الرأي

لملم قروشك وانسحب

بسام فتيني
تخيل معي هذا السيناريو الدرامي، شاب في منتصف الثلاثينات من العمر، يعمل في وظيفة حصل عليها بعد تخرجه من الجامعة وتدرج في سُلم الوظائف بعد سنوات حتى حصل على مسمى وظيفي جيد وراتب ممتاز واستقرار تام بسبب التوازن بين دخله ومصاريفه المعيشية العادية، ثم فجأة تواجد بسبب عمله في القطاع المصرفي بمنتدى أو مؤتمر عن ريادة الأعمال ثم وبالصدفة شاهد كيف أن أحدهم يصرخ بهيستيريا على المسرح وبصوت مرتفع وهو يردد:

(اتبع شغفك - طلق وظيفتك - تحرر من عبودية الراتب إلخ إلخ) وغيرها من عبارات تجعل أي موظف قليل خبرة في دهاليز معترك المشاريع الخاصة يتحمس ويقرر أن يرمي الاستقالة في نفس اللحظة ليتبع هذا الدجال بائع الكلام وما أسهل الكلام حين يقال على المسرح!

تحمس أخونا في الله فعلا وتقدم باستقالته ليتبع شغفه المزعوم ثم اصطدم بسلسلة من الطلبات والمتطلبات والرسوم والاستقطاعات وتفنينات موظفي البلديات وطبعا لم يسلم من الغرامات والورطات بسبب انعدام خبرته، وشيئا فشيئا وجد نفسه في دوامة الالتزامات بعد أن انغمس في حفرة المدفوعات والمصروفات مع انعدام الربح والإيرادات ثم إيقاف خدمات ثم خسارة ومحاولة خروج من السوق ثم مديون ثم مجنون ثم (تم إضافة عاطل بنجاح) لقائمة العاطلين المديونين الضائعين!

هذا السيناريو الدرامي قد لا يكون دراميا بل قصة حقيقية يقع فيها الكثيرون بسبب الحديث العاطفي (اللي ما عليه جُمرك) فوق خشبة المسارح وفي ظل انعدام الدور الحقيقي لبعض الغرف التجارية التي تفرغت للبهرجة وتكريم منسوبيها بل وأحيانا توريط قاصديها!

وأختم بقصة حقيقية لسيدة استعانت بدراسة جدوى مصدرها واحدة من هذه الغرف ليكتشف أحدهم أنها دراسة لا تمت للواقع بصلة وأنها (أي السيدة) في ورطة حقيقية لأن المكتوب منفصل عن الواقع ولكل من يدخل في السوق لاعتقاده أن الرحلة وردية والطريق مفروش بالورود... نصيحة اقرأ العنوان جيدا.

BASSAM_FATINY@