الرأي

الكتاب العربي تحت أقدام الخمينية الدموية!

أحمد الهلالي
الخمينية في الأوطان العربية ترتدي أقنعة مختلفة، وتظهر زهدها في الحكم السياسي، تحافظ على كمونها الحذر حتى تصنع فرصة ظهورها مكونا وطنيا له حقوقه تحت غطاء المذهب (المظلوم)، وتتوسل بحقوق التمثيل حتى تتبوأ مقعدا في صناعة القرار، ثم حينذاك تكشف عن حضورها، وهي حين تكشف عن حضورها في أي مجتمع عربي، فهي تكشف عن حضور المكوّن المسالم بداية، ثم المكوّن الند مع أنه (دمية) مرتهنة للقرار الفارسي، ثم حين تصل إلى النفوذ تأتي لحظة الكشف عن حضور المهيمن القوي، وهذا بالضبط ما حدث في الحالة اللبنانية، فلم يكن حزب الله شيئا يذكر، لكن دأبه على بناء ذاته أوصله إلى ارتهان قرار لبنان بكل مكوناته اليوم، وتسليم مفاتيحه إلى علي خامنئي رأس الأفعى الخمينية!

في لبنان كشفت الخمينية عن كل أنيابها ومخالبها، وصادرت القرار العربي اللبناني، وأخرجت لبنان عن سياقه العربي بقوة السلاح والترهيب، فمنذ غزو حزب الله لبيروت وحصارها، ثم اغتيال الحريري، ولبنان ترزح تحت الاحتلال الإيراني، وإمعانا في غرز المخلب الفارسي في العين العربية، لم تجد الخمينية مدخلا أبلغ إيلاما للعرب من غزو (الكتاب العربي) في عقر داره الأولى، فلبنان أكثر الأوطان العربية خدمة للكتاب العربي، وارتبطت بيروت بحركة النشر والتأليف من وقت مبكر جدا، وهي تحتضن أهم وأكبر دور النشر العربية، فكان هذا الإرث العربي النقي محرضا للخمينية أن تدنسه تأكيدا على هيمنتها، وتماديها في إيلام العرب، في ظل خنوع المكونات اللبنانية العربية وضعفها!

بحسب شهادات مواطنين لبنانيين عبر المقالات وعبر مواقع التواصل، فإن معرض كتاب بيروت لهذا العام كان فارسيا بامتياز، ازدحمت جنباته بصور ضخمة للإرهابي المجرم قاسم سليماني، وصور رموز الخمينية الأموات والأحياء، وكان حضور الكتاب العربي في وطن الكتاب العربي خجولا متواريا، وآلمتنا مقاطع فيديو لشباب لبنانين عرب استنكروا طمس الهوية العربية، ورفضوا حضور الثقافة الفارسية الدموية، وتلك المقاطع صورت (الخمينية) في حالتها الطبيعية، وهي تبرح المنفعلين ضربا؛ لأن بعضهم قال «لبنان حرة حرة، إيران تطلع بره»، وهو رد فعل طبيعي للأحرار الذين أفاقوا على احتلال (مشرعن)!

اختيار معرض كتاب بيروت لعرض مظاهر الخمينية ورموزها يتخطى المشاركة في فعل ثقافي داخل لبنان، ويتجاوز المجتمع اللبناني ليرسل رسالة مُرة إلى المجتمع العربي بأكمله، فقد أصبحت لبنان محتلة احتلالا تجاوز مصادرة القرار السياسي، إلى احتلال الثقافة، واستبدال الثقافة العربية ورموزها بالثقافة الفارسية، وهو دأب توجهت إليه الخمينية منذ سنوات؛ فقد شاهدنا مقاطع لمدارس ابتدائية يردد طلابها أناشيد عن خامنئي وسليماني، وشبان يرددون النشيد الوطني الإيراني، وشاهدنا شوارع لبنانية رئيسة تزدحم لوحاتها بصور رموز الخمينية الذين سفكوا الدم العربي بوحشية في معظم الأوطان العربية التي وطأتها أفكارهم الإرهابية، وبعد كل هذا لا أستبعد مطلقا أن تستبدل اللغة العربية باللغة الفارسية قريبا!

هذا ديدن الخمينية، لا تترك طريقا تؤذي عروبتنا من خلاله إلا وسلكته؛ لأنها بلغت درجة من الكشف عن ذاتها المتحدية، وترى أنها أصبحت ندا يستطيع مغالبة العروبة، ما ولّد طموحاتها إلى الإزاحة وربما الطمس، وبهذه العقلية، وبضعف المكونات الأخرى أثق تماما بأننا سنرى مظاهر أخرى في البلدان العربية المحتلة، وترتهن الخمينية قرارها السياسي، لكن التعويل على الأحرار والشرفاء في تلك الأوطان أن يبادروا إلى مقاومة الاحتلال، فلا أمل بانكشافه في المستقبل القريب، وستستمر معاناة الشعوب العربية، إن لم يعملوا هم بأنفسهم على تخليص أوطانهم وأجيالهم من هذه الجرثومة الإرهابية الخطيرة!

@ahmad_helali