الرأي

التخطيط القائم على الاكتشاف.. في الإدارة التربوية

أبوبكر أحمد ولي
سأكتب في هذه المقالة عن التخطيط الاستراتيجي وأربطه بالتخطيط التشغيلي في المؤسسات بشكل عام والمؤسسات التربوية بشكل خاص.

موضوعي لا يصف حالة ما أو إدارة ما، مقالاتي بشكل عام تهدف لنشر المعرفة والفائدة.

لا شك أن الحديث عن أي إنجاز وتحقيق أي نتيجة داخل أي مؤسسة يجب أن يقترن هذا الحديث بالحديث عن التخطيط بشقيه الاستراتيجي والتشغيلي لقوة الترابط بينهما.

وبداية وكالمعتاد يجب أن أعرف بعض المصطلحات الواردة في هذا المقال:

التخطيط: هو عملية تحديد المسارات الصحيحة المحققة للنتائج المرجوة.

وهناك نوعان مترابطان للتخطيط: التخطيط الاستراتيجي والتخطيط التشغيلي.

التخطيط الاستراتيجي هو التخطيط طويل المدى (خمس أو عشر سنوات أو أكثر). ي

تكون التخطيط الاستراتيجي من استراتيجية المؤسسة: الرؤية والرسالة ونقاط التركيز والأهداف الاستراتيجية والبرامج والمبادرات طويلة المدى، أما التخطيط التشغيلي فهو التخطيط السنوي الذي يتكون من الأهداف التشغيلية والبرامج المنبثقة من البرامج الاستراتيجية ومؤشرات قياس الأداء والنتائج بالإضافة لجداول زمنية لكل برنامج.

ولا شك أن التخطيط بوجهه العام وبجميع تفاصيله مهم جدا لتحديد الاتجاه الذي تسلكه المؤسسة ومهم أيضا لتحقيق النتائج المرجوة.

ويعتبر التخطيط من أولويات أعمال مديري المؤسسات، بل إنه من أهم عوامل النجاح.

ومن وجهة نظر وخبرة عملية في الإدارة بشكل عام والإدارة التربوية بشكل خاص أجد أن هناك سؤالا مهما جدا يأتي قبل بداية عملية التخطيط: ما هي النتائج التي سنخطط لإنجازها؟ فإن كانت النتائج التي نخطط لها نتائج تقليدية تتكرر معنا كل عام، في هذه الحالة يكون التخطيط وفق المتبع بطريقة تقليدية باستخدام المقاربات (Approaches) المعتادة مع إجراءات التحسين الموصي بها من تقارير عمليات الإنجاز/الإنتاج السابقة، أما إن كانت النتائج المرجو تحقيقها جديدة لم نعمل على تحقيقها من قبل (New outcomes)، أو أننا سنعمل على نتائج متكررة ولكن في سوق جديدة أو بيئة جديدة، هنا يجب أن نتوقف لأن عملية التخطيط يجب أن تكون مختلفة لأننا لا نستطيع التنبؤ بما يمكن أن يحدث لحاجتنا للمعرفة العملية والبيانات التاريخية التي نستطيع البناء عليها في اتخاذ القرارات للخدمة الجديدة أو المنتج الجديد. في هذه الحالة يكون التخطيط القائم على الاكتشاف هو الخيار الأفضل لبناء برامج الخطة التشغيلية.

التخطيط القائم على الاكتشاف Discovery-Based Planning يمكن أن نعرفه أنه التخطيط المرن القائم على المتابعة المستمرة للأداء وقراءة المؤشرات بهدف الاستثمار الأفضل للموارد من خلال اقتناص الفرص المتاحة وتجنب الخسائر أولا بأول.

ولأن البيانات التاريخية لعمليات الأداء غير متوفرة بشكل دقيق، نعتمد بشكل كبير على الفرضيات التي تتحول إلى بيانات ومعلومات ومعرفة مع مرور الوقت.

ولو أردنا البحث في سمات التخطيط القائم على الاكتشاف سنجد عشرات السمات، ولكني سأذكر بعضا منها:

أولا: استثمار الفرص الخارجية مع استمرار التحليل البيئي لواقع المؤسسة ومحيطها ومتطلبات الأطراف المعنية.

ثانيا: التركيز على إجراءات القياس وتحليل النتائج في فترات متقاربة لتسهيل ضبط جودة أداء وإنتاجية فرق العمل.

ثالثا: مرونة التعديل والتغيير المستمر في إجراءات المشروع والتعديل على الفرضيات لمنع حدوث الانحرافات عن النتائج المرجوة.

رابعا: قرب المدير التنفيذي للمؤسسة من فرق العمل التشغيلية؛ لتسهيل قرارات التعديل والتحسين المستمر.

خامسا: سرعة اتخاذ قرارات التطوير المهني وإدارة المعرفة المرتبطة بالمحتوى العملي.

سادسا: التحسين المستمر لكفاءة الأداء وكفاءة الإنفاق وتحسين مستوى رضا الأطراف المعنية.

سابعا: اكتشاف فرص لمشاريع جديدة تدعم القوة التنافسية للمؤسسة.

ومن وجهة نظري أرى أن التخطيط القائم على الاكتشاف هو أهم أدوات الإدارة التربوية وخصوصا في مشاريع تحسين جودة الأداء ونواتج التعلم؛ لكونه يعتمد على القراءات المستمرة لواقع الأداء والتحسين المستمر.

وفي الختام أستطيع القول إن العمل كمدير لمؤسسة ما أو رئيس لفريق عمل يتطلب الفهم الكامل بالمحتوى العملي والقوة في التخصص العلمي والقوة المعرفية والمهارية في التخطيط وربط استراتيجية المؤسسة بالعمل التشغيلي اليومي، بالإضافة إلى ذلك الإلمام بأدوات التحسين والتطوير والجودة، ومهارات أخرى سنتحدث عنها لاحقا.

وأخيرا وليس بآخر: المدير الناجح هو من يترأس فريق التخطيط ويقود دفة المؤسسة من خلال استعراض نتائج قياس الأداء والنتائج –Dashboard– والزيارات الميدانية المتواصلة.

abubakrw@