أعمال

اكتواء المسافرين بأسعار التذاكر ينطق هيئة الطيران

مختصون: هل يجب الضغط عبر وسائل التواصل حتى تتحرك الهيئة؟!

أحمد العوذلي
أكد مختصون ومهتمون بشؤون المستهلك أن الأسعار المبالغ بها لتذاكر الطيران الداخلي والخدمات الأرضية بالمطارات تضر بجاذبية المملكة كوجهة سفر دولية، فضلا عن تأثيرها السلبي على السياحة الداخلية بين المناطق، كما تتناقض مع مستهدفات الرؤية الوطنية بالوصول إلى 300 مليون مسافر سنويا بحلول 2030.

وأوضحوا أن بيان الهيئة العامة للطيران المدني جاء متأخرا جدا وبعد ارتفاع الأصوات عبر وسائل التواصل من الأسعار الباهظة لتذاكر النقل الداخلي والتي تضاهي أسعار التذاكر الدولية في شركات إقليمية، مطالبين بحلول عملية ودائمة لهذه المشكلة التي من أبرز تداعياتها تسرب مواطنين للسفر من مطارات إقليمية في دول مجاورة إلى مناطق داخل المملكة.

وكانت الهيئة العامة للطيران المدني أشارت في بيان صدر أخيرا، بأنها لاحظت تغيرا في نمط أسعار بعض فئات التذاكر الجوية، وتابعت باهتمام، ما يتداول من معلومات عن أسعار التذاكر الداخلية، مشيرة إلى أنها بصفتها الجهة المنظمة لقطاع الطيران المدني بالمملكة اتخذت حزمة من الإجراءات المباشرة سينتج عنها مراجعة هيكل تسعير النقل الجوي وزيادة السعة المقعدية وعدد الرحلات لتوفير أسعار مناسبة للمسافرين وتعزيز التنافسية في قطاع النقل الجوي.

وتواصلت الصحيفة مع المتحدث الرسمي للهيئة العامة للطيران المدني إبراهيم الروساء للحصول على رد بخصوص تأخر تحرك الهيئة إلى حين تداول موضوع ارتفاع أسعار التذاكر على نطاق واسع ولم تتحرك استباقيا مع أن ذلك من صميم عملها، إلا أنه لم يرد.

خيبة أمل

وعبر نائب رئيس اللجنة الوطنية اللوجستية باتحاد الغرف السعودية راكان العطيشان عن خيبة الأمل للوضع الاحتكاري الذي يشهده سوق الطيران الداخلي خاصة في بعض الوجهات، مشيرا إلى أن بيان الهيئة لم يشر إلى تفاصيل معاناة الناس الراغبين بالسفر بين المناطق ومنهم من يعمل في مناطق أخرى ويضطر للسفر الجوي، حيث تستنزف تذاكر السفر جزءا كبيرا من الدخل الشهري خاصة عندما يتعلق الأمر بسفر عائلة مكونة من عدة أفراد، لافتا إلى أن صعوبة السفر البري تضطر المسافرين للقبول بتذاكر سفر جوي مرتفعة الثمن.

تناقض مع الرؤية

وأكد العطيشان أن ذلك يتناقض مع مستهدفات الرؤية الوطنية بخصوص قطاع الطيران الداخلي بالوصول إلى 300 مليون مسافر سنويا عام 2030، حيث من المفروض أن يكون قطاع الطيران الداخلي بالمملكة قطاعا منافسا وجاذبا للعملاء والشركات الدولية، منوها إلى أن من أهم الأولويات في الوقت الحاضر للمنافسة العادلة وخفض الأسعار هو إدخال شركات طيران أخرى إقليمية ودولية، حيث سيكون لذلك فوائد وقيم مضافة مهمة للاقتصاد الوطني، منها أنها ستنعش حركة السياحة الداخلية والإقليمية لمناطق المملكة المختلفة، وستطور عمل مطارات المناط، إلى جانب تخفيض سفر السعوديين من مطارات دول مجاورة.

ارتفاع وسوء خدمات

وأشار رئيس اللجة التجارية بغرفة الشرقية سابقا علي البرمان إلى أن ارتفاع أسعار التذاكر خيالي، متسائلا: كيف تكون أسعار التذاكر الدولية على شركات أخرى أقل سعرا من الأسعار للتذاكر الداخلية في بلادنا، معبرا عن استغرابه من عدم وجود دور للهيئة العامة للمنافسة، مشيرا إلى أن الارتفاع في الأسعار يتم بالتوازي مع سوء الخدمة والإخلال المستمر بمواعيد الرحلات، مؤكدا بأن الموضوع ليس سهلا ويحتاج إلى ورش عمل في كل المدن والوجهات الداخلية إلى جانب إيجاد قواعد أساسية للمنافسة.

تجاهل نداءات الشورى

من جانبه استغرب المحامي والمستشار القانوني الدكتور أحمد العوذلي من التحرك المتأخر جدا لهيئة الطيران المدني والذي جاء بعد ارتفاع صراخ المسافرين من التكاليف الباهظة لتذاكر السفر بين المناطق والتي تفوق بحجمها تكاليف رحلات دولية بعيدة، مشيرا إلى أن الهيئة لم تعر اهتماما لنداءات مجلس الشورى السابقة حول ضرورة الضغط وإعادة النظر بأسعار التذاكر السفر الداخلي عموما، حيث تفاقم الوضع أخيرا بالوصول إلى أسعار خيالية، مشيرا إلى أن المفروض حاليا هو الحلول العملية وليس إصدار البيانات لتهدئة الخواطر.

أسعار خيالية

أما رئيس اللجنة العقارية السابق بغرفة الشرقية خالد بارشيد، فأشار إلى أن بيان الهيئة العامة للطيران المدنى جاء بعد حالات التذمر والصراخ ممن اكتووا بنار أسعار التذاكر الخيالية، وجاء البيان بلهجة مخففة بالإشارة إلى وجود «تغير في نمط أسعار بعض فئات التذاكر الجوية «ولم تسم ما حدث بالارتفاع غير المبرر للأسعار مشيرة بأنها اتخذت إجراءات ستسهم في مراجعة هيكل تسعير النقل وزيادة السعة المقعدية وعدد الرحلات، وهذا يدعو للتساؤل عن سبب تجاهل الهيئة للنداءات السابقة ومنها مطالبة مجلس الشورى في أكثر من جلسة بمراجعة أسعار الطيران الداخلي.

ولفت إلى أن بيان الهيئة جاء متأخرا ومبهما ولم يتم فيه تحديد المسؤوليات ولم يشر إلى أي حل عملي مثل السماح مثلا بعمل بعض شركات الطيران الإقليمية لكسر الاحتكار، مؤكدا بأن استمرار ارتفاع أسعار التذاكر سيؤثر حتما على السياحة الداخلية والسياحة الدينية وهما ركيزتان أساسيتان للقطاع السياحي الوطني.

الإسراع بالقطارات

وأفاد بارشيد بأن الارتفاعات في الأسعار تضر بواحد من أهم أهداف رؤية المملكة 2030 م، والمتمثل بتحويل السياحة إلى قطاع رافد للناتج الإجمالي، لافتا إلى أن الوصول إلى مائة مليون زائر بحلول عام 2030 م كما تقتضي الرؤية سيكون صعب المنال في حال استمرار حالة الاحتكار في الطيران الداخلي، مشددا على أهمية أن تسارع وزارة النقل والخدمات اللوجستية الزمن لإنشاء السكك الحديدية والقطارات السريعة التي تخدم جميع مدن المملكة.

عبر مطارات إقليمية

وتساءل الكاتب الاقتصادي المهتم بشؤون المستهلك صالح الزهراني حول ما إذا كان من جودة الحياة أو تحقيق الرفاه وتشجيع السياحة الداخلية أن يذهب المواطن السعودي إلى مطارات دول مجاورة ليسافر إلى جدة أو أبها أو تبوك بتذكرة أقل سعرا من المطارات التي بجوار منزله، وهل من المعقول أن يخرج من بلاده ليعود إليها بتذكرة أرخص بكثير، لافتا إلى أن ما يشار إليه في هذا المجال ينطبق أيضا على رسوم الأرضيات، حيث رسوم الأرضيات في مطار بيشة أغلى من أرضيات مطار هيثرو في إنجلترا.

التسعير ضيع الفرص

وأشار صاحب مكتب طيران بالخبر حمد الناجي إلى أن المبالغة في أسعار المواقع في المطارات والأرضيات إلى جانب تذاكر الطيران جعلت مطار مثل مطار الملك فهد والذي هو بمساحته الهائلة من أكبر مطارات الشرق الأوسط شبه مهجور حيث يتسرب المسافرون إلى مطارات دول مجاورة وكل هذا خسارة للوطن، ما يستدعي تغيير النهج الذي لا يضع اعتبارا للمنافسة الكبيرة في سوق الطيران.