الرأي

دانة العيثان

زيد الفضيل
دانة العيثان وعبدالله الغامدي وعباقرة آخرون، أسماء لمعت مؤخرا بعد حصولهم على عديد من الجوائز في منافسة المعرض الدولي للعلوم والهندسة آيسف لموسم 2022م بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث حصل الطالب عبدالله الغامدي على جائزة العالم الناشئ في مجال الطاقة لمرحلة التعليم العام، وحصلت دانة العيثان على المركز الأول في مسابقة الكيمياء بمشروعها الذي حمل عنوان «إنتاج الهيدروجين بشكل انتقائي من حمض الفورميك باستخدام محفز روثينيوم فعال لتوليد الطاقة».

دانة العيثان وزملاؤها شخصيات تستحق الاحتفاء بها على أعلى المستويات، وحتما فذلك كائن، لكن الأهم أن تكون وزملاؤها محط اهتمام كل وسائط التواصل المجتمعي، إذ هي وزملاؤها مَن يجب الاهتمام بهم من قبل الناس، وليس أولئك الفارغين ظاهرا وباطنا ممن يتاجرون بمظهرهم

الأجوف.

وكم أرجو أن يصغي أولئك إلى قولها لقناة السعودية حين استقبالها: بأنها تعتبر الجائزة كحبة الكرز على رأس كيكة، وأن الجائزة الحقيقية هي كل الجهد الذي عمل من أجل النجاح، ابتداء بولادة الفكرة ثم العمل على تنفيذها وما صاحب ذلك من جهد مضن فيه إخفاقات ونجاحات حتى بلغت مرادها، وحققت نجاحها عالميا أمام عديد من العباقرة من كل أنحاء العالم.

حقا كم اقشعر جسمي وأنا أسمع قولها وأصغي لحديثها القصير؛ أدركت أن الدنيا لا تزال بخير، وأن دانة وأمثالها هم طوق النجاة لمجتمعنا الذي بدا وكأنه تائه في فضاء واسع من التطور والتنمية المرتقبة. وما أجمل إدراكها لحقيقة العلم حين عبرت بكل ثقة بأنها لا تزال في أول الطريق،

وأن المعرفة الحقة هي التي تجعلك تُدرك أنك لم تصل، وتُحفزك على البحث بجد للوصول، وكأني بها ترقب قول عالم عربي مسلم كبير سبقها بمئات السنين وهو الإمام الرازي الذي قال: «كلما ازددت معرفة أيقنت بجهلي» فلله درها من فتاة واعية تنهج سبيل المعرفة بخطى ثابتة.

في هذا السياق أجد من واجبي الإشارة إلى تلك الحالة المبهجة من الاحتفاء المجتمعي بدانة وزملائها، حيث حصد تصوير إعلانها بالفوز بالجائزة أرقاما كبيرة من المتابعة، وتناقل الناس لحظة وصولها وزملائها واستقبالهم بكل بهجة وسرور، وذلك لعمري مؤشر بهيج، ويدعو إلى أن تقوم الجهات الرسمية المختصة على صعيد التعليم والإعلام والثقافة إلى تفعيل الاحتفاء بالمعرفيين من مختلف العلوم عبر برنامج متفق عليه من الجهات الثلاثة، إذ هم من يجب أن يتصدروا الساحة وليس أولئك الفارغين من مشاهير السوشيل ميديا، أو الوهميين في الجانب الأكاديمي بخاصة.

وأؤمن بأننا نحتاج إلى الاهتمام بأولئك المعرفيين الحقيقيين الذين سيكون على كاهلهم بلوغ أوج ما ترمي إليه رؤية 2030 وتحقيق ما يصبو إليه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لأن نكون دولة رائدة متقدمة على صعيد الشرق الأوسط والعالم.

أمام هذا الطموح فالمرجو من كل الجهات المعنية على الصعيد الرسمي والأهلي أن تقوم برسم استراتيجية حقيقية، يتم تنفيذها بمهنية عالية، لبلوغ الهدف الذي ترمي إليه الرؤية المستقبلية للمملكة العربية السعودية، وحتما فالهدف كبير، وبلوغه يحتاج إلى تكاتف الجهود للارتقاء بالذائقة والوعي، ولن يكون ذلك بتصدير الفارغين وجعلهم نماذج مجتمعية يحتذى بها، وهو عتب على مؤسسات الإعلام بخاصة، والمرئي منها والمسموع بشكل أدق، حيث توجه اهتمامهم إلى استضافة أولئك في عديد من البرامج، فكان أن عمدوا بإدراك أو بغيره إلى تصديرهم للمجتمع بوصفهم

روادا يتحتم على أبنائنا الاقتداء بهم والله المستعان.

أخيرا، إن بلدنا ومجتمعنا السعودي يحفل بكثير من النماذج المعرفية التي يجب الاحتفاء بتجربتها ومسيرتها وتصديرها كنماذج يحتذى بها، ودانة العيثان وزملاؤها بعض منهم، كما أن الساحة تعج بالشخصيات الممتلئة وعيا ومعرفة على مختلف الأصعدة الثقافية، وهي من يجب أن يكشف عنها الحجاب ويتم تصديرها كنماذج مجتمعية، فهل إلى ذلك سبيل؟

@zash113