الرأي

التسويق بالبث المباشر ومستقبل مشاهير السناب

فهد العرجاني
أصبح البث المباشر ظاهرة مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة، وأصبحت تجتذب ملايين المشاهدات على مستوى العالم، يعود ذلك للانتشار الواسع للكاميرات الرقمية والهواتف الذكية وتوسع وصول شبكات الإنترنت للقرى والمدن الصغيرة والتي تتميز بالفسحة الوقتية مقارنة بساكني المدن، إضافة لزيادة وقت الفراغ واحترازات التباعد الصحي بعد عامي الجائحة.

في عام 2016 تم تصنيف تطبيقات البث المباشر كأعلى تطبيقات الجوالات تزاحما بالبيانات تجاوزت 34% من إجمالي بيانات الهواتف الذكية منذ أن أطلقت تطبيقات مثل: يوتيوب وفيس بوك وتويتر خاصية البث المباشر، تويتش على سبيل المثال -أحد التطبيقات التابعة لشركة أمازون - الذي تجاوزت مشاهدات البث المباشر فيه 188 مليون مشاهدة وأكثر من 5.5 ملايين برودكاسترز – بث فردي مباشر– هذه الأرقام جعلت الخبراء يتنبؤون بسوق واعدة وثورة تسويقية تقنية ستفتح أبواب التجارة الالكترونية.

من أول البلدان التي انتشرت بها ظاهرة البث المباشر هي الصين، فخلال إقامتي في شنغهاي –عشر سنوات قبل الجائحة– وفي عام 2015 بالتحديد بدأ الانتشار الواسع لثقافة البث المباشر وتركز النمو فيها على المدن من الدرجة الثانية والدرجة الثالثة حتى تجاوز عدد مستخدمي البث المباشر 559 مليونا من خلال أكثر 270 منصة في عام 2020، بلغ حجم السوق في نفس العام 156.95 مليار دولار بما يعادل تريليون يوان صيني، والتوقعات أن يصل الى 769.05 مليار دولار بما يعادل 4.9 تريليونات يوان صيني.

هذه الأرقام والثورة المعلوماتية من خلال البث المباشر خلقت أسواقا جديدة، بلغ عدد وكالات MCNs والتي تختصر عبارة Multi Channel Network قرابة 2800 وكالة تدير حسابات الملايين من المؤثرين في سوق البث المباشر، والمتوقع في هذا العام 2022 سنكون على موعد نمو هائل في هذا القطاع مما جعل الشركات الدولية التقنية تراقب هذه السوق وتتعلم من تجارب وممارسات المستهلك ومقدم الخدمة.

هذا النمو المتزايد للتسويق بالبث المباشر في السنوات الأخيرة لفت نظر الحكومة الصينية مما استدعى وزارة التجارة لإطلاق بعض السياسات والتشريعات لتنظيم هذه السوق، منها على سبيل المثال لا الحصر، المحافظة على الذوق العام خلال البث سواء في لبس الزي المناسب أو استخدام العبارات اللائقة، بالإضافة إلى ارتداء ملابس ملائمة مع نوع المنتج المعروض والمصداقية في طرح مواصفات المنتجات، وتكون المسؤولية في ذلك هي إدارة منصات تسويق البث المباشر لمعاقبة وحظر المخالفين، حرصا على المحافظة على ما تسميه وزارة التجارة «بالاقتصاد الاجتماعي» وعدم الإضرار بالقيم المجتمعية وبناء اقتصاد رقمي متين يتميز بالمصداقية.

في الختام، قد يتساءل بعضنا!! هل الإعلان المنتشر على المنصات الاجتماعية من خلال المشاهير له أبعاد سيئة على اقتصادنا الاجتماعي؟ وهل يمكن تنظيمه حتى لا يشوه مستقبل اقتصادنا الرقمي؟ متابعة الممارسات الإعلانية عبر المشاهير أصبحت ضرورة لبناء بيئة مناسبة للحفاظ على مستقبل اقتصادنا الرقمي المتنوع والمستدام خاصة مع إقبال الاستثمارات الأجنبية على السوق السعودية.

@fahadnalarjani