يوم المرأة السعودي
الثلاثاء / 12 / شعبان / 1443 هـ - 22:15 - الثلاثاء 15 مارس 2022 22:15
قبل أسبوع كان اليوم العالمي للمرأة، وعلى قول ابنتي إنه (يوم المرأة السعودي بامتياز)، ابنتي التي ستعيش بواقع جيل مغاير عما مررنا به وعرفناه وعايشناه، حقبة جديدة بظهور موافقة مجلس الوزراء على نظام الأحوال الشخصية الذي سيحدث نقلة في حقوق الإنسان واستقرار الأسرة وتمكين المرأة ومراعاة حقوق ومصلحة الطفل. سيوقف سيلا من الاجتهاد القضائي وتباين الأحكام بتباين الأمزجة والأهواء والميول وحتى العقل اللاواعي وطريقة تفكير المجتمع والتباين بين المناطق.
كنا بحاجة ماسة لتشريعات ومواد تحدد وتؤطر وتعمم بعض المواضيع والأحكام، مما يساهم في انحسار مساحة الاختلاف وفصل المنازعات وتطبيق النص النظامي.
كانت المرأة إذا رغبت في أن تطالب بحقها تدور في حلقات مفرغة بحثا عن الاحترام والتقدير بين العرف والمجتمع والقضاء، وإذا وصلت لدائرة القضاء وجدت الكثير من التسويف أو التأخير والمماطلة التي تكلفها نفسيا وماليا أحيانا، فهي إما أن تكون محظوظة لتجد قاضيا يميل لصفها ويقف مع حقوق النساء في حال الظلم فينتصر لمطالبها، أو قاضيا ذكوريا يعترض على عملها ولا يبالي بشكواها مثلا في النفقة بحجة أنها مقتدرة أو يماطل في الفصل في من يترك زوجته معلقة وتعاني الكفاف..إلخ، وآخر يرى أن السمع والطاعة للزوج أمر لا نقاش فيه وهي المذنبة.
وفوق ذلك قضايا الحضانة وما أدراك ما هي؟ بالإمكان انتزاع حضانة الأبناء من أمهم بحجة التلميح بعدم الثقة بها، حقبة مرة ظالمة تخضع للاجتهاد وتنوع الآراء وقليل من الحظ والصدف..إلخ، حقبة مريرة، فظفرت بعض النساء بتمكينهن بوجود ولي أمر ينصرها أو وجود قاض متفهم وأخرى قد عانت من تمييز القاضي باختلاف المناطق واختلاف النمط السائد في التفكير، والأدهى والأمر متاهات بعض المحامين والمحاميات والفهم المحدود، فمثلا يدلّون المرأة إلى الخلع وهي أحق بطلاق الضرر وهكذا دواليك.
أو تستغل ماديا لتزداد فترة النظر في القضية، فلكل مجال أبوابه وليس الجميع يستطيع أو يحب وصدها.
كم بسبب العناد والمكابرة والبعد عن أصل التوجيه الإسلامي لا يوثق الرجل طلاقه وتنتظر رحمة من كان زوجها وعطل شأنها وشأن أولادها. الرحمة أصل التعامل ولكنها ليست دوما مشاعة.
كم ستحد المادة الواردة بالنظام (حفظ نسب الطفل وتضييق السبل أمام نفي طلبه) من تهرب البعض من أنسابهم، فكم زواج كان لغرض التسلية والمتعة وتكون ثمرته طفلا منبوذا. وكم سيحفظ كيان الأسرة عبر الإلزام بتوثيق الطلاق والرجعة، ووقف نزاع الوالدين على الحضانة لدرجة حد المساومة! هناك من يفعل ذلك نحن لسنا في الجنة.
المقصد وخلاصة الخلاصة ليس هناك فرق بين إتيان الحقوق للذكور والإناث ولكن الضعف في غياب النص النظامي ووضوحه يخضع الأمور للمماطلة والاجتهاد غير الموفق أحيانا أو يحجم البعض عن المطالبة بحقوقهم.
جهل المرأة والرجل يجعلهما إما مخطئين في حق أنفسهما أو مضيعين الحقوق لبعضهما. نظام الأحوال الشخصية سيساهم في رسم تلك الحدود.
إنفاق الرجل على زوجته بغض النظر عن حالتها، سيوقف حديث بعض المجتهدين سواء بسوء نية أو حسنها كالمحامي الذي بادر بالتفلسف بوسائل التواصل الاجتماعي حول النفقة دون مستند نظامي مع أن القرآن ومنذ بزوغ فجر الإسلام أقر أن النفقة للرجل، بما فضله الله، وأطرها وحددها بمدى مقدرته على الإنفاق وفق ظروفه المالية، لكن يأتي اليوم من يتكلم ليثير الجدال والزوبعة فيغير القواعد.
المرأة يجب أن تفهم ما لها وما عليها فلا تتنازل عن حقها أو تخطئ في تقدير الأمور وتنسب لنفسها ما ليس لها من حق، وكذلك الرجل، ربما الجذور تبدأ من الصغر والحقوق لكلا الطرفين وأن لا يربى الأولاد بلا توازن وتمييز. وبكوني امرأة وأمّا سأوجه الحديث لبنات جنسي أقول إن تفكير المرأة ومدى وعيها وإدراكها لذلك هو ما يصنع اللبنة الأولى في تكوين الشخصية، فحين تفضل بعض النساء الأبناء من الذكور على أخواتهن بلا سبب ذلك أول مسامير نعش الفرقة، أو تقوم بعض الجدات بالمفاضلة بين الأحفاد بين أبناء الولد وأبناء البنت ما يعد تمييزا بلا مبرر.
هذه ظواهر مجتمعية موجودة وللمرأة دور في تشكيلها. ليست المرأة دوما مقهورة ومظلومة هذا كلام ليس واقعيا، فأحيانا تكون بعض النساء ظالمة أو مستهترة أو غير مبالية حتى بأمومتها كما يحدث من بعض الآباء تماما.
كما أقول للمرأة استفيدي مما يقدم لك من فرص وحقوق، وتعزيز مكانتك وقدرك ولا لردات الفعل السريعة واحتكمي للحكمة وابحثي عما ينفعك.
كلما كانت المرأة أكثر وعيا وثقافة وفهما استطاعت أن تفرق بين ما لها وما عليها وبين الحرية والحريات وبين واجباتها وحقوقها وتثبت جدارتها ولا تنساق لكل ألوان الخداع، فلا تنخدع بكل ما يصلها؛ لسنا في حرب مع الرجال بل هي علاقة توازن.
فلا تعطي أذنها لكل ما تسمع وتنأى بنفسها عن الطرق السطحية لتناول المشكلات، أو لاستهدافها لتكون المستهلك الأول في كل شيء، ولا تنخدع بصورة مشاهير الفضاوة والصفاقة لتسويق النجاح والشهرة بامتلاك مئات الحقائب وعشرات الأحذية..إلخ؛ فتكون هدفا سهلا لاستغلال نقودها أو لتخلّيها عن مبادئها بحثا عن الشهرة والتميز المكذوب والتقليد ولو سلكوا حتى جحر الضب! فتفتخر إحداهن أنها أول سعودية أثارت الجدل! واااو ما هذا الإنجاز، حين خلا الجوهر فرغ اللسان والعقل!
التوازن أصل وقوام العلاقات الإنسانية وأصل التكامل في البناء الاجتماعي.
AlaLabani_1@