الرأي

مواهب شابة لبرنامج التحول الوطني

خالد عبدالرحيم المعينا
اهتم السعوديون اهتماما كبيرا وتابعوا متابعة دقيقة برنامج التحول الوطني ورؤية المملكة 2030 والتي أثارت حتى اهتمام الكثير من الدوائر الخارجية ولعلها المرة الأولى في تاريخ المملكة العربية السعودية التي تنشر فيها خطة متكاملة ودقيقة على الملأ. ولا أنكر أننا قرأنا كثيرا قبل ذلك عن خطط التنمية الخمسية غير أننا لم نعرف شيئا عن نتائجها وإذا ما كانت قد نجحت أو باءت بالفشل. وأقول الآن بكل الصدق إن الخطة تبدو رائعة على الورق وأتمنى أن تستمر كذلك في التنفيذ ليجني الشعب السعودي ثمارها الجميلة المتوقعة. ولكي تنفذ هذه الخطة بنجاح، فإن الأمر يحتاج إلى تضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص فالتزاوج بين هذين القطاعين هو الضمانة الكافية لنجاح أي مشروع. ويجب على القائمين بأمر برنامج التحول الوطني أن يعلنوا بكل وضوح وصلابة بأنهم لن يسمحوا أبدا للروتين والبيروقراطية بأن يكونا عائقا أمام التنفيذ السلس للخطة. وليس سرا أن الشعب كله قد ضاق ذرعا بالروتين الحكومي والبيروقراطية، وبتعالي موظفي الحكومة على المراجعين والنظر إليهم وكأنهم يتسولون حقوقهم الوطنية المشروعة. وفي إطار الحرص على جذب الاستثمارات الأجنبية باعتبارها تشكل رافدا مهما للاقتصاد الوطني، فإن الإعلانات الرسمية ترحب بالمستثمرين الأجانب وتعدهم بكل أنواع التسهيلات والحوافز، لكن تظل هذه وعود معلقة في الهواء إذا لم تصاحبها خطوات عملية على أرض الواقع، كما يجب أن تكون لدينا الشفافية الكاملة والحوكمة الرشيدة في هذا الجانب. ولا ننسى هنا المستثمرين الأوائل الذين استثمروا في مجالات متعددة مثل الصحة والتعليم وغيرهما وساهموا كثيرا في تنمية البلاد وتطورها ويقتضي الواجب تكريم هؤلاء الرواد بدل أن يتم التضييق عليهم بقوانين مكبلة، خاصة وهم مساهمون بشكل أو بآخر في برنامج التحول الوطني. إننا نواجه تحديات كبيرة على مختلف الجبهات ليس أقلها الأمن، والمياه، والبيئة، والانفجار السكاني، والبطالة، والسؤال المشروع هنا هو: كيف سنواجه هذه التحديات ونحتويها؟ إننا نستطيع عمل ذلك من خلال الاقتصاد القوي الذي يمنع وجود العابثين بمقدرات البلاد وأيضا بالشفافية والمصارحة والمكاشفة وقوة العزيمة والإرادة. إن الاقتصاد الصحي يصبح في هذه الحالة ضرورة قصوى وهو الشيء الذي سيضمنه برنامج التحول الوطني. ويجب أن يتلاشى الاعتماد الكبير على البترول، هذه الثروة الناضبة، وألاّ نكون أسيرين له بعد الآن، وهذا هو الهدف السامي للمخططين والمنفذين لبرنامج التحول الوطني. والأمر الثاني هو خلق الوظائف للقضاء على البطالة، ويجب أن يكون توفير الوظائف من خلال التدريب وتنمية المهارات ومتطلبات سوق العمل للوفاء بها. ولا يجب أن نقول إننا قد قضينا على البطالة من خلال توظيف حراس الأمن، والمعقبين وموظفي محلات الموبايلات. فالقضية أبعد من ذلك، فيجب أن نوفر للعاطلين عن العمل مساحات إنتاجية شاسعة يستطيعون من خلالها الإسهام في بناء الوطن. ويجب أن يتوقف الإعلام عن نشر الوطنية الزائفة، فالوطنية ليست ادعاء، بل هي إيمان حقيقي يسنده العمل والتضحية ونكران الذات. إن دور الإعلام هو المصارحة والمكاشفة وقول الصدق والحقيقة للمواطنين الذين يجب أن يكونوا على دراية تامة بما تحقق لهم وما ينتظرهم بدون تزويق أو تزييف للواقع، كما يجب على الإعلام أن يكتشف الجنود المجهولين الذين يخدمون الوطن بصدق وإخلاص وفي صمت تام. إن بلادنا تعج بالمواهب الشابة في مختلف المجالات، وهؤلاء الشبان والشابات المتسلحون بالعلم والتدريب والمهارات يعملون بصدق وإخلاص وبعيدا عن الضوضاء والادعاءات الزائفة، وعلى إعلامنا تسليط الضوء عليهم ليس من أجل الدعاية لهم لكن لإزالة الغباش عنهم ومعرفتهم، وعلى الإعلام أيضا أن يسلط الضوء على إنجازاتهم وأهدافهم وطموحاتهم فهم ذخيرة الوطن وأمل المستقبل. إننا يمكن أن نقابل التحديات ونحتوي المشكلات بخلق مجتمع متعلم ومثقف يعي دوره ويعرف المطلوب منه، ويتمتع فيه الرجال والنساء بنفس الحقوق والواجبات بغض النظر عن انتمائهم القبلي أو جذورهم الإنسانية. إنني متفائل بالمستقبل وواثق من النجاح، فلأول مرة تكون لدينا خطة واضحة ووسائل تنفيذ معروفة، ويجب على الجميع المساهمة في تنفيذ هذه الخطة دعما للأمير محمد بن سلمان القوة المحركة لبرنامج التحول الوطني ورؤية المملكة 2030. almaeena.k@makkahnp.com