العلم والإيمان ومصطفى محمود الإنسان
الخميس / 14 / شعبان / 1443 هـ - 19:40 - الخميس 17 مارس 2022 19:40
في بداية الثمانينات الميلادية؛ ومن خلال البرنامج التلفزيوني؛ «على فين» الذي كان يعرض على إحدى القنوات المحلية بجمهورية مصر العربية؛ استضافت الإعلامية فريال صالح؛ المفكر الإسلامي الدكتور مصطفى محمود رحمه الله تعالى، والذي ارتبط بذاكرتنا منذ زمن بعيد بفضل برنامجه الشهير «العلم والإيمان»؛ الذي يعرفه الصغير والكبير في عالمنا العربي؛ والذي أثر تربويا على ثقافتنا العامة من صاحب تلك الطلة الهادئة والجاذبية الأخاذة بأسلوبه السلس في ربط العلوم الدينية مع العلوم الدنيوية؛ في رسالة لتوحيد الخالق بالتأمل في خلقه.
كان ذلك اللقاء التاريخي من مسجد مصطفى محمود في القاهرة بحي المهندسين والذي بناه وخصص ما بداخله وقفا لله؛ وفي سؤال المذيعة «أنت بتعمل إيه يا دكتور»؟ أجاب وهو في قمة عطائه وجهده الذي سخره للبشرية والإنسانية والبيئة؛ بأن المجتمع بحاجة إلى وقفات على مختلف المجالات من خلال ما أقدمه من أبحاث متعددة ومتنوعة في التخصصات الطبية والاقتصادية والتاريخية والنفسية والعلمية؛ الفلكية والجيولوجية والنباتية والحيوانية؛ وعلى جميع الكائنات والجمادات المتعايشة مع الإنسان؛ والتي جمعها في مركز ملحق بالمسجد حيث جزأه الى مكتبة علمية ومتحف يضم العديد من المقتنيات والمخطوطات والمراصد الفلكية؛ بالإضافة لكونه مركزا يشرف على عدة مرافق طبية مجانية خصصها لعلاج للمحتاجين ومجموعة من الأطباء والمختصين والباحثين لخدمة المجتمع وزيادة المعرفة.
الشاهد في الأمر أن الراحل تحدث عن الشراكة الزوجية في تقديم الخدمة الاجتماعية؛ ربما استوقفتني الإشارة إلى ذلك الموضوع وجعلني أعمق التفكير في هذه الشخصية القديرة التي تمتلك القيمة والقامة من الأدب والعلم والخلق الجم في احترام الآخرين وفي مقدمتهم زوجته السيدة زينب حمدي التي بدت سعيدة جدا في ذلك اللقاء بسبب كلماته المحفزة والداعمة لشريكة حياته والتي أضافت عليها وعلى البرنامج روحا من الإيجابية المحفوف بالمودة والرحمة.
ربما يغفل الكثيرون ممن يقبلون على الزواج فلسفة تلك الشراكة الراقية التي تقود إلى فهم المغزى الحقيقي منها والغرض الرئيس من ورائها؛ وهو تحقيق الوفاق المجتمعي بين الرجل والمرأة لتكوين أول نواة في الدائرة المجتمعية الكبيرة؛ لأن الزواج في الأصل مشروع أسري يربط بين عائلتين ليصبح نسبا وصهرا.
في تعريفه لشريكة حياته قال يرحمه الله للمذيعة أمام ملايين المشاهدين في الوطن العربي الذين ترقبوا أول ظهور لزوجة رمز من رموز الأمة العربية والإسلامية؛ بأنها تشغل حاليا منصب المدير العام لهذا الصرح الديني والمعرفي العظيم؛ وبأن لديها ميزة وهي نفس الاهتمامات التي لديه من حيث الفكر والتوجه والبحث والإلمام والشغف العلمي والمعرفي الذي شدني إليها ودعاني للارتباط بها.
أردف في قوله: إنني لاحظت عليها تقديم الفائدة للناس والمجتمع، واعتبر برأيه أن تلك الميزة هي أهم صفة في الشريك؛ فالشراكة الزوجية من مفهومه لا تعني الأكل والشرب والتقارب الجسدي فقط؛ بل هنالك أعمق من ذلك وهو التشارك الفكري والروحي حتى تتحد علامات التخاطر بينهما في التقابل مع وجهات النظر الثنائية لتحقيق الرسالة الدينية؛ الإنسانية، والبيئية بما يملكانه من استعدادات تمكنهما من الوصول إلى درجة الإيمان لخدمة الكون والإنسان.
Yos123Omar@