تفاعل

نبوءة وطن

ماجد آل هتيلة
تشرق شمس 22 فبراير على وطن المجد الذي تأسس كبيرا وانطلقت الحياة في شرايينه من قلب الدرعية ليغذي الوطن ويأذن بنبوءة وطن وميلاد تاريخ مجيد ويوم استثنائي في دفتي كتب البطولات والمجد بحروف من ذهب، ليكتب الاحتفالية الأولى للوطن بمناسبة تأسيس الدولة السعودية الأولى بقيادة الإمام محمد بن سعود عام 1727م قبل ثلاثة قرون، ليعطي معانيا عظيمة ودلالات راسخة حملتها هوية يوم التأسيس.

ثلاثة قرون عريقة وسمان «من يوم بدينا»، كُتبت من جذور التاريخ، نقشت أمجاد الأبطال، وبنت دعائم الدولة بمداد من شجاعة وصدق، بداية من الدولة السعودية الأولى ثم الثانية لتأتي الدولة السعودية الثالثة المملكة العربية السعودية وما تحقق بفضل - الله عزوجل - الوحدة والأمن والاستقرار والاستمرار في البناء والتوحيد والتنمية تجاوزت من خلالها الدول السعودية على التوالي العقبات الكبيرة والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتعددة، وبقت شامخة لتثبت للعالم بأسره أن تاريخ المملكة العربية السعودية تأريخ متجذر أصيل وعزم ممتد وحدّ أراضيها وجعل من مساحة الوطن تكتسي الاخضرار وتتمدد بالخيرات والنماء لتصبح في مقدمة دول العالم ويشار لها بالبنان بالإنجازات والتطور والنقلة النوعية الكبيرة التي أصبحت بصمة إبهام سعودية في كافة المجالات.

وتثبت المملكة العربية السعودية غير مرة أنها الرقم الأوحد بين الأمم وهي تحتفل بالأحداث والإنجازات المختلفة التي توثق سيرة الأبطال وشموخ التاريخ، فمنذ بزوغ فجر يوم الجمعة 21 جمادى الأول 1351 من «الدرعية» إيذانا بشروق شمس (نجد) المجد، تردد اسم الملك عبدالعزيز نبضا لشبه الجزيرة العربية لتتشكل جينات الوطن الشامخ وملامح البناء العظيم ليُميط اللثام عن ولادة «هي لنا دار» بعقد درّي نفيس طوق أرجائها تجده أنى اتجهت.

فلم يكن يوم التأسيس مجرد رقما عابرا أو يوما في روزنامة الأيام فحسب، بل أضحى شاهد عيان على ملحمة تاريخية وقصة كتبت بنقش نحت في ذاكرة التاريخ لا تطمسه متغيرات الحياة من «رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه» بدءا من الإمام محمد بن سعود عام 1727م، ثم الدولة السعودية الثانية بقيادة الإمام تركي بن عبدالله عام 1824م، ثم تحت راية التوحيد وبقيادة الملك عبدالعزيز –طيب الله ثراه– عام 1902 تشكلت ملامح المملكة العربية السعودية وسم على السواعد، ونقش على البدن احتفاء الأحفاد بمعجزة الأجداد لنصبح جسدا «فيه الوطن روح»، ويأخذ أبناؤه مقاليد زمام الحكم على التوالي في أمن وأمان لنعيش الآن في مكتسبات الوطن بقيادة ملك الحزم الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله - وعراب الرؤية ولي عهده الأمير محمد بن سلمان الذي شكل الرؤية المستقبلية للوطن بكل همه وطموح عال.

ولأن المواطن هو الثروة الحقيقية التي لا تنضب وأن النجاح يعتبر أداء ومعيارا حقيقيا يجب أن نعيّ أن بناء الأوطان يبدأ بالعطاء وأن السواعد تبني مسيرة وحضارة أسوة بالأجداد، والتكاتف جسدا واحدا واليقين بأهمية ثروات الوطن ومكتسباته؛ لأن الوطن والمواطن شركاء النجاح وصنوان للنماء والبناء، فيوم التأسيس لا يتوقف على وقت معين وشعارات ترفرف بل نهر جار لا ينضب معينه من خلال المواطن السعودي والدفاع عن الوطن في شتى المجالات لنرسم تفاصيله ونطرق حكايته بمحاكاة الواقع المزدهر والاعتزاز بالدين والموروث التاريخي على امتداد رقعة الوطن لتفوز الإرادة بحكمة قيادة رشيدة وهمة شعبا توازي قمة «طويق»، وتظهر المعادن النفيسة بخدمة المليك والوطن واجتثاث كل فساد مستشر ومن يحاول عبثا الوقوف في طريق التقدم حجر عثرة ليصبح هؤلاء «نسيا منسيا» في ظل يد العدالة «نزاهة» التي وجدت لتحافظ على مكتسبات الوطن والدفاع عن مقدراته بكل الوسائل، وأن نستشعر نعمة الأمن والأمان –بفضل الله– ومعرفة جهود حُماة النظام والدعاء للمرابطين في ثغور الحد الجنوبي وأرجاء الوطن الممتد وسوره المنيع الذين يبذلون أرواحهم للدفاع عن الحدود بكل بسالة وشجاعة ضد كل عدو ومعتد ليرتد خائبا.

فلا حدود لإنجازات الوطن ولا مدى لفخرنا بتفاصيله، فنكبر ويكبر بنا وفينا أجيالا وأجيال، الأرواح تفديه والعقول تبنيه لنصل إلى قمة المجد بوطن الطموح الذي لا ينتهي قيادة وشعبا ليكون شعارا في كل مناسبة وفرحة وطن نحتفل به في كل عام ونحن نتبوأ الصدارة في الإنجازات والريادة لأنها «هي لنا دار».