الرأي

أزمة أوكرانيا «وحرب بلا نصر»

عيد الفايدي
مع نهاية جائحة كورونا ظهرت أزمة جديدة في «أوكرانيا» وكأن العالم خرج من أزمة الوباء وانتقل إلى أزمة الحرب، وكل سكان الأرض لا تخفى عليهم آثار الحروب قديما وحديثا ففي العصر الجاهلي دارت حروب وحروب لكن عند المقارنة بين حرب الأمس واليوم أو بين الحرب قديما وحديثا هناك فرق شاسع في الأداء والأثر، في العصر الجاهلي كانت كلمة الحرب مقترنة بالشعر بل هي الحافظ الرئيس للشعر وقيل عن الحرب أنها السبب الرئيس في نشأة الشعر لأن الشعر هو الذي يسجل يوميات الحرب ويقوم بدور أدوات الأخبار المعاصرة بكل تفاصيل الأحداث

وقد وصف الشاعر الجاهلي الحرب بقوله:

وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم

وما هو عنها بالحديث المرجم

هنا الشاعر الجاهلي يحذر من الحرب مع أن الحرب في الجاهلية بسيطة وسهلة ومحصورة بين رمح وسهم وفرس وجمل؛ ليس لها أثر على النبات أو البيئة، أما حرب اليوم غير ذلك تماما ولا يوجد مجال للمقارنة.

و«أزمة أوكرانيا» هي حرب بين نظامين مختلفين نظام في الشرق والآخر في الغرب، وكما قيل عن أزمة كورونا بأن العالم قبل كورونا سيختلف بعد انتهاء الوباء.. أيضا العالم قبل هذه الحرب لن يكون كما كان قبلها.

وهذه الأزمة لم تبدأ تاريخيا بدخول القوات الروسية إلى حدود أوكرانيا بل هناك بعد تاريخي من أيام الإمبراطورية الروسية القديمة، ولذا عند خروج أوكرانيا عند تفكك الاتحاد السوفيتي بعدم الانضمام لحلف الناتو والابتعاد عن الحلف مهما كانت المبررات لكن مع مرور السنوات اختلفت المواقف، ومن بين التعليقات التي قيلت عن الحرب أنها حرب بالوكالة بين طرفي نقيض، طرف يمثله علانية الدب الروسي وطرف خفي يمثله الديك الأمريكي الذي يعلن صراحة أنه يعمل على إيقاف الحرب وعدم الدخول فيها.

وروسيا تقول إنها تقود حرب «مقدسة» فهي حرب أفكار مضادة، ومشكلة الأفكار إذا دخلت في ميدان الحرب لا تعمل على إيقافها بل تعمل على إشعالها وإيجاد المبررات لها.

وللبعد الاقتصادي أثر خطير على حياة الناس والذي نتج عنه استجابة سريعة في رفع الأسعار للمواد الخام والغذاء بسبب قلة المعروض وخاصة بعد إعلان المقاطعة الاقتصادية لروسيا، ووصفت هذه الحرب بأنها أول حرب قوية ومدمرة حدثت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وداخل حدود القارة الأوروبية.

ومع الأسبوع الرابع للحرب حدث نشاط عسكري بمحاصرة العاصمة الأوكرانية وبدأت حرب الشوارع في مدن مختلفة ونشاط سياسي لرفع فتيل الأزمة وبدأ حشد عسكري في الدول المجاورة مثل بولندا وفي نفس الوقت حدثت أكبر عملية نزوح جماعي من الجانبين في التاريخ الحديث حيث تجاوز الرقم أكثر من مليوني لاجئ.

ومع استمرار الحرب تظهر أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابة.. منها على سبيل المثال لا الحصر:

متى؟ وكيف تنتهي الحرب؟ لأن الحرب سواء كانت حرب تقليدية أو تقنية أو نووية أو حرب «هجين» فإنها حرب تؤثر سلبا على كل مجالات الحياة.

ومن الأسئلة التي تبحث عن إجابة عند المقارنة مع حروب في مناطق الصراع التقليدية.. تتبدل المواقف وتختلف التصريحات وتظهر وجهات نظر معاكسة علما أن الإنسان هو الإنسان سواء كان في أفريقيا أو آسيا أو أمريكا، وجميع البشر على كوكب واحد والتي عرفت أخيرا بالقرية الكونية، وحرصا على سلامة هذه القرية وقبل أن تأكل الحرب الأخضر واليابس لابد من وقف الحرب؛ فالحرب الحديثة ليس فيها منتصر.. فهي حرب بلا نصر.

@ealfaide