الرأي

دعاء الوعي والطموح

ياسر عمر سندي
تحدثت في مقال سابق يوم الخميس الماضي الموافق 3 مارس 2022؛ على هذه الصفحة عن موضوع «من أنتم وماذا قدمتم؟»؛ والذي سلطت الضوء فيه على مفهوم الخدمات الاجتماعية، ودورها الحيوي للمجتمعات، وتقوية نسيجها المترابط؛ للنهوض بمبادرات يقدمها أبناء المجتمع، سواء أكانت فردية أم مؤسسية؛ تنبع من الهاجس الإنساني، والاستشعار الأخوي؛ تجاه الآخرين؛ لتلمس حاجاتهم، والوصول إلى ردم الهوة بين طلب الاحتياجات، وتقديم الخدمات؛ والتي تعتبر من أسمى القربات للمولى عز وجل.

وبما أننا لا نزال في خضم هذه المناسبة الإنسانية الراقية؛ بشهر مارس الجاري، والذي يعتبر شهر الخدمات الاجتماعية، على المستوى العالمي؛ من الضرورة الملحة أن يعرّف كل فرد عن نفسه، وإنجازاته، وماذا قدم لمجتمعه.

يشرفني أن أنتهز هذه الفرصة؛ لأبرز عملا إنسانيا من أعمال الخدمة المجتمعية لتوعية فئة عزيزة على قلوبنا تمثل الشريحة الأكبر على مستوى المجتمع وهم الشباب في وطننا الغالي.

مبادرة «واع وطموح» هي خدمة مجتمعية اقترحتها بداية هذا العام؛ المستشارة الاجتماعية، والأسرية، والناشطة الإعلامية؛ الأستاذة دعاء زهران والتي هدفت من خلالها؛ تنمية، وصقل المهارات، والقدرات الطلابية، والتركيز على الأنشطة، والهوايات، وتغيير العادات السلبية؛ إلى تلك السلوكيات الإيجابية التي يطمح إليها الشباب أنفسهم، ومن ثم الأسر، وبالتالي المجتمع ككل؛ الأمر الذي سيصب في مصلحة الوطن، ورفعته وتحقيق هدف جودة الحياة.

من خلال اطلاعي الشخصي على سير خطوات هذه المبادرة المباركة، ومتابعة مراحلها، وتطوراتها؛ استهدفت في أجندتها المراحل التعليمية من الابتدائية إلى الجامعية، وأيضا ركزت على اختيار الشركاء الوطنيين؛ من منظمات، ومؤسسات عامة، وخاصة؛ لتقديم الدعم اللوجستي بشتى أنواعه للوصول إلى المنفعة المتبادلة.

من وجهة نظري النفسية، والمعرفية؛ أرى بأن هذه المبادرة كما هو واضح من مسماها تقوم على معيارين: أولا الوعي، وثانيا الطموح؛ والتي ترمي إلى تحقيق ثلاثة أبعاد؛ كونها إنسانية في مضمونها، ومجتمعية في هدفها، ووطنية في مجملها؛ لتخريج جيل واعد يرجى منه تحقيق الأهداف المنشودة؛ التي صاغتها الدولة رعاها الله للوصول إلى رؤية 2030.

الشباب من الجنسين في هذه المرحلة الحرجة والتي أسميها فترة التأسيس والبناء للمسؤولية؛ يحتاجون إلى من يرشدهم، ويقودهم إلى مكامن القوة التي يمتلكونها، والتي لا تظهر إلا بمساعدة من يستفز تلك الميزة، ويستخرج إبداعاتها الكامنة؛ ولا يتم ذلك إلا بالتوجيه السليم لمعرفة شخصية كل طالب وطالبة، وتحديد ميولهم المهني والمهاري؛ كالشعر، والأدب، والفنون بمختلف أنواعها، وممارسة الحرف اليدوية؛ لاكتشاف ذلك الجانب الذي يجعل الطلاب فاهمين، ومستبصرين يدركون ما لديهم من قدرات بالتالي؛ تتنامى لديهم المعرفة، وإلى أين سيتجهون في مستقبلهم ويحددون بالتالي تخصصاتهم التي يحبونها، ويعملون من أجلها حتى يتقنونها، وبالتالي يطمحون إلى تحقيقها، ويسعون جاهدين إلى أن يتحول الشغف إلى هدف؛ ومن جانب آخر تقوم هذه المبادرة باستغلال أوقات الفراغ التي تدمر شخصياتهم وتهدر أوقاتهم وجهودهم وأموالهم وتقودهم للتفكير بتجربة ما لا يحمد عقباه من المغريات السلوكية المشينة.

مبدأ المسؤولية المجتمعية إلزامي وليس اختياريا، ملقى على عاتق المجتمع أجمع، من مسؤولين ومختصين اجتماعيين ونفسيين ومن الأفراد والداعمين والجهات والمنظمات الوطنية، للوصول إلى التكامل المجتمعي بتقديم الخدمات الاجتماعية.

مجتمعنا وبجميع أطيافه يحتاج إلى هذا التكاتف والاتفاق على وقفة جادة لفهم مغزى التعافي المجتمعي سلوكيا ومعرفيا، لنقرر أن نكون جميعنا مسؤولين، نطرح مبادرات مستدامة لنصل إلى هذه الفلسفة الإنسانية والوطنية العميقة، ونتوكل على الله بدعاء صادق ووعي متلاحق وطموح واثق.

@Yos123Omar