الرأي

تصريحات وتهكم بدون «خط رجعة»

منى سالم باخشوين
أصبح كل منا يصرح بما يريد في أي وسيلة كانت وباسمه الصريح أو المستعار، وحاصرتنا هذه الفوضى التي نستفيد منها قيراطا ونتضرر ألف قيراط. نستوضح ثم نصرح أو لا نستوضح بل نصرح أولا ثم قد نستوضح أو لا نستوضح، كله سواء. نكيل الاتهامات ونبدع في النكت أكثر من أي شعب اشتهر عنه النكت السياسية والاجتماعية، (قد يدل ذلك على كثرة همومنا، ولكننا نبالغ في ذلك حتى أصبنا بالتخمة). حتى إنه يخيل إلي أننا لم نعد نحترم وسائل الإعلام الرسمية وصرنا «نهلفط» بكل ما يخطر ببالنا. ولم تعد تلك «الهلفطة» حكرا على أفراد من الشعب، بل طال هذا السلوك العجيب بعضا من المسؤولين بين الحين والآخر من وزير إلى عضو في مجلس شورى إلى ثري من أثرياء سوق المال والأعمال والبقية تأتي. لا أدري إن كانت بعض الحريات لا يجب أن تعطى لكل من كان! قد لا نحسن استخدامها إذا لم نتعود عليها، وإلى أن نتعود عليها ونحسن استخدامها فليتحمل الشعب والبسطاء منه بالتحديد كل ما تجود به قريحة هذه الشرائح من أصحاب قرار أو أشباه أصحاب قرار من استخفاف بآلام هؤلاء البسطاء -وأنا واحدة منهم بالتأكيد- وأحلامهم وحقوقهم. ما علينا، فأنا أعلم أن الموضوع خلال الأسبوع الماضي قد أشبع حديثا وتعليقا وتهكما. كنت أريد أن أتحدث عن تصريحات للوزير الشاب الرقيق وزير الثقافة والإعلام عندما تحدث بحماس جميل عن عزمه إنشاء مدينة إنتاج إعلامي وذلك أثناء الندوة التي أقيمت في سوق عكاظ بالطائف قبل أيام. وقد كان تصريحه ذلك من ضمن تصريحات أخرى لا تقل حماسا عن كل ما يريد تأسيسه للمثقف السعودي. جعلني ذلك الحماس أتساءل أنا ومختص له خبرته في هذا المجال عن الهدف من إنشاء مدينة للإنتاج الإعلامي هنا وفي هذا الوقت! نحن ليس لدينا صناعة فنية تقوم على أسس، فلماذا مدينة للإنتاج الإعلامي؟ هل سننتج لسوانا مثلا؟ هل فكر معاليه في إنشاء مراكز متخصصة لتدريب الإعلاميين من مذيعي الإذاعة والتلفزيون والذي لا يجيد أغلبهم لغته ولا طرق الحوار وإدارته باحتراف؟ كانت هناك مثل هذه المراكز في العراق وسوريا وبالطبع هي عمل قوي مفيد كنا نستطيع الوصول إليه والتدرب. ولكن لم يعد هناك عراق ولا سوريا، فلماذا لا يتم تأسيس مركز مماثل هنا؟ وستحسب هذه نقطة في رصيد وزير متحمس مثل معاليه. لماذا لا يهتم بالمسرح؟ أبوالفنون وأكثرها تأثيرا وزخما وإثراء؟ مدينة إنتاج إعلامي فكرة جيدة ولكن لا هو وقتها الآن ولا مكانها. طبعا أنا لا أتحدث كواحدة من أهل الاختصاص وإنما كفرد من مجتمع يتمنى أن يرى أشياء كثيرة حوله في هذا المجتمع تبنى على أسس تبقى وتؤثر. تعبنا من التصريحات التي تأخذنا إلى حيث نريد ولا نريد، ألم تتعبوا؟