في حضرة «راجل نكد»!
السبت / 10 / ذو القعدة / 1437 هـ - 22:15 - السبت 13 أغسطس 2016 22:15
يحيى باجنيد إنسان موهوب له في كل فن باع.. فهو حاضر بين الصحفيين وكتاب المسلسلات الإذاعية، وبارع في الكاريكاتير، ومجيد للقصة القصيرة، كما أنه فنان تشكيلي سرقته الكتابة والصحافة عن الساحة التشكيلية منذ عقود.. تخرج في أكاديمية الفنون الجميلة في فلورنسا بإيطاليا، وللأسف لم تحظ به الساحة التشكيلية بعكس الصحافة والأدب والإذاعة.
دعاني قبل أيام إلى مرسمه، حيث يستعد لمعرضه الشخصي الفني الأول، وكان يستعرض معي لوحاته التي سيضمها المعرض القادم في جدة، وكان لي شرف مشاركته الرأي في هذه الأعمال الفنية التي تجسد أفكاره وهمومه وخيالاته وإسقاطاته والتي تعكس شخصيته المسكونة بالسريالية أحيانا والبساطة أحيانا أخرى، تجد ذلك في شخوصه وألوانه ومواضيع لوحاته وحتى في عناوين وأسماء أعماله الفنية.
نعرفه كاتبا وإذاعيا وقلما نعرفه فنانا تشكيليا، حظيت بصداقته ثم بمرافقته في رحلات بقي منها الكثير من الذكريات الجميلة، ولأني منحاز بطبيعتي في الفنون للتشكيل كنت دائما أستحثه أن يعتني بالجانب التشكيلي فيه مثل عنايته بالكتابة، ولا أخفي أني بذلت في ذلك مجهودا خشيت بعده ألا أصل معه إلى ما أرجوه منه.. ولكنه أدهشني بما شاهدت، وراجعت معه من أعمال بلغت أربعين لوحة حملت هوية معرض متكامل العناصر الفنية في الشكل والموضوع طالما انتظرته الساحة التشكيلية.
في أعمال معرضه الفني المنتظر يطل علينا يحيى باجنيد بشخصيته البشوشة التي يلقاك بها حتى ولو عرفته لليوم الأول، كما تلمح في أعمال أخرى سخريته من المظاهر والتصنع، كما تقرأ بوضوح في لوحاته اهتمامه وتقديره للمرأة، فهي مصدر إلهامه وبؤرة إحساسه ونقطة ضعفه كذلك.
بعد سياحتي في مرسمه والتي تجاوزت الساعة، أخذت أتصفح عناوين كتبه التي ازدانت بها مكتبته، وكانت عناوين مختارة بعناية، جذبني منها بعض من مؤلفاته التي تجاوزت العشرة في رحلته مع الكلمة الساخرة والساحرة، وقع اختياري منها على كتاب رشيق بعنوان (راجل نكد) كان الغلاف من تصميمه، وكتب في مقدمته القصيرة بخط يده المميز (هذه حكايات للناس عن بعض الناس.. فيها شيء من المرح.. وقليل من المبالغة.. وكثير من الصدق)، فاستأذنته أن يكون عنوان الكتاب عنوانا لمقالي، إلا أنه اعترض مازحا وناولني كتابا آخر من تأليفه أيضا قائلا: يا أخي ليش ما تستعمل هذا العنوان؟
تناولت منه نسخة الكتاب الذي كان عنوانه (راجل ونص).
أعترف بأن لقاء يحيى باجنيد عندي هو دائما عودة إلى النفس بعفويتها وتواضعها وبعدها عن الشكليات والمظاهر، وقبل ذلك كله حرصه الشديد على مراعاة الآخرين ومحبته لهم.