزام» تضمن فاعلية تطبيق الحوكمة وفق ما هو مطلوب ومحدد في اللوائح والسياسات، وذلك لأن وجود الجانب التشريعي -أي الحوكمة- دون الجانب الرقابي -الالتزام- سيخلق عدم توازن في المنشأة؛ وينتج عنه تعارض المصالح وظهور الفساد الإداري والمالي وغياب الشفافية.

@Sattam_Bader